محاولة لإجراء تحقيق حول جمعية ثقافية

تكلف صحافي بإنجاز تحقيق حول جمعية ثقافية توقف نشاطها منذ مدة طويلة ولم يفلح مسؤولوها في تنظيم مؤتمر لانتخاب مكتب جديد.
كانت طريقته في إنجاز التحقيقات هي إجراء حوارات مع مختلف الأطراف المعنية، وبعد ذلك يقوم بعملية تحليل وتفكيك الخيوط للوصول إلى نتيجة نهائية.
شرع في الاتصال بمختلف أعضاء الجمعية، بعضهم من داخل المكتب التنفيذي والبعض الآخر من خارجه، لكنهم جميعا، لهم حضورهم الوازن والمؤثر في هذه الجمعية.
اتصل بمسؤول في المكتب التنفيذي، شاعر وباحث أكاديمي يعتز بانتمائه لهذه الجمعية، فكان جوابه سريعا:
“أعتذر عن الإجابة عن هذه الأسئلة أتمنى أن تتقبل اعتذاري”.
اتصل بآخر، وهو من الأشخاص الذين سبق لهم أن ترأسوا الجمعية، فكان جوابه هو الآخر مخيبا:
“شكرا على دعوتك إنما أتلمس منك إعفائي من الإجابة، لأنني لا أريد أن أفقد أصدقاء من الطرفين”.
عضو آخر، شاعر صوفي، قديم في الجمعية، تابع مختلف مراحل تطورها وخبر أسرارها وخباياها، اعتذر عن عدم الإجابة عن أسئلته في الحين بالقول:
“أمهلني سيدي حتى أشفى، فقد أجريت عملية جراحية على العين اليمنى وحين يرفع الطبيب الضمادة عنها ويرى أنها قادرة على النظر، سيجري عملية أخرى على اليسرى. أمطرني بدعواتك الصالحة سيدي حتى تسلم كريمتاي من الظلام”.
وتحدث مع مسؤولة أخرى في الجمعية، وهي كاتبة قصص وروايات، إنسانة جريئة لكنها مقلة في النشر، فكان جوابها بعد انتظار طويل:
“أهلا أخي الكريم، شكرا على التفاتتك يسرني المشاركة، لكنني غير مستعدة حاليا في ما بعد نتواصل مع مودتي”.
أحد الأعضاء، وهو شاعر معروف بأفكاره الثائرة، غاضب على الجمعية، رفض الحديث مطلقا حول هذا الموضوع، مكتفيا بالقول:
“صباح الخير عزيزي، لقد تحدثت كثيرا عن هذه الجمعية في أكثر من مناسبة. لسان حال الجمعية ينطق بالواقع، قم بتأجيل مشاركتي معكم إلى ملف آخر، يمكن أن نتحدث فيه عن الأدب والثقافة. أرجو أن تتقبل اعتذاري صديقي”.
وكان أحد الأعضاء الذي دأب على الحضور من خارج البلاد، خصيصا للمشاركة في بعض أنشطة الجمعية، حاسما في جوابه بالقول:
“شكرا على الدعوة، لكني لا أملك رؤية واضحة بصدد الجمعية، شكرا. أفضل أن لا أجيب بالتوفيق”.
اتصل بإحدى العضوات النشيطات في المكتب التنفيذي للجمعية، وهي كاتبة نصوص نثرية، ترشحت عدة مرات لمنصب الرئاسة، لم تفلح في ذلك، استمرت في المساهمة في تدبير شؤون الجمعية، رحبت به وهي تقول:
“لم أطلع على أسئلتك إلا اللحظة، هل بعثت بها حديثا أم أنها تعود لزمن ولى؟ أرجو أن تخبرني حتى أعرف ما يمكنني فعله”.
سارع إلى التوضيح:
“هذا ملف جديد سيدتي، آمل أن أتوصل بمساهمتك في القريب العاجل”.
أجابت:
“شكرا سأحاول أن أبعث إليك بالأجوبة في نهاية هذا الأسبوع”.
حل الموعد الذي حددته دون أن يتوصل منها بجواب، انتظر مرور أيام أخرى ولما لم يتوصل منها بأي رد، راسلها فكان جوابها:
“أعتذر منك عزيزي، فقد أصيبت والدتي بمكروه من حوالي أسبوع وحملناها إلى المستشفى حيث ترقد حاليا وأنا معها. أعدك بأن أبعث لك مساهمتي عندما يتحسن وضعي”.
شعر بمغص في البطن وبوجع في الدماغ، وصارت تصله أصوات شبيهة برجع الصدى:
“أعتذر عن الإجابة
أرجو أن تتقبل اعتذاري
أتلمس منك إعفائي من الإجابة
أمهلني سيدي
أرجو أن تتقبل اعتذاري
أفضل أن لا أجيب
لا أجيب لا أجيب”
أمسك رأسه بين يديه وهو يقول:
.”صدق من أطلق عليها مهنة المتاعب”
مع ذلك صمم على مواصلة التحقيق.

<عبد العالي بركات

Related posts

Top