مدرسة وطنية معطاءة

على امتداد التاريخ، شكلت العاب القوى وعلى الدوام، علامة فارقة في قيمة الحضور المغربي على المستوى الدولي.
حضور وازن ترجم على مستوى البطولات الكبرى، كالألعاب الأولمبية وبطولات العالم لألعاب القوى، نتج عنه حصد ميداليات من مختلف الأصناف، وتحقيق الألقاب، وتحطيم الأرقام القياسية.
نجوم كبار حقيقة من الجنسين، ذكورا وإناثا، شكلوا وعلى امتداد سنوات طوال، خير سفراء للمغرب، رفعوا علمه عاليا، اسمعوا صوته مدويا، وجعلوا عمله يرفف خفاقا، بشموخ وعنفوان الكبار.
فانطلاقا من عبد السلام الرياضي في الستينات، ومرورا بجيل نوال وعويطة، والسكاح، وبوطيب، حيسو، بولامي وصولا إلى حقبة الكروح، الزين، بيدوان، وغريب، وبنحسي، وايكدير ، وغيرهم، دون أن ننسى أبطال تألقوا في ستينات وسبعينات القرن الماضي ببطولات أفريقية وعربية وجهوية وقارية، كجادور، العوفير ، المعاشي… وأسماء عديدة، كلها أسماء قدمت الكثير، بتواضع ونكران الذات.
بعد هذه الحقبة الذهبية، بكل ما تحمله الكلمة من معنى، حدث تراجع غريب، ولم يعد بالإمكان محافظة ألعاب القوى المغربية، على حضورها الوازن بالمحافل الدولية. تراجع كان جد مؤثر، وغير مقبول وغير منطقي، وله العديد من الأسباب والمسببات.
إلى أن جاء شاب يافع قادم من فاس، اجتهد، قاوم، حسن من قدراته، ليحمل على أكتافه أعباء تمثيل أجيال مختلفة من العدائين الذين سبقوه للمجد والشهرة.
سفيان البقالي العداء الذي تدرج بتفوق عبر كل المراحل، إلى أن اعتلى منصة التتويج، حائزا على الذهب الأولمبي، بمسافة لم نفز من قبل بلقبها، لا الأولمبي ولا العالمي، وهو إنجاز تاريخي، يعزز رصيد العاب القوى المغربية.
والايجابي أن كل هذه الإنجازات التي تحققت جاءت بفضل أطر مغربية مائة في المائة، شكلت مدرسة حقيقية، أكدت تفوقها وقيمتها من خلال إنجاب أبطال وتحقيق نتائج مدوية.
عزيز داودة، عبد القادر قادة، بن الشيخ، عوشار، وصولا إلى كريم التلمساني المشرف حاليا على الجانب التقني للعداء سفيان البقالي، ليتأكد أن الأطر المغربية قادرة على تحقيق المعجزات، إذا توفرت لها الإمكانيات ومنحت الثقة المطلوبة من طرف المسؤولين.
هذه المدرسة الوطنية المعطاء، كان من الممكن أن لا تتوقف عن العطاء خلال السنوات الأخيرة، حيث عانت من تعطيل آلياتها، وتهميش رموزها، وإبعاد كفاءاتها، والنتيجة كما ترون، تراجع خطير، غيب اسم المغرب من على منصات التتويج.
وحده كريم التلمساني، قاوم منفردا، اشتغل بعيدا عن الأضواء، تفادى ما أمكن الضغوطات ومعاول الهدم، ليتمكن من تقديم بطل حقيقى بكل ما في الكلمة من معنى.
هذه المدرسة لابد وأن تعود للاشتغال، كما عهدناها من قبل، والمؤكد أن هذه العودة ممكنة، شريطة إبعاد الجهات التي كانت وراء قتلها مع سبق الإصرار والترصد.

>محمد الروحلي

Related posts

Top