مصالح المغرب أولا

أخيرا ردت الحكومة الإسبانية على الاحتجاجات المغربية، وذلك بعد أن صدرت خمسة بلاغات عن وزارة الخارجية والتعاون بشأن حالات الانزلاق العنصري التي كانت وراءها عناصر من الشرطة الإسبانية عند نقطة العبور بمليلية المحتلة. وجاء على لسان رئيس الوزراء الإسباني، أن علاقات بلاده مع المغرب تحظى ب «الأولوية»، وأن مدريد مستعدة لتقديم «توضيحات للحكومة المغربية حول تصرفات شرطتها…»، ثم أضاف أن «اسبانيا تقترح على المغرب توضيحات وحوارا ومعلومات بشأن هذه التصرفات»، مشددا، في نفس الوقت، على أهمية تطور العلاقات بين الرباط ومدريد، واعتبار المغرب «البلد الجار الذي نتقاسم معه العديد من المصالح والمبادرات المشتركة»…
من دون شك أن تصريحات ثباتيرو بشأن الاعتداءات التي قام بها أمنيون إسبان ضد مغاربة وأفارقة آخرين لم تقل أي شيء بوضوح، لكن نبرة التهدئة واضحة في الخطاب، وأيضا السعي إلى احتواء ما وقع، والحيلولة «دون جعل ذلك عنصر عرقلة أمام تطور العلاقات بين البلدين الجارين».
وفعلا، العقل يدفع في اتجاه تعزيز الحوار بين الطرفين، والانتقال إلى ما يجمع الرباط بمدريد من تحديات ومصالح تتطلب التعاون والعمل المشترك؛ لكن، في نفس الوقت، فإن الاحتجاج المغربي لم يكن نزوة، إنما فرضته وقائع حدثت على الأرض، وأفضت إليه تراكمات، ما  يوجب أن يكون الحديث اليوم صريحا بين الطرفين، ويتوجه إلى عمق القضايا المطروحة في سجل العلاقات الثنائية.
احتلال إسبانيا لسبتة ومليلية يجب أن يبقى دائما في الواجهة، والمغرب لن يقبل أن تفرض مدريد الأمر الواقع في المدينتين المحتلتين.
إن مشكلة إسبانيا الجوهرية تكمن في كون مؤسستها الأمنية والعسكرية باتت محكومة بعقلية ماضوية رجعية لا ترى نفسها إلا كقوة استعمارية، وهذا ما يجعلها دائما تعتبر المغرب والمغاربة مصدر كل شرور إسبانيا وأزماتها.
واليوم، عندما يحتج المغرب، فالمطلوب من الطبقة السياسية الإسبانية أن تفتح أعينها على الواقع، وأن تكف عن وضع  المغرب كتيمة انتخابية للتنافس بين أطرافها.
على إسبانيا، اليوم، أن تدرك أن المغرب يبذل جهودا مهمة لها في مكافحة الهجرة غير الشرعية، وفي محاربة المخدرات وتجارتها، وفي مواجهة خطر الإرهاب، وبالتالي فهو يخدم استقرارها وأمنها الداخلي، وفي العلاقات بين الدول هذه الجهود يجب أن يكون لها مقابل لمصلحة المغرب، أي أن تأخذ مدريد في الاعتبار مصالح المغرب وحقوقه وتطلعاته التنموية.
إنه الشعار المركزي الذي يجب أن تسير عليه اليوم علاقات المغرب مع مدريد.

Top