تنظم المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، بعد غد الاثنين، عدة أنشطة وفعاليات بمناسبة تخليد الذكرى الثالثة بعد المائة لمعركة الهري المجيدة، التي خاض غمارها أبناء قبائل زيان والقبائل المجاورة بقيادة البطل موحى وحمو الزياني، دفاعا عن المقدسات الدينية والثوابت الوطنية والهوية المغربية الأصيلة. وأوضح بلاغ للمندوبية أنه سيتم، بهذه المناسبة، التي تنظم بتعاون وتنسيق مع عمالة إقليم خنيفرة ونشطاء ومنظمات المجتمع المدني والعمل الجمعوي، بالجماعة القروية الهري بإقليم خنيفرة، تنظيم مهرجان خطابي تلقى خلاله كلمات وشهادات تستظهر الأبعاد الوطنية لهذا الحدث التاريخي البارز. كما سيتم تكريم صفوة من قدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، عرفانا بخدماتهم وأدوراهم البطولية دفاعا عن التراب الوطني المقدس، وكذا توزيع إعانات مالية ومساعدات اجتماعية وإسعافات على عدد من المنتمين لأسرة المقاومة وجيش التحرير وأرامل المتوفين منهم من ذوي الاحتياجات المستحقين للدعم المادي والاجتماعي. كما سيتم بالمناسبة، افتتاح فضاء الذاكرة التاريخية للمقاومة والتحرير بمدينة مريرت، وتنظيم لقاء تواصلي مع أسرة المقاومة وجيش التحرير بدار الثقافة ايت سكوكو بمريرت.
تنظم المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، بعد غد الاثنين، عدة أنشطة وفعاليات بمناسبة تخليد الذكرى الثالثة بعد المائة لمعركة الهري المجيدة، التي خاض غمارها أبناء قبائل زيان والقبائل المجاورة بقيادة البطل موحى وحمو الزياني، دفاعا عن المقدسات الدينية والثوابت الوطنية والهوية المغربية الأصيلة. وأوضح بلاغ للمندوبية أنه سيتم، بهذه المناسبة، التي تنظم بتعاون وتنسيق مع عمالة إقليم خنيفرة ونشطاء ومنظمات المجتمع المدني والعمل الجمعوي، بالجماعة القروية الهري بإقليم خنيفرة، تنظيم مهرجان خطابي تلقى خلاله كلمات وشهادات تستظهر الأبعاد الوطنية لهذا الحدث التاريخي البارز. كما سيتم تكريم صفوة من قدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، عرفانا بخدماتهم وأدوراهم البطولية دفاعا عن التراب الوطني المقدس، وكذا توزيع إعانات مالية ومساعدات اجتماعية وإسعافات على عدد من المنتمين لأسرة المقاومة وجيش التحرير وأرامل المتوفين منهم من ذوي الاحتياجات المستحقين للدعم المادي والاجتماعي. كما سيتم بالمناسبة، افتتاح فضاء الذاكرة التاريخية للمقاومة والتحرير بمدينة مريرت، وتنظيم لقاء تواصلي مع أسرة المقاومة وجيش التحرير بدار الثقافة ايت سكوكو بمريرت.
في أجواء الحماس الوطني والتعبئة المستمرة، تخلد أسرة المقاومة وجيش التحرير وساكنة إقليم خنيفــرة يوم غد الاثنيــن، الذكرى الثالثة بعد المائــة لمعركة الهري، التي جسدت أروع صور الكفاح الوطني المستميت الذي خاضه المغاربة في مواجهة حملات توسع الجيوش الأجنبية لبسط سيطرتها على منطقة الأطلس المتوسط سنة 1914، هذه المعركـة التي برهنت بجلاء عن مدى صمود الشعب المغربي في مواجهة الاحتلال الأجنبي على إثر فرض معاهدة الحماية سنة 1912.
فبعدما تم احتلال ما كان يسمى في نظر “ليوطي” ب “المغرب النافع”-السهول والهضاب والمدن الرئيسية، وبعدما تمكن الجيش الفرنسي من ربط المغرب الشرقي بالجناح الغربي من الوطن عبر تازة في ماي 1914، توجهت أنظار الإدارة الاستعمارية نحو منطقة الأطلس المتوسط، وبالضبط صوب مدينة خنيفرة لتطويقها وكسر مقاومتها، في أفق فتح الطريق بين الشمال والجنوب عبر هذه القلعة الصامدة والتي شكلت إحدى المناطق التي اتخذها المقاومون ساحة للنزال للكفاح ضد المستعمر.
وقد تأكدت هذه الخطورة من خلال التصريح الذي أدلى به المقيم العام “ليوطي” حيث قال يوم 2 ماي 1914: “إن بلاد زيان تصلح كسند لكل العصاة بالمغرب الأوسط، وإن هذه المجموعة الهامة في منطقة احتلالنا وعلاقتها المستمرة مع القبائل الخاضعة، يكون خطرا فعليا على وجودنا. فالعصاة المتمردون والقراصنة مطمئنون لوجود ملجإ وعتاد وموارد وقربها من الجيش ومناطق الاحتلال جعل منها تهديدا دائما لمواقعنا، فكان من الواجب أن يكون هدف سياستنا، هو إبعاد كل الزيانيين بالضفة اليمنى لأم الربيع”.
وفي حمأة هذه الظروف العصيبة، انطلقت أولى العمليات العسكرية، وأنيطت مهمة القيادة بالجنرال “هنريس” الذي اعتمد في سياسته على أسلوب الإغراء، حيث حاول التقرب من قائد الجهاد موحى وحمو الزياني، الذي كان يرد بالرفض والتعنت والتصعيد في مقاومته. حينئذ تبين للفرنسيين أن مسألة زيان لا يمكن الحسم فيها إلا عن طريق الحرب الباردة. وبالفعل، فقد بدأت سلسلة من الهجومات على المنطقة، وترك “ليوطي” للجنرال “هنريس” كامل الصلاحية واختيار الوقت المناسب لتنفيذ هجوماته وعملياته العسكرية.
وقد نجحت القوات الاستعمارية في احتلال مدينة خنيفرة، بعد مواجهات عنيفة. إلا أن الانتصار الذي حققته القوات الاستعمارية لم يمكنها من إخضاع موحى وحمو الزياني، الذي عمد إلى تغيير استراتيجية مقاومته، وإخلاء المدينة المحتلة تفاديا للاستسلام والرضوخ للإرادة الاستعمارية وسعيا للاعتصام بالجبال المحيطة بخنيفرة وبالضبط بقرية الهري قرب نهر اشبوكة، وفي انتظار أن تتغير الظروف خاصة وأن أجواء الحرب العالمية الأولى أصبحت تخيم على أوروبا. وفي هذه الظروف والملابسات، تلقى المقيم العام “ليوطي” برقية من الحكومة الفرنسية جاء فيها: “ينبغي في حالة الحرب أن تبذلوا جهودكم للاحتفاظ في المغرب بعدد من القوات لا يمكن الاستغناء عنها، إن مصير المغرب يتقرر في “اللورين”. وينبغي أن يقتصر احتلال المغرب على موانئ الشواطئ الرئيسية إذا كان ممكنا على خط المواصلات خنيفرة، مكناس، فاس، وجدة”.
ما أن ذاع خبر وصول موحى وحمو الزياني إلى قرية الهري حتى سارعت القيادة الاستعمارية إلى تدبير خطة الهجوم المباغت على المجاهدين، غير آبهة بالأبرياء من أطفال وشيوخ ونساء، وفي هذا الوقت، قرر الكولونيل” لافيردير ” القيام بهجوم على معسكر المجاهدين وكان ذلك ليلة 13 نونبر 1914.
لقد تم الإعداد لهذا الهجوم بكل الوسائل الحربية المتطورة وبحشد عدد كبير من الجنود. وفي هذا السياق، يشير الأستاذ محمد المعزوزي إلى قيام المحتل الأجنبي بتنفيذ خطته يوم 12 نونبر 1914 حيث تحرك بأربع فرق تضم 1300 جنديا، معززة بالمدفعية، وتوجه إلى معسكر الهري حيث قام بهجوم مباغث على الدواوير ومكان المجاهدين.
لقد كان الهجوم على معسكر القائد موحى وحمو الزياني عنيفا، حيث بدأ في الساعة الثالثة صباحا وتم تطويق المعسكر من أربع جهات في آن واحد، ليبدأ القصف شاملا، حيث قذفت الخيام المنتصبة التي تضم الأبرياء، وقام الجنود بأمر من “لافيردير” بمهاجمة القبائل المحيطة بالقرية، فيما استغل البعض الآخر الفرصة لجمع القطيع الموجود من الأغنام والأبقار ولاختطاف النساء موهما بالانتصار على المجاهدين.
وانتشرت الآلية العسكرية للقوات الاستعمارية وقامت باكتساح الجبل لتمشيطه من المقاومة، وبذلك تحولت منطقة الهري الى جحيم من النيران، وسمعت أصوات الانفجارات في كل المناطق المجاورة، وظن قائد الحملة العسكرية على الهري أن النصر صار حليفه، وأنه وضع حدا لمقاومة موحى وحمو الزياني والمجاهدين.
غير أنه أصيب بخيبة أمل حينما فوجئ برد فعل عنيف من طرف المقاومين ليدرك أنه ألقى بنفسه وبقوته في مجزرة رهيبة ودوامة مغلقة لا سبيل للخروج منها.
وبالفعل، فقد كان رد المقاومة عنيفا حيث زاد عدد المقاومين بعد انضمام سائر القبائل الزيانية والمجـاورة لها وهـي قبائــل اشقيـرن، آيت اسحـاق، تسكـارت، أيت احند، ايت يحيى، آيت نوح، آيت بومـزوغ، آيت خويا، آيت شارط وآيت بويشي، وتم استخدام كل أساليب القتال من بنادق وخناجر وفؤوس، وقد تحمست كل هذه القبائل لمواجهة المحتل للثأر لنفسها ولزعيم المقاومة موحى وحمو الزياني، وأبانت عن روح قتالية عالية، ومما زاد من دهشة القيادة الاستعمارية، الحضور المكثف والسريع للقبائل رغم المسافات التي تفصل بينها.
لقد كانت أرض الهري من أكبر المقابر العارية لقوات الاحتلال، حيث قدرت خسائر القوات الاستعمارية ب: 33 قتيلا من الضباط، و580 قتيلا من الجنود، و176 جريحا، وغنم المقاومون 3 مدافع كبيرة و10 مدافع رشاشة وعددا كبيرا من البنادق، كما قام موحى وحمو الزياني في 16 نونبر 1914 أي بعد مرور ثلاثة أيام على معركة الهري بتصديه بفرقة مكونة من 3000 مجاهد لزحف العقيد “دوكليسيس” الذي كان قادما من تادلة لنجدة ولإغاثة ما تبقى من الجنود المقيمين بخنيفرة، وكبده المجاهدون خسائر فادحة في الأرواح والعتاد.
وهكذا، شكلت هزيمة الهري نقطة سوداء في تاريخ الاستعمار الفرنسي لشمال افريقيا، في حين خلفت بصمات مشرقة في تاريخ المغرب المعاصر. وفي هذا الصدد، كتب الجنرال “كيوم” أحد الضباط الفرنسيين الذين شاركوا في الحملة على الأطلس المتوسط في مؤلفه “البربر المغاربة وتهدئة الأطلس المتوسط 1912 – 1933” يقول: “لم تمن قواتنا قط في شمال إفريقيا بمثل هذه الهزيمة المفجعة”.
وتحل الذكرى الثالثة بعد المائة لمعركة الهري كلحظة تاريخية للتأمـل والتدبـر في مسلسـل الكفـاح الوطني من أجل الحريـة والاستقـلال وتحقيق الوحدة الترابية، في سياق نضالي شامل ومتكامـل بين القمة والقاعدة.
والمناسبة سانحة كذلك ونحن نخلد هذه الذكرى، لنستحضر مقتطفا من خطاب جلالة الملك محمد السادس يوم 6 نونبر 2017، بمناسبة الذكرى 42 للمسيرة الخضراء، حيث أكد جلالته “أن لا حل لقضية الصحراء المغربية خارج سيادة المغرب الكاملــة على صحرائه، ومبادرة الحكم الذاتي”، ومشددا على التزام المغرب “بالانخراط في الدينامية الحالية، التي أرادها معالي السيد Antonio Guterres، الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة، وبالتعــاون مع مبعوثه الشخصي، في إطار احتـرام المبادئ والمرجعيات الثابتـة، التي يرتكز عليها الموقف المغربي، ومن بينها :
• أولا : لا لأي حل لقضية الصحراء، خارج سيادة المغرب الكاملة على صحرائه، ومبادرة الحكم الذاتي، التي يشهد المجتمع الدولي بجديتها ومصداقيتها.
• ثانيا: الاستفادة من الدروس التي أبانت عنها التجارب السابقة، بأن المشكل لا يكمن في الوصول إلى حل، وإنما في المسار الذي يؤدي إليه.
لذا، يتعين على جميع الأطراف، التي بادرت إلى اختلاق هذا النزاع، أن تتحمل مسؤوليتها كاملة من أجل إيجاد حل نهائي له.
• ثالثا : الالتزام التام بالمرجعيات التي اعتمدها مجلس الأمن الدولي، لمعالجة هذا النزاع الإقليمي المفتعل، باعتباره الهيأة الدولية الوحيدة المكلفة برعاية مسار التسوية.
• رابعا: الرفض القاطع لأي تجاوز، أو محاولة للمس بالحقوق المشروعة للمغرب، وبمصالحه العليا، ولأي مقترحات متجاوزة، للانحراف بمسار التسوية عن المرجعيات المعتمدة، أو إقحام مواضيع أخرى تتم معالجتها من طرف المؤسسات المختصة”.