مناهضو عقوبة الإعدام في…مدريد

اليوم تنطلق في العاصمة الاسبانية مدريد، أشغال المؤتمر العالمي الخامس من أجل إلغاء عقوبة الإعدام، بمشاركة عشرات المناضلين الحقوقيين والخبراء والفاعلين السياسيين والجمعويين والبرلمانيين، وضمنهم مغاربة، وذلك بغاية التفكير في خطط عمل وبرامج من شأنها تطوير مسار إلغاء عقوبة الإعدام عبر العالم.
ويرتقب أن يحضر مؤتمر مدريد أزيد من ألف مشارك، من 90 بلدا من القارات الخمس، كما أن مجموعة الدعم للتعبئة السياسية، أي(المجموعة السياسية)، التي تضم وزراء ومسؤولين من اللجنة الدولية لمناهضة عقوبة الإعدام، تعتزم تأمين تمثيل سياسي قوي وبارز للمؤتمر، ذلك أن لقاء مدريد يندرج ضمن الإستراتيجية السياسية الدولية الهادفة إلى تكثيف الجهود بين الحكومات ومنظمات المجتمع المدني من أجل القضاء على عقوبة الإعدام.
ومن المقرر أن يتركز اهتمام المؤتمرين على البلدان العربية وإفريقيا، خاصة أن رياح ما بات يعرف ب (الربيع العربي) لم تنجح في توسيع قائمة البلدان التي ألغت العقوبة القصوى في المنطقة.
وطبيعي، أن الأنظار ستتوجه خلال هذا المؤتمر إلى المغرب، ليس فقط من خلال حجم المشاركة المغربية في أشغاله وتنوعها، أو من خلال التجربة الكبيرة لمنظمات المجتمع المدني على هذا الصعيد، وإنما أساسا من خلال دينامية المسار السياسي والديمقراطي المغربي، والذي يجعل المملكة البلد العربي والإفريقي الأكثر تأهيلا للإقدام على خطوة إلغاء عقوبة الإعدام من تشريعاته، والانضمام إلى المقتضيات الأممية ذات الصلة.
إن المغرب لم يوقف فقط أوقف تنفيذ الإعدام منذ سنوات، وإنما توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة تتضمن التأكيد الواضح على الإلغاء، كما أن الدستور الجديد جاء منتصرا للحق في الحياة، فضلا على أن التأييد السياسي صار يتوسع أكثر فأكثر داخل الطيف الوطني، وكل هذا لا يجب أن يقود منطقيا سوى إلى الإلغاء، وليس إلى التحفظ غير المفهوم للمملكة في كل اجتماع أممي حول الموضوع.
لقد سبق أن قلنا هنا ولمرات كثيرة، بأن إعلان إلغاء عقوبة الإعدام من لدن الحكومة الحالية سيكون إشارة رمزية قوية حول متانة الاختيار الوطني المنتصر لقيم حقوق الإنسان والحياة والديمقراطية، تماما مثل إشارات أخرى ترتبط بحقوق الإنسان والمساواة والثقافة والفنون والانفتاح والحداثة، وهي خطوات لا تتطلب سوى بعض شجاعة، وذكاء واستحضار كبير للعقل ولبعد النظر.

Top