من مداخلات المجموعة النيابية لحز التقدم والاشتراكية خلال الجلسة التشريعية العامة المنعقدة بمجلس النواب

شددت رئيسة المجموعة النيابية للتقدم والإشتراكية عائشة لبلق، خلال مناقشة التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات لسنتي 2016-2017 ، على أن التصدي للفساد المالي والإداري يمر عبر الانخراط الفعال لكل مؤسسات الرقابة بالمسؤولية اللازمة والشفافية المطلوبة. من حانبها، وخلال الجلسة التشريعية العامة المنعقدة بمجلس النواب يوم الأربعاء 12 دجنبر 2018، أبرزت النائبة سعاد الزيدي، 

في مناقشة تقرير لجنة مراقبة المالية العامة حول صندوق التماسك الاجتماعي،  أهمية التماسك الاجتماعي، كمدخل رئيسي لضمان الاستقرار الاجتماعي. فيما يلي النص الكامل لداخلتي النائبتين.

             *عائشة لبلق: التصدي للفساد المالي والإداري يمر عبر الانخراط الفعال لكل مؤسسات الرقابة بالمسؤولية اللازمة والشفافية المطلوبة
السيد الرئيس،
السادة الوزراء،
السيدان الوزيرين،
السيدات والسادة النواب،
يشرفني أن أساهم باسم المجموعة النيابية للتقدم والاشتراكية، في مناقشة التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات لسنتي 2016 و2017 والذي تفضل بتقديمه السيد الرئيس الأول للمجلس، أمام عضوات وأعضاء البرلمان بغرفتيه، تطبيقا للمضمون الدستوري الذي يحرص على تنظيم العلاقة بين المؤسسات الدستورية، وعلى رأسها العلاقة المتميزة بين المجلس الأعلى للحسابات ومجلسنا الموقر، على أمل أن يمتد هذا التعاون إلى كل مؤسسات الحكامة.
وهي مناسبة، نقف فيها على المجهودات المبذولة من طرف قضاة المجلس الأعلى للحسابات، والمجالس الجهوية للحسابات، في تفكيك منظومة تدبير المالية العمومية ومدى انعكاسها على ربح رهان النجاعة والحكامة في تدبير المالية العمومية ببلادنا.
مناسبة ندعو فيها أيضا المجلس الأعلى للحسابات إلى توسيع مهامه الرقابية لتشمل مختلف أوجه صرف المال العام لكل القطاعات والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية، وفق خطة رقابية ومنهجية واضحة المعالم.
إن الخلاصات الواردة في هذا التقرير تعطينا تشخيصا عن الجوانب الأساسية لتطوير المالية العمومية والتدابير التي اتخذتها الحكومة في مجالات أساسية من قبيل المديونية العمومية وتقليص عجز الميزانية وديمومة أنظمة التقاعد وتحديث الإدارة والصحة والفلاحة والتعليم والصناعة وغيرها من المجالات الحيوية.
السيد الرئيس؛
إن المعطى الجوهري الأول الذي يمكن استخلاصه، هو أن هناك مجهودات كبيرة بذلت من أجل تحسين أداء الاقتصاد الوطني عبر اتخاذ رزمة من الإجراءات والتحفيزات إلا أنها لم تكن أحيانا موفقة وتؤدي إلى النتائج المتوخاة.
بحيث أننا في المجموعة النيابية للتقدم والاشتراكية سجلنا، وهذا معطى كنا ولا نزال نثيره بحرص شديد، أن تحسن المؤشرات الاقتصادية والمجهودات المالية لا تنعكس بالضرورة على تحسين الأوضاع الاجتماعية و المعيش اليومي رغم تعدد البرامج الاجتماعية والأغلفة المالية المرصودة لها.
فكما جاء في التقرير، فإن الوضعيات المالية والتدبيرية للعديد من القطاعات الحيوية والمؤسسات العمومية، والمخططات الاستراتيجية تعرف عدة نقائص واختلالات ولم تسجل التحسن المنتظر منها، ومن القطاعات التي نالت نصيبها في تقرير المجلس الأعلى للحسابات كما في باقي التقارير السابقة، قطاع الصحة الذي على غرار باقي القطاعات الاجتماعية الأخرى، يعاني أكيد، من مجموعة من الاختلالات، ولكن للإجابة على أسئلة الحكامة وتوفير الخدمات الصحية وحسن تدبيرها وضمان الولوجية إليها ومدى جودتها، ألم يكن من الأفيد أن يفيدنا التقرير بمدى قدرة الاعتمادات المالية المرصودة لهذا القطاع للاستجابة لحجم الطلب المتزايد وتدارك النقائص والخصاص المتراكم لسنوات بل لعقود من الزمن؟
السيد الرئيس؛
وبالنظر إلى الإمكانيات المالية المهمة التي ترصد منذ سنوات لتمويل الاستراتيجيات القطاعية كمخطط المغرب الأخضر والمخطط الأزرق ومخطط التسريع الصناعي وغيرها من المخططات بغية تقوية القدرات الإنتاجية لاقتصادنا الداخلي، وتعزيز تموقع المغرب في الأسواق الدولية.
ألم يحن الوقت إلى إجراء تقييم شامل، موضوعي وهادئ، لكل هذه المخططات، خاصة مخطط المغرب الأخضر، باعتباره استنفذ العمر الافتراضي للتقييم، أكيد سيتم خلال هذا التقييم ترصيد المكتسبات المحققة نتيجة تراكم عمل وسياسات حكومات متعاقبة على امتداد عقود، ومنذ الإصلاح الزراعي في الستينيات من القرن الماضي، فيما كان يسمى آنذاك بالثورة الخضراء، والتي كان هدفها تأمين الأمن الغذائي، إلى حين اعتماد المخطط الأخضر، ولكن اكيد ترصيد هذه المكتسبات، ولكن أساسا سيقدم مخرجات لمعالجة التباين الصارخ بين دعامتي هذا المخطط.
السيد الرئيس؛
أعطى المجلس الأعلى للحسابات أهمية خاصة كذلك لقطاع التعليم ورصد مختلف الاختلالات البنيوية التي تعوق التطور نحو الإصلاح الحقيقي.
وعلاقة بذلك، وكما ورد في التقرير، عاق غياب المعلومات الدقيقة والمضبوطة حول البرنامج الاستعجالي، استكمال مهمة تقييم هذا البرنامج الذي رصدت له أموال طائلة، واكتفى المجلس باستخراج بعض الخلاصات الواردة في التقييم الذي أجراه المجلس الأعلى للتربية والتكوين سنة 2008 والذي خلص إلى غياب الرؤية المؤطرة، وهو ما أفقد بلادنا إمكانيات هامة وفوت عليها فرصة الخروج من دوامة “إصلاح الإصلاح”.
السيد الرئيس؛
لقد بادرت الحكومة إلى إصلاح أنظمة التقاعد، بشكل جزئي واتخذت مجموعة من التدابير لكنها أبانت عن محدوديتها.
وفي هذا الصدد، وانطلاقا من أن الهاجس الاجتماعي ينبغي أن يكون المحدد الأساس لأي تدبير وأي سياسة عمومية، ندعو الحكومة إلى التعامل مع إصلاح أنظمة التقاعد بمقاربة غير مرهونة باعتبارات مالية ومحاسباتية صرفة، إصلاح يسعى إلى تحقيق الحماية الاجتماعية والعدالة الاجتماعية.
وختاما، إننا في المجموعة النيابية للتقدم والاشتراكية، نعتبر أن التصدي للفساد المالي والإداري يمر لزاما عبر الانخراط الفعال والصادق لكل مؤسسات الرقابة بالمسؤولية اللازمة والشفافية المطلوبة، من خلال إعمال آليات الرقابة، المساءلة والمحاسبة، على الشأن العام وعلى المال العام والاحتكام لحكم القانون، لسيادة القانون.
وشكر لحسن إصغائكم
                 *النائبة سعاد الزيدي: التماسك الاجتماعي مدخل رئيسي لضمان الاستقرار الاجتماعي
السيد الرئيس؛
السيدات والسادة الوزراء؛
السيدات والسادة النواب؛
يشرفني أن أتناول الكلمة باسم المجموعة النيابية للتقدم والاشتراكية، في هذه الجلسة العامة المخصصة
لمناقشة تقرير لجنة مراقبة المالية العامة حول صندوق التماسك الاجتماعي، وهي الجلسة التي تدخل في إطار تقليد دستوري، يكرس آليات التعاون والتفاعل بين المؤسسات الدستورية.
وقبل تناول مساهمة مجموعتنا النيابية في مناقشة التقرير الذي بين أيدينا، أود أن أتقدم بالتحية الصادقة للسيدة
والسادة الوزراء المشرفين على القطاعات الحكومية التي كانت موضوع تقرير هذا الصندوق، على تجاوبهم
ومساهمتهم القيمة وكذا على تفاعلهم الإيجابي مع التوصيات المقدمة من قبل اللجنة الموقرة، إلى جانب
السيدات والسادة النواب، في إعداد هذا التقرير على ضوء تقرير المجلس الأعلى للحسابات وعلى ضوء
عروض القطاعات الوزارية المعنية المشار إليها.
السيد الرئيس؛
قناعتنا راسخة في المجموعة النيابية للتقدم والاشتراكية بأهمية موضوع التماسك الاجتماعي، باعتباره مدخلا رئيسيا للاستقرار الاجتماعي وآلية من الآليات الفعالة لتوزيع الثروة، علاوة على كونه دعامة من دعامات الأمن والحماية الاجتماعيين.
وانطلاقا من هذه القناعة فالكل يجمع اليوم على تعثر البرامج الاجتماعية الممولة من طرف صندوق التماسك الاجتماعي، ومحدودية وقعها الاجتماعي على الأسر المعنية بهذه البرامج، بالرغم من الكلفة المالية الضخمة المخصصة لها، وذلك لافتقارها إلى ثلاثة عناصر أساسية على الأقل، والمتمثلة في تحديد الأهداف المتوخاة من هذه البرامج بشكل قبلي، وتحديد الفئات المستهدفة بناء على معايير موضوعية وشفافة، ثم تحديد مصادر للتمويل بشكل دائم وقار.
السيد الرئيس؛
إن التشخيص الواقعي والموضوعي للبرامج الاجتماعية التي تم تمويلها من صندوق التماسك الاجتماعي، يفرض إجراء تقييم شمولي وعاجل لها في كليتها، وليس بناء على عدد المستفيدات والمستفيدين منها، بل بناء على الأثر الذي يمس ظروف عيش الأسر المعنية، وعلى أساس الكلفة المالية المخصصة لهذه البرامج مقابل الوقع الاجتماعي والمعيشي، وعلى قياس مؤشرات التنمية البشرية التي تسجل مع الأسف بلادنا تراجعات على الصعيد العالمي بشأنها.
ومن الإشكاليات التي لا تزال تعيق تطور هذه البرامج كذلك، إشكالية تعدد المتدخلين والبرامج التي يمولها الصندوق، والتي تستهدف فئات اجتماعية مختلفة في مجمل تراب المملكة، لذلك يتعين وضع استراتيجية لتنزيل برامج دعم التماسك الاجتماعي وفق رؤية موحدة بين جميع المتدخلين، واعتماد “مقاربة التعاقد” وتفعيل ابرام اتفاقيات الشراكة مع كل متدخل على حدة لضمان وضبط مجال كل متدخل وترتيب الجزاءات في حالة الاخلال بالالتزامات، وهو الأمر الذي من شأنه ترشيد العمليات والنفقات، من خلال ضمان النجاعة وفعالية هذه البرامج ومدى تحقيقها للأهداف، والحرص على ضمان الشفافية والنزاهة وربط المسؤولية بالمحاسبة، وكذا تفعيل آليات التتبع والتقييم والمراقبة وتحسين الحكامة في تدبير الأرصدة المالية المخصصة للصندوق.
إن الإجراءات والتدابير التي اتخذتها الحكومة، ومن أجل الجواب على سؤال الاستهداف، هي المبادرة إلى وضع سجل اجتماعي واحد وموحد، كمرجع في تحديد الفئة المجتمعية المستهدفة، والذي يتعين أن يقوم على استهداف الأسر وليس الافراد، وتدقيق الوضعية من أجل أن تكون واضحة وقابلة للقياس عبر معايير مرنة تأخذ بعين الاعتبار تطورات نمط عيش الأسر المعنية بالاستهداف، مع ضرورة تحديد هذه الأسر المستهدفة بشكل موضوعي وتجنب استعمال الشطط في السلطة والاستهداف السياسوي.
السيد الرئيس؛
إن الحكومة مطالبة بأن تجعل السياسات العمومية في المجال الاجتماعي، ضمن إطار مخطط متكامل يتجاوز النظرة الفئوية الاجتماعية المحدودة، واعتماد تصور شامل يدمج كل القطاعات المعنية ويأخذ بعين الاعتبار الالتقائية الواجب قيامها بين الفاعلين المعنيين بهذا الملف، والتي ستكون من التزاماتها البحث عن مصادر جديدة للموارد، تكون قارة لضمان ديمومة خدمات صندوق التماسك الاجتماعي.
تلكم السيد الرئيس هي أهم ملاحظاتنا واقتراحاتنا ذات الصلة بتقرير اللجنة الموقرة.
وشكرا لكم على الإصغاء
> محمد بن اسعيد : مجلس النواب

Related posts

Top