وانطلق العداد..

بعد مصادقة مجلس النواب أول أمس الخميس على البرنامج الحكومي، تكون الحكومة الجديدة، برئاسة عبد الإله ابن كيران، قد استكملت شروطها الدستورية لتمارس صلاحياتها وتصبح مسؤولة عن أعمالها أمام البرلمان.
ولعل أبرز ما أوضحته لنا جلسة التصويت هو حضور نائبات ونواب فرق الأغلبية وانضباطهم في التصويت، ما منح الحكومة أغلبية مريحة كانت متوقعة على كل حال، وأكد وجود تحالف حقيقي يعكس قناعة مكوناته الحزبية وانخراطها الواعي والمسؤول في التجربة الجديدة.
وإذا أضفنا إلى هذا الحضور، أيضا حضور نائبات ونواب فرق المعارضة، مع تسجيل وجود تغيبات وصل عددها إلى 42 برلمانيا، فإن نسبة الحضور مع ذلك كانت مهمة بالقياس مع ما كانت تسجله جلسات مجلس النواب سابقا، والتحدي اليوم يوجد في تأمين استمرارية حضور «ممثلي الأمة» في الجلسات وفي اللجان، وأيضا تطبيق القانون في حق المتغيبين بدون عذر.
المؤشر الثاني الذي أبرزته جلسة الخميس، يتعلق بتجديد رئيس الحكومة تأكيده على العديد من الالتزامات التي تضمنها البرنامج الحكومي، كما رد على انتقادات فرق المعارضة  بكثير من الإصرار والالتزام  والوضوح، وأيضا بدعوتها إلى الحرص الجماعي على إنجاح التجربة الديمقراطية المغربية الجديدة، كما حثها على الاضطلاع كمعارضة برلمانية بأدوارها كاملة، خاصة وأن الدستور الجديد اعترف لها بكثير من الحقوق والصلاحيات في المجال الرقابي والتشريعي.
وانطلاقا من المؤشرين المذكورين، فإن الرهان اليوم هو من جهة أن تحافظ الأغلبية على انسجامها وتنسيقها وعلى تطبيق مقتضيات الميثاق الذي وقعته مكوناتها، ومن جهة أخرى أن تبرز المعارضة قوتها وجديتها، وحرفية عالية في أدائها، ما سينتقل بمؤسستنا التشريعية إلى مستوى أكثر تطورا في عملها، وفي إنتاجيتها.
وبالنسبة للحكومة، فقد انطلق العداد اليوم لتقييم عملها، ومن ثم فهي مطالبة بجعل إشاراتها وإجراءاتها وإيقاع عملها واضحة وملموسة من الآن لدى الناس، وبالتالي تفادي الإحباط والخيبة.
لقد رافق شعبنا تشكيل هذه الحكومة بكثير من الآمال والتطلعات، كما أن أسلوب التواصل والخطاب الذي اعتمده رئيس الحكومة أثناء تقديم البرنامج الحكومي وخلال الرد على تدخلات الفرق البرلمانية جعل اللغة قريبة من الناس، والمضامين مفهومة وجلية وجاذبة للانتباه، وإذا نجحت الحكومة في ربط الإنجاز الفعلي لالتزاماتها بنجاعة التواصل مع الشعب، وبمنظومة سلوكية مختلفة، فإن ذلك سيقدم خدمة كبيرة لبلادنا ولمسارنا الديمقراطي، من خلال إعادة الاعتبار للسياسة، ولانشغال المغاربة بها وبشؤون بلادهم وبمستقبلها.
إلى العمل إذن.
[email protected]

Top