60 ألف طفل مغربي يشتغلون مقابل 600 ألف قبل 40 سنة

محمد توفيق امزيان
قال عبد السلام الصديقي، عضو الديوان السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ووزير التشغيل والشؤون الاجتماعية إن قضية حقوق الطفل من القضايا الأساسية التي تدخل في صلب اهتمامات حزب التقدم والاشتراكية باعتبارها قضية أساسية وجزءا لا يتجزأ من حقوق الإنسان التي تعتبر من ركائز هوية الحزب ومن القيم التي يدافع عنها.
وتطرق الصديقي، في كلمة له خلال افتتاح أشغال اللقاء الدراسي الذي نظمه فريق التقدم الديمقراطي بشراكة مع منظمة الطلائع-أطفال المغرب بمقر البرلمان، مساء أول أمس الثلاثاء، حول حقوق الطفل بين التشريعات الوطنية والمواثيق الدولية، لحقوق الطفل في علاقة بالمشروع المجتمعي لحزب التقدم والاشتراكية الذي يضع في صلبه الاهتمام بقضايا الفئات الهشة ضمنها الطفولة المغربية، وطرح إشكالية تشغيل الأطفال وسبل القضاء عليها، مشير إلى أن المغرب وقع على عدة اتفاقيات دولية منها ما ينص على عدم استغلال الأطفال في الشغل وغيرها.
 وأبرز عبد السلام الصديقي جهود المغرب في معالجة هذه الإشكالية، من خلال عدة آليات، منها وضع إلزامية التحاق الأطفال بالمدرسة، في إطار محاربة الهدر المدرسي الذي يؤدي بشكل مباشر لاستغلال الأطفال في أوراش التشغيل، مسجلا أن عدد الأطفال المشغلين دون سن 15 سنة، انتقل من 600 ألف طفل خلال سبعينيات القرن الماضي إلى ما يقل عن 60 ألف مع بداية الألفية الجديدة.
ودعا  الصديقي إلى تضافر الجهود بشكل أكبر بين جميع المؤسسات للقضاء على هذه ظاهرة تشغيل الأطفال، مؤكدا على أن الاستثمار الحقيقي اليوم هو الاستثمار في الطفولة من خلال تعليمها وتوعيتها وحفظ حقوقها، وذلك من أجل مستقبل أفضل، على اعتبار أن الأطفال هم عماد المستقبل.
أكد رشيد روكبان رئيس فريق التقدم الديمقراطي بمجلس النواب، على أن المغرب قطع أشواط مهمة في ما يتعلق بحقوق الطفل، خاصة في الجانب المتعلق بملاءمة التشريعات الوطنية مع المواثيق الدولية.
وأضاف روكبان أن المغرب من خلال توقيعه على مجموعة من الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الطفل منها اتفاقيات 1993 بنيويورك، والبروتوكولات الاختيارية الملحقة بها والتي تهم على الخصوص  استغلال الأطفال في الإعلانات الإباحية وإقحام الأطفال في النزاعات المسلحة وبرتوكول تقديم البلاغات، بات أول بلد عربي وإفريقي يعزز حقوق الطفل بما يتماشى مع المواثيق الدولية.
 وأوضح رئيس فريق التقدم والديمقراطي، خلال هذا اللقاء الذي أدرته النائبة البرلمانية رشيدة الطاهري عضوة فريق التقدم الديمقراطي بمجلس النواب، أن المغرب قام بتعزيز مكانة الطفل من الناحية المؤسساتية وذلك بإحداثه للمرصد الوطني لحقوق الطفل وبرلمان الطفل إضافة إلى الآلية الجديدة التي أقرها الدستور والمتمثلة في المجلس الاستشاري للأسرة والطفولة.
 لكن هذه الخطوات، يضيف المتحدث، تبقى غير كافية للنهوض بأوضاع الطفولة المغربية، وأن ما هو موجود في التشريعات والقوانين يبقى بعيدا عن الممارسة على الواقع، طارحا، في السياق ذاته، عدة إشكالات تتعلق بحقوق الأطفال التي يجب العمل على حلها خاصة تلك المرتبطة بإصلاح منظومة القانون الجنائي.    
ومن جهته، قال محمد حجيوي نائب رئيس منظمة الطلائع أطفال المغرب، إن منظمة الطلائع هي منظمة تربوية ذات منشأ حقوقي تعنى بحقوق الطفل وبقضايا الطفولة المغربية، مضيفا أن المنظمة، منذ مؤتمرها الأول، الذي انعقد في بداية تسعينات القرن الماضي، والذي كان شعاره “حقوق الطفل رهان المستقبل”، راهنت على الدفاع عن قضايا الطفل والترافع بخصوصها لدى مختلف الفاعلين المؤسساتيين حول قضايا الصحة والتعليم والترفيه وغيرها من القضايا.
وأشار حجيوي إلى أن المنظمة انتقلت في الفترة الأخيرة إلى الاشتغال على الجيل الجديد من حقوق الطفل والمرتبط بمجال الحماية أو الحق في الحماية من كل أنواع الاستغلال، وأطلقت العديد من الحملات الوطنية منها على الخصوص الحملة التي أطلقتها المنظمة لمحاربة تشغيل الأطفال في المعامل السرية والورشات الصناعية، والحملة الوطنية لمحاربة العنف ضد الأطفال وفي مقدمته العنف الجنسي.
كما تطرق المتحدث إلى النداءات التي أطلقتها المنظمة والرسائل التي بعث بها إلى الأمين العام للأمم المتحدة حول الزج بالأطفال في النزاعات والحروب، كما راسلته بشأن أطفال مخيمات تندوف الذين تنتهك حقوقهم في العيش الكريم.
 وقال نائب رئيس منظمة الطلائع أطفال المغرب، في ختام كلمته، “إن منظمة الطلائع تدعو وبإلحاح إلى وضع سياسة متكاملة لحماية الأطفال من الاستغلال وصياغة التدابير والآليات وتوفير الموارد اللازمة لإعادة إدماج ضحايا ظاهرة تشغيل الأطفال ونهج حملات تحسيسية لفائدة الآباء وتنبيههم بالمخاطر التي تحملها الظاهرة، وذلك في إطار الالتزامات التي تعهد بها المغرب حكومة وهيئات المجتمع المدني أمام الآليات الدولية لحقوق الإنسان”.
وعن وزارة التنمية الاجتماعية والمرأة والاسرة والتضامن قال محمد آيت عزيزي “إن قضايا حقوق الطفل من القضايا التي تحظى بالأولوية واهتمام الحكومة” مبرزا المجهودات الحكومية المبذولة في مجال النهوض بأوضاع الطفولة المغربية.
من جانبه قال جمال السحيمي “إن وزارة الشباب والرياضة عازمة على تقوية التعاون والشراكة بين باقي الهيئات من أجل ملائمة عمل مؤسسات الطفولة، التي تقع تحت مسؤولية الوزارة، مع مقتضيات المواثيق الدولية وتنفيذ التزامات المغرب في هذا المجال في احترام تام لاتفاقية حقوق الطفل التي صادق عليها المغرب سنة 1993”.
بدوره أبرز عبد العزيز قراقي ممثل المندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان أن المغرب حقق تطورا المستوى الدولي فيما يتعلق بالاتفاقيات الدولية، مشيرا إلى أن المغرب من بين الدول الأولى التي لاءمت المقتضيات الدولية مع قوانينه المتعلقة بحماية الطفل، مضيفا إلى أن المغرب عرف تنويها من طرف المنتظم الدولي خلال عرضه للتقرير المتعلق بحقوق الطفل، أمام اللجنة الدولية لحقوق الطفل بجنيف.
وفي سياق متصل أبرز خالد الحمسيوي ممثل المجلس الوطني لحقوق الإنسان، أن  القيمة المضافة التي يقدمها ويساهم بها المجلس الوطني لحقوق الإنسان في مجال حقوق الطفل، هي العمل على تمحيص ومراقبة مدى ملائمة القوانين والتشريعات الوطنية مع المواثيق الدولية، كما يعمل على تمحيص السياسة العمومية ووضع ملاحظات حول الخدمات المقدمة للأطفال ومدى انسجامها مع حقوق الطفل وذلك في إطار معياري يعتمده المجلس في عملية المراقبة.
وبدوره توقف عبد الحق جابر ممثل الجامعة الوطنية للتخييم على أهم الإشكاليات المتعلقة بتنشئة الطفل، التي اعتبرها الأساس والجوهر الذي يجب أخذه بعين الاعتبار، إذ أن التنشئة الاجتماعية للطفل هي من تحدد مستقبله، داعيا إلى ضرورة وضع برامج تراعي تكوين التربية لدى الأسر من أجل أن تعطي نموذجا ناجحا للطفل تراعى فيه حقوقه انطلاقا من تربيته أسرته، مضيفا أن الجرائم التي أصبح يتعرض لها الطفل من اغتصاب وعنف وتشغيل تقع نتيجة ضعف لتنزيل القوانين.

Related posts

Top