في نهج يحمل العديد من الرسائل، على أن الوطن لا ينسى تضحية أبنائه ولا يتجاوز عما قد يتعرضون له من انتهاكات من طرف أعداء وحدته الترابية، اختارت آمنة بوعياش، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، استقبال مجموعة من المدنيين المعتقلين من طرف البوليساريو، كأول دفعة من ضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، من بين 624 حالة، من الذين شرع أول أمس الثلاثاء، في صرف تعويضات مادية لفائدتهم بناء على مقررات تحكيمية جديدة أصدرتها لجنة متابعة تنفيذ توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة.
وبعد أن قدمت في البداية الاعتذار للضحايا وذوي حقوق الذين توفوا، وذلك بالنظر للتأخر الذي حصل في تسوية ملفات هذه المجموعة وملفات الضحايا الآخرين، أكدت بوعياش أن الدولة بناء على توصية هيئة الإنصاف والمصالحة، اختارت بالنسبة لهذه المجموعة التي تتضمن 367 مستفيد، تسوية 80 مستفيد منهم، ليس ضمن ملفات الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان ما بين 1956-1999، التي تتحمل أجهزة الدولة المغربية مسؤولية ارتكابها ولا من موظفيها أو الأفراد التابعين لها.
وأكدت أن التسوية تأتي بالنظر لما تعرضوا له من اختطاف ضدا على مقتضيات القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، وكذا ما تعرضوا له من تعذيب ممنهج طيلة اختطافهم وحرمانهم من أبسط الضمانات القانونية وجهل أقربائهم بمصيرهم ومكان تواجدهم ونكران الجهة المسؤولة عن اختطافهم.
وأبرزت مدققة في هذا الصدد مخاطبة الضحايا، أن “الدولة المغربية وإن كانت لم تقم بانتهاكات حقوقكم الأساسية، بما فيها الاختطاف والتعذيب، إلا أنها في نفس الوقت لم تقم بحمايتكم منها وأنتم تتعرضون للاختطاف داخل المغرب”.
وأوضحت أن المجلس الوطني لحقوق الإنسان اعتمد نظرية المخاطرة التي تعتبر أن الدولة مسؤولة عن حماية مواطنيها وعن الأضرار التي تصيبهم وحتى إن لم تكن هي المسؤولة عن الأفعال.
وأفادت بأن اجتهاد القضاء الإداري بعدد من الدول، بما فيها المغرب أقر إلى جانب المسؤولية التي ترتكز على الخطأ، مسؤولية الحماية من المخاطر، أخذا بعين الاعتبار طبيعة الضرر الذي يصيب الأفراد، وتعويضهم عن ذلك ضمن مبدأ مساواة المواطنين أمام الأعباء العامة.
يشار أن المجلس الوطني سيواصل صرف التعويضات التي يصل مجموعها إلى حوالي 87 مليون درهم، والتي تهم تنفيذ مقررات تحكيمية جديدة لـ 624 حالة من ضحايا الانتهاكات الجسيمة أو ذوي حقوق الضحايا المتوفين منهم، وذلك استكمالا لتنفيذ توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، حيث يتعلق الأمر بمقررات تندرج في إطار الشق المرتبط بالتعويض عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان ما بين 1956 و1999، والتي كانت موضوع دراسة من طرف هيئة الإنصاف والمصالحة.
ويتولى المجلس الوطني لحقوق الإنسان بناء على تكليف صاحب الجلالة الملك محمد السادس المجلس الاستشاري، والذي عوضه حاليا المجلس الوطني لحقوق الإنسان، بتاريخ 6 يناير 2006، بمتابعة تنفيذ توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، بما فيها تلك المتعلقة بجبر الأضرار والتعويض المالي والإدماج الاجتماعي وتسوية الأوضاع الإدارية والمالية والتغطية الصحية.
وبالنسبة للحالات 624 التي ستستفيد من هذه المقررات الجديدة، فتتوزع بين 39 مستفيدا كانت تنقص ملفاتهم بعض الوثائق، تم الإدلاء بها، و80 مستفيدا من الضحايا المدنيين الذين اختطفوا من طرف عناصر البوليساريو، بالإضافة إلى 28 مستفيدا من ذوي حقوق ضحايا كانوا مجهولي المصير، أدلوا بالوثائق الضرورية لاستكمال إعداد ملفاتهم، و367 مستفيدا من مجموعة تلاميذ أهرمومو الذين قدموا ملفاتهم لهيئة الإنصاف والمصالحة و110 من الضحايا أو ذوي الحقوق، المستفيدين من الإدماج الاجتماعي.
فنن العفاني