قضت الغرفة الجنائية لمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء، في وقت متأخر من ليلة الجمعة الماضي، بعد مداولة دامت حوالي سبع ساعات، بـ 15 سنة سجنا نافذا في حق توفيق بوعشرين مؤسس جريدة “أخبار اليوم”.
وحسب منطوق الحكم، فقد تم إلغاء القرار الجنائي المستأنف جزئيا في ما قضى به من براءة المتهم بوعشرين، من جريمة الاتجار بالبشر بخصوص الوقائع المتعلقة بـ 7 ضحايا، حيث تمت مؤاخذته من أجل الاتجار في البشر بالنسبة لمشتكيات أخريات، كما تم رفع الغرامة في حق بوعشرين إلى 300 ألف درهم. أما في الدعوى المدنية فقررت المحكمة رفع مبالغ التعويض للضحايا التي تراوحت بين 150 ألف درهم و800 ألف درهم.
كما قررت المحكمة تأييد الحكم الابتدائي فيما قضى به من إدانة وإتلاف، مع إلغاء الحكم فيما قضت به غرفة الجنايات الابتدائية التي ترأسها المستشار بوشعيب فارح، من إرجاع باقي المحجوز، لتصرح من جديد بمصادرة المحجوزات لفائدة الدولة وتحميل المتهم الصائر والإجبار في الأدنى.
وكانت المحكمة قد استمعت إلى الكلمة الأخيرة لتوفيق بوعشرين، قبل حجز الملف للمداولة، حيث قال: “محكمتكم سمعت الكثير من التشهير والقليل من المنطق في محاكمتي، الكثير من الكلام والقليل من القانون، لقد وقفت على الكثير من التناقضات في محاكمتي ومنها تناقض المشتكيات، كما أن كل الشهود برؤوني سواء شهود دفاع المشتكيات أو شهود النيابة العامة، بالإضافة أن اعتقالي كان تعسفيا، زيادة على سجني لـ 22 شهرا في ظروف قاسية، وهنا لدي أربع رسائل ابعثها لهيئتكم قبل أن تختلوا لتنطقوا بالحكم”.
وأضاف بوعشرين في معرض رسالته الأولى: “أتمنى من محكمتكم أن تستحضر روح القرار الملكي المتبصر والرحيم في حق هاجر، وهي تقرر حكمها علي”. وبخصوص رسالته الثانية، قال: “محكمتكم مستأمنة على الأمن القضائي للمغاربة كافة، لذا نتمنى أن تطمئن محكمتكم المغاربة بأن في البلاد قانون وأن في البلاد سلطة قضائية تقف على مسافة واحدة من كل الأطراف، وأن النيابة ليست وصية على القضاء، وأنها طرف كما أنها لا تعبر عن إرادة الدولة، بل هي مجرد طرف في القضية كيفما كان نوعها.” واعتبر توفيق بوعشرين، على أن النيابة تحكم بالشك والقضاء يحكم باليقين، ولسنوات القضاة كانوا يتساهلون مع النيابة العامة، فأصبح الاعتقال بلا ضوابط.
وفي رسالته الثالثة أشار بوعشرين إلى أن المشتكيات في الملف وجدن أنفسهن عالقات في حرب ليست حربهن وهن مجرد حطب فيها، أنا آسف جدا، وقلت منذ الجلسة الأولى أنهن ضحايا، وقد جعل منكن حطبا لإحراقي، حيث قال: “إلى النساء اللواتي وجدن أنفسهن عالقات في حرب ليست حربهن وهن مجرد حطب فيها، أنا آسف جدا، وقلت منذ الجلسة الأولى أنهن ضحايا، وقد جعل منكن حطبا لإحراقي؛ اللواتي برأنني أقول لهن شكرا، واللواتي لم تسعفهن الجرأة والشجاعة لقول الحقيقة أعذرهن، وأعرف ما يمررن به؛ منذ سنتين لم أستعمل كلمة تجرحهن، كما أوصيت دفاعي بهن رأفة لأني أعرف حجم معاناتهن؛ وأنا على يقين حين يأتي اليوم لتقلن الحقيقة ستجدنني متقبلا”.
ووجه رسالته الرابعة لهيئة الحكم قائلا: “لم أقاطع المحاكمة هربا من الحقيقة ولا استهانة بكم، لقد انسحبت لأن سلوك النيابة العامة حرمني من أي إمكانية لإثبات براءتي، ابتداء من اعتقالي ومرورا بكل طلباتي دفاعي”.
وختم بوعشرين كلمته بالقول: “سأكون كاذبا إن قلت أني لا أخاف من الإدانة، لكن خوفي من السجن ليس هو شاغلي، لأن هناك قضية رأي وقضية حرية صحافة، هناك جيل كامل على الميزان دافع عن مشروع إصلاح العدالة ومناخ الحريات، لهذا أملي أن يكون حكمكم وثيقة مرجعية اليوم”.
حسن عربي