يوسف الأزهري: لم يكن بالإمكان التضحية بسنة دراسية أنجزت 75 بالمئة منها
محمد الأمين الصبيحي: المغرب أمام فرصة سانحة لوضع المنظومة التعليمية في المسار الصحيح
بوجمعة محتات: يجب إحداث رجة في قطاعي التعليم والصحة للقيام بدورهما في المستقبل
إجراءات استعجالية
قال يوسف الأزهري مدير المركز الوطني للتجديد التربوي والتجريب إن الإجراءات التي تم اتخاذها بقطاع التربية، جاءت بعد مشاورات ومجهودات مبذولة من الفاعلين في القطاع، وبشكل تشاركي بين مختلف المكونات.
وكشف الأزهري الذي كان يتحدث أول أمس الأربعاء، في ندوة عن بعد، نظمها حزب التقدم والاشتراكية، حول تحديات حالة الطوارئ الصحية وإنهاء السنة الدراسية، أنه لم يكن بالإمكان التضحية بسنة دراسية أنجزت منها أزيد من 75 بالمئة.
وأضاف الأزهري الذي ناب عن وزير التربية الوطنية خلال الندوة ذاتها، أن الوزارة بادرت منذ بداية الإجراءات الصحية إلى إعطاء الأولوية للمرتفقين من تلاميذ وأطر تربوية والعاملين بالقطاع، في حين اتخذت إجراءات استعجالية لإنقاذ الموسم الدراسي وضمان استمرار التعليم، وذلك عبر تقنية التعليم عن بعد التي شملت أزيد من 600 ألف تلميذ وتلميذة.
وأوضح المتحدث، خلال اللقاء الذي سيره الصحافي بجريدة بيان اليوم محمد حجيوي، أنه، منذ توقيف الدراسة في منتصف مارس الماضي، وإطلاق التعليم عن بعد، ارتفع عدد التلاميذ المستفيدين من هذا الورش بشكل كبير إلى أن فاق 600 ألف تلميذ، مشيرا إلى أنها من ضمن المنجزات التي ساهمت مجموعة من البرامج في تحقيقها، منها برنامج “جيني” الذي تم إطلاقه سنة 2005 والذي كان بمثابة الأرضية لإنجاح التعليم عن بعد.
وعن الإجراءات التي اتخذتها الوزارة بشأن حسم الموسم الدراسي باعتماد نقاط المراقبة المستمرة بناء على الفروض التي تم إنجازها قبل إقرار حالة الطوارئ الصحية بالنسبة لجل المستويات، باستثناء الأولى والثانية باكلوريا الذي جرى تحديد امتحاناتهما في شهر يوليوز المقبل بالنسبة للثانية باكلوريا وشهر شتنبر بالنسبة للأولى باكلوريا، أكد الأزهري أن ذلك يدخل ضمن ضمان تكافؤ الفرص بين جل المتعلمين، حيث تم التركيز على الفترة التي سبقت حالة الطوارئ الصحية تحقيقا لمبدأي العدالة والمساواة، خصوصا في ظل عدم استفادة مجموعة من التلاميذ من تقنية التعليم عن بعد بسبب الأوضاع الاجتماعية وبعض الصعوبات التي همت الولوج إلى هذا الصنف من التعليم.
ودافع الأزهري عن اختيارات الوزارة، بالإشارة إلى أن وقت الإعلان عن هذه الإجراءات كان هو الأنسب، بالنظر للانتظارات والتخوفات التي عبر عنها المتعلمون والمتعلمات، وكذا حالة القلق في صفوف الأسر، مشيرا إلى أن هذه الإجراءات تهم توضيح الطريق وضمان العدالة الاجتماعية في مسألة اعتماد آلية النجاح بالنسبة لجل المستويات التعليمية، وكذا ضمان الفرص لجل التلاميذ في الباكلوريا من أجل إجراء الامتحانات في ظروف أحسن، عبر اعتماد الدروس الحضورية فقط.
وشدد المتحدث أن شهر شتنبر سيكون شهرا لاستدراك الموسم الدراسي عبر إتمام امتحانات الباكلوريا، وكذا جعله محطة للالتحاق بالأقسام وأخذ حصص الدعم في الموسم الدراسي الحالي قبل العمل على البدء في الموسم الدراسي الجديد والذي سيكون خلال شهر أكتوبر.
وأبرز الأزهري أن جميع هذه الإجراءات تم اتخاذها بشكل مشترك بين الوزارة والنقابات وجمعيات الآباء والأمهات من خلال مشاورات وعمل متواصل خلال المرحلة الحالية، حيث تم الاتفاق على هذه الصيغة التي تضمن جميع حقوق المتعلمات والمتعلمين، فضلا عن كونها تبرز ما تتوفر عليه الوزارة من قدرات وإمكانيات هائلة لمواجهة هذه الجائحة، والتي من شأنها أن تساهم في بلورة رؤيا أكثر تطورا في المستقبل للمزاوجة بين التعليم الحضوري والتعليم عن بعد، وخلق أرضية للتكوين في مجال التكنولوجيا بالنسبة لمختلف الفاعلين في القطاع.
وجدد الأزهري التأكيد على أن هذه الإجراءات لم تكن متسرعة، خصوصا وأنها جاءت في وقت مناسب لتوضيح الرؤية والمسار من جهة، ومن جهة أخرى خلق الارتياح في صفوف الأسر والتلاميذ، من أجل حثهم على استكمال الموسم الدراسي من خلال التعليم عن بعد، وفي نفس الوقت ضمان الحد الأقصى بتكافؤ الفرص بين الجميع في مسألة الانتقال للمستوى التعليمي الموالي.
وعن امتحانات الباكلوريا المقررة في يوليوز المقبل، كشف المسؤول بالوزارة أن جميع الإجراءات سيتم احترامها خلال عملية الامتحانات، خصوصا الإجراءات الصحية، من قبيل التباعد الاجتماعي واحترام مسافة الأمان وتعقيم المؤسسات والقاعات وغيرها من الإجراءات، مشيرا إلى أن يوليوز سيهم امتحان الثانية باكلوريا التلاميذ المتمدرسين والتلاميذ الأحرار أيضا، الذين سيكملون اجتياز الامتحانات في شتنبر مع الأولى باكلوريا.
إلى ذلك، نوه المتحدث بانخراط وتجاوب المواطنين مع مجمل الإجراءات التي تم اتخاذها بسبب موجة كوفيد – 19، وكذا الانخراط المنقطع النظير للأسرة التربوية والتعليمية، والمتعلمين والمتعلمات والآباء والأمهات أيضا، معتبرا أن هذه المحطة تشكل فرصة وأرضية لتطوير العمل التربوي والتكنولوجي في إطار مشترك.
الأزمة المفاجئة
من جانبه، أتى عضو اللجنة المركزية لحزب التقدم والاشتراكية ووزير الثقافة سابقا محمد الأمين الصبيحي، على ذكر ما أسماه العناصر التي أطرت عملية التعليم عن بعد، من بينها؛ توقيف الدراسة حضوريا وتعويضها بالدراسة عن بعد، والذي جاء كإجراء احترازي من أجل مواجهة خطر انتشار وباء كورونا، وهي ضرورة أملتها الظرفية الوبائية في المغرب، على بالنسبة للمستوى الأول.
والعنصر الثاني، أوضح محمد الأمين الصبيحي، يتعلق بالأزمة المفاجئة التي دفعت إلى إقرار التعليم عن بعد منذ 16 مارس الماضي، لضمان استمرار العملية التربوية، حيث ستواجه هذه العملية مشاكل عدة في تنفيذها، خصوصا تلك المرتبطة بالفوارق الاجتماعية والاقتصادية والمجالية للمتعلمين.
والنقطة الثالثة، تتمثل وفق مداخلة الأمين الصبيحي، في صعوبة توفير الوسائل المادية اللازمة لكل المتعلمين خلال هذه الفترة الوجيزة، رافضا تحميل وزارة التربية الوطنية انعكاسات الفوارق الاجتماعية في المغرب، التي جعلت عددا من الأسر غير قادرة على توفير الحاسوب، أو الأنترنيت بشكل دائم، أو مكان خاص للتعلم في البيت.
ولكن بالرغم من هذه الصعوبات، يرى الصبيحي، أن وزارة التربية الوطنية، كان بودها ربح رهان التعليم عن بعد، لو اغتنمت عدة فرص سابقة، من قبيل برنامج “قيس” متعدد الوسائط في كل مؤسسة تعليمية، الذي تم إطلاقه مع وزير التربية الوطنية مولاي اسماعيل العلوي خلال الدخول المدرسي 1999-2000، ثم فيما بعد مشروع “جيني 1″، ثم البرنامج الاستعجالي، قبل الرجوع إلى مشروع “جيني”، وكل هذه المشاريع والتجارب لم تتمكن المنظومة التربوية من الاستفادة منها بالكيفية اللازمة، على حد تعبير المتحدث.
واعتبر عضو اللجنة المركزية لحزب التقدم والاشتراكية ووزير الثقافة سابقا، أثناء حديثه في الندوة الافتراضية لحزب “المعقول”، أن وزارة التربية الوطنية، قامت بمجهود جبار فيما يخص توفير المضامين الرقمية، ولكن هذا المجهود في عملية التعليم عن بعد، واجه المشاكل المرتبطة بغياب البرمجيات والأجهزة التقنية والرقمية لدى كل المتدخلين من أساتذة وتلاميذ، نظرا لأن الجميع يجب أن يتوفر على معدات الاشتغال والمواكبة.
وشدد القيادي في حزب التقدم والاشتراكية، على وجود تفاوت رقمي في عملية التعليم عن بعد، على عكس التعليم الحضوري الذي يكون الجميع فيه متساويا، حيث استطاع التلاميذ الذين يتوفرون على أجهزة متطورة والأنترنيت والذين لهم أمكنة للتعلم، من مواكبة الدروس عن بعد في ظروف أفضل، وهو ما يغيب بالنسبة لباقي التلاميذ الذين لا يتوفرون على أدنى هذه الشروط الضرورية لمواكبة العملية.
وإلى جانب هذه المشاكل التقنية لدى التلاميذ، أشار المتدخل ذاته، إلى وجود مشاكل ذاتية، إذ أثناء التعليم عن بعد لا يشعر التلميذ بالانتماء إلى القسم، وإلى مجموعة الزملاء التي تحفز على التفوق، وعلى التتبع وروح المنافسة، وكذلك وجود مشكل التركيز، ومواكبة الدروس بانتظام.
وتطرق محمد الأمين الصبيحي، إلى الصعوبات التي واجهت الأساتذة أيضا، موضحا أن اشتغال الأستاذ في القسم يختلف عن العالم الافتراضي، حيث تكون لديه إمكانية الشعور بدرجة استيعاب التلاميذ، وبالتالي يحاول تغيير وتيرة التدريس، في ارتباط مع إدراك التلاميذ، وهي الإمكانية غير الواردة في التعليم عن بعد.
وفي سياق متصل، ذكر الأمين الصبيحي، غياب العدة البيداغوجية لدى العديد من الأساتذة، الذين تفاجؤوا بهذا المعطى الجديد، وهو ما يتطلب بحسبه تكوينا في الكيفيات والقدرات المنهجية للتدريس عن بعد.
وشدد الصبيحي، على ضرورة النظر إلى عملية التعليم عن بعد من جوانبها التقنية والبيداغوجية، على أساس العمل مستقبلا على جعل الجوانب التكنولوجية من أولى الأوليات، التي سيكون لها دورا مهما فيما يخص التعليم التقليدي داخل القسم.
وعلى الرغم من هذه الانتقادات التي توجه للتعليم عن بعد الذي تم اعتماده خلال أزمة كورونا، ينوه عضو اللجنة المركزية لحزب التقدم والاشتراكية ووزير الثقافة سابقا، بسرعة تعاطي وزارة التربية الوطنية مع هذه الوضعية الجديدة، من أجل تقديم إمكانية التعليم عن بعد، الذي يعتبر البديل الوحيد الذي كان ممكنا، مشيدا كذلك بالمجهودات التي قامت بها الأطر التعليمية والأسر والتلاميذ.. رغم أن الجميع تقريبا لا يتوفر على التجربة في المجال.
ونبه وزير الثقافة سابقا، إلى أن العالم بأسره جرب أساليب التعليم عن بعد التي فرضتها جائحة كورونا، وهو ما سيدفع بتغيير العديد من مناحي الحياة في المستقبل، استنادا إلى بعض المؤشرات التي تظهر اليوم على أرض الواقع، وهو ما سيهم أيضا مجال التعليم، لاسيما في الشق المتعلق بالتعليم عن بعد.
لتجاوز الأزمة
وثمن المتحدث عينه، مبادرة وزارة التربية الوطنية المتجلية في القيام باستطلاع الرأي، والتي ستمكن مستقبلا من معرفة درجة تفاعل الأسر التعليمية والتلاميذ وآبائهم مع تجربة التعليم عن بعد، على أساس جمع كل ملاحظات المدرسين والتلاميذ والإداريين والآباء، لأخذ أفكارهم وتطويرها في المستقبل بعد هذه الأزمة.
ويلاحظ أن الصيغة الحالية لوزارة التربية الوطنية حول التعليم عن بعد، تثبت أن التعليم الحضوري يمكن أن يستفيد بكيفية قوية من أساليب التعليم عن بعد، وهذا يمكن أن يؤدي إلى نقلة نوعية، وسينعكس إيجابا على جودة التعليم ككل.
وكشف القيادي بحزب التقدم والاشتراكية أن قطاع التربية الوطنية التابع للحزب، قدم مشروعه الإصلاحي، الذي يدعو فيه إلى حاجة المنظومة التعليمية بالمغرب إلى تبنى مخطط وطني للتكنولوجيا التربوية، يمكن أن يكون له انعكاس كبير على النظام التربوي الوطني، وذلك بتظافر جهود كل المتدخلين في هذه التجربة التي يجب أن تجعل التكنولوجيا مكملة للعملية التربوية الحضورية.
وسجل محمد الأمين الصبيحي، أن هذا المخطط الذي اقترحه حزب التقدم والاشتراكية، بإمكانه وضع برامج طموحة لتجهيز كل المؤسسات التعليمية، بأقسام متعددة الوسائط، وتوفير مضامين رقمية حسب المواد الدراسية والمستويات التعليمية، بالإضافة إلى تطوير قدرات الفاعلين التربويين وتنمية كفاياتهم.
وأكد الأمين الصبيحي، أن الظرفية الحالية تقدم للمغرب فرصة سانحة يجب عدم تضييعها، حيث بإمكانه أن يجعل من هذا المخطط للتكنولوجيا العمود الفقري لكل العملية الإصلاحية، لأنها مرتبطة مع تدبير المؤسسات، ومع البرامج التعليمية، وتكوين المدرسين.. وكل هذا من شأنه إعطاء قفزة نوعية لكيفيات التدريس عن بعد.
ودعا الأمين الصبيحي إلى جعل تكنولوجيا التعليم عن بعد، تستعمل داخل الحجرة في إطار دعم التعليم الحضوري، بتزويد المنصات الافتراضية بمضامين رقمية للمواد التربوية بحسب الأسلاك، لمساعدة عملية التعليم التقليدي، والتي ستسمح بتجويد التعليم، وتجعل الدرس أكثر فعالية بالنسبة للتلاميذ.
ومن أجل تنفيذ هذا البرنامج الوطني المقترح لتوظيف التكنولوجيا في التعليم، نادى الصبيحي بضرورة تجند جميع القطاعات الوزارية الأخرى إلى جانب وزارة التربية الوطنية، من أجل إحداث ثورة في أساليب تعليم المغرب، والتي يمكن أن يكون لها تأثيرا مهما في المستقبل، معتبرا المغرب لديه الإمكانيات في هذا الباب.
وفيما يخص مستقبل السنة الدراسة والقرارات المتخذة مؤخرا من قبل الوزارة، اعتبرها عضو اللجنة المركزية لحزب التقدم والاشتراكية ووزير الثقافة سابقا، قرارات صائبة، نظرا للمعطيات المتوفرة بخصوص تطور الحالة الوبائية بالمغرب، وكذا الحصيلة المرحلية للتعليم في شقيه الحضوري والافتراضي.
بيد أن وزير الثقافة السابق، تساءل عن إجراء حصر الامتحانات الإشهادية بالنسبة للسنة الأولى والثانية باكالوريا إلى تاريخ توقيف الدراسة الحضورية، حيث يبقى الإشكال المطروح هو هل يضمن هذا الإجراء مستوى مقبول من التعلم، ومن امتلاك المعارف الأساسية المضمنة في المقررات الدراسية لدى عموم المتعلمين.
وعزز المتحدث نفسه، هذا السؤال، بالتنبيه إلى أنه من بين خصائص العملية التعليمية، هو المواصلة، التي تجعل الدروس مستوعبة لاحقا ومتمكن منها، ومن ثم فإن العديد من الدروس ستبقى معلقة، على اعتبار حوالي 50 في المائة من التلاميذ لم يستفيدوا من التعليم عن بعد، بمعنى لم يكملوا دراستهم بين منتصف شهر مارس وآخر الموسم الدراسي.
وبخصوص هذا الإشكال، اقترح محمد الأمين الصبيحي، تخصيص شهري شتنبر وأكتوبر القادمين لاستكمال المقررات الدراسية والمراجعة، وتأجيل الموسم الدراسي 2020-2021 إلى أواخر أكتوبر، من أجل السماح لجميع التلاميذ بالمراجعة، واكتشاف المقررات الدراسة التي لم يكملوا دروسها بعملية التعليم عن بعد، حتى يتم إنقاذ السنة الدراسية الجارية بكيفية إيجابية.
وخلص الأمين الصبيحي، إلى أن أزمة كورونا، وضعت من جديد قضايا التربية والتعليم في الواجهة، وبرهنت على الاهتمام الكبير للأسر المغربية بمستقبل أبنائها، الشيء الذي يجعل وزارة التربية الوطنية على عاتقها مسؤولية كبيرة، لوضع مسار التعليم بالمغرب في سكته الصحيحة، ومن تم إحداث نقلة نوعية في أساليب التدريس وفي تجويد التعليم.
وقال الأمين الصبيحي، “إن الوزارة تتوفر على خبرة وأطر تربوية من أجل أن تقود مسيرة الإصلاح الفعال، وإذا سارت على هذا النهج، فأكيد أنها ستتلقى دعما من قبل المجتمع المدني، والنقابات والأحزاب السياسية، نظرا لأن هذا التوجه يفرض نفسه وبقوة في المستقبل”.
وتأسف الصبيحي عن العديد من الفرص التي لم تمكن المغرب من الإصلاح الجذري للمنظومة التربوية، “وهو ما يجعل الوزارة حاليا قوية بالأوراق التي بين يدها، ونحن سنكون إلى جانبها إذا أخذت هذا الطريق الصحيح في المستقبل”، على حد تعبير المتحدث.
تفاؤل وحذر
وشهدت الندوة الافتراضية التفاعلية ذاتها، مشاركة المنسق الوطني لقطاع التربية والتكوين لحزب التقدم والاشتراكية بوجمعة محتات، الذي عبر عن تفاؤله في البداية بعملية التعليم عن بعد كباقي المغاربة، لأنها جاءت في وضعية تتسم بعامل المفاجئة، وجعلت العديد من الأساتذة يؤطرون التلاميذ من خلال هذه التجربة، مستثمرين كل ما تم إنجازه منذ سنوات في مجال تكوينهم البيداغوجي لمثل هذا التعليم، إلى جانب التجهيزات المتوفرة لدى العديد من المؤسسات.
وإلى جانب هذا التفاؤل، يتساءل بوجمعة محتات، عن مدى بلوغ الأهداف المتوخات من التعليم عن بعد، لاسيما في ظل افتقار بعض المؤسسات إلى التجهيزات الضرورية التي يحتاجها الأستاذ، بالرغم من أن العديد من مدراء المؤسسات التعليمية استطاعوا أن يوفروا أجواء الاشتغال لفائدة الأساتذة، وتلاميذ مختلف المستويات.
وحذر محتات من التسويق لما أسماه بأن تغطية التعليم عن بعد كانت في مستوى التطلعات، لاسيما وأن العديد من التلاميذ والأساتذة لا يتوفرون على الوسائل التكنولوجية الضرورية ثم العدة البيداغوجية الخاصة بعملية التعليم عن بعد.
وحث المنسق الوطني لقطاع التربية والتكوين لحزب التقدم والاشتراكية على ضرورة التقييم الموضوعي لهذه التجربة التي خاضها المغرب، بهدف التوجيه السليم لسياسة وزارة التربية الوطنية في المستقبل، مشددا على ضرورة أن يكون التقويم بنظرة مستقلة خارجة عن المؤسسة، بهدف الوصول إلى نتائج ومحاولة استدراك التأخر الحاصل في المستقبل.
وأحال المتحدث ذاته، على الرؤية الاستراتيجية للتعليم 2030، التي قال إنها تتضمن إشارات دقيقة بالنسبة للتعليم عن بعد، داعيا إلى النهل من التوجهات الموجودة بها، أثناء إعداد الاستراتيجية المقبلة، مشيرا إلى أن الاستراتيجية تلخص التعليم عن بعد في ثلاثة عناصر أساسية.
وبحسب المتدخل، يهم العنصر الأول؛ التعليم مدى الحياة، والثاني؛ التعليم عن بعد، والثالث؛ التعليم الذاتي، مستنتجا أن الاستراتيجية القادمة يجب أن توفر جميع المعدات التقنية، والبيداغوجية لهذا النوع من التعليم، بحيث يجب الإسراع في الرفع من جودة التعليم عن بعد، بتحسين التكوين الأساسي والمستمر للأطر التربوية، وتوفير الوسائل المادية للمؤسسات التعليمية.
وفيما يتعلق بزمن إفصاح وزارة التربية الوطنية، عن إنهاء الموسم الدراسي، اعتبر بوجمعة محتات أن توقيت الإعلان كان في محله، لأنه أراح المغاربة من السؤال المحير حول سيناريو إنهاء السنة الدراسية، حيث توضحت الأمور معه بالنسبة لآباء التلاميذ وهؤلاء الأخيرين أنفسهم.
وشدد محتات، على ضرورة استكمال التعليم عن بعد، أثناء المدة المتبقية من الموسم الدراسي، للخروج من الجائحة بأقل الأضرار، موضحا أن الوضع أكثر من إرادة الوزارة والمواطنين، الأمر الذي كان في حاجة إلى مواجهته بعقلية أخرى تتطلب التضامن، والالتزام، والقيام بالواجب.
وأشار المنسق الوطني لقطاع التربية والتكوين لحزب التقدم والاشتراكية إلى أن الالتزام باستمرار العمل ببرنامج التعليم عن بعد، في حاجة إلى التوعية اليومية والتسويق له، لأنه في صالح التلاميذ، حتى لا يضيعوا سنتهم الدراسية.
وعن الجدل الذي أثير حول طريقة احتساب معدل النجاح لدى التلاميذ خلال هذا الموسم، عبر المتحدث عن ثقته في الأسرة التعليمية التي تتوفر على المعطيات الكافية والدقيقة لأخذ قرار النجاح أو الرسوب بالنسبة للتلميذ، والذي سيكون في صالحه، مردفا، أن الرسوب لا يعني بالضرورة الحكم على التلميذ بالفشل.
وبخصوص العبرة التي يمكن استخلاصها من أزمة كورونا، أفاد بوجمعة محتات أنه يتبين من خلال النقاشات الدائرة على المستوى الوطني والعالمي، أن القطاعات الاجتماعية تستحق الاهتمام الكبير على عكس الماضي، مسجلا أن أكبر المشاكل التي أعاقتنا في محاربة الوباء تتمثل في قطاعي الصحة والتعليم، داعيا إلى إعطاء الأهمية والإمكانيات الضرورية للموارد البشرية في المستقبل.
وأبرز محتات، في خلاصة حديثه، أن نجاح المغرب في محاربة كورونا، كان بفضل نجاعة تدبير الدولة لهذه المرحلة بحسب الإمكانيات المتوفرة من الأطر والمؤسسات والتجهيزات اللوجيستيكية، هذا من جهة.
ومن جهة أخرى، أتى هذا النجاح النسبي نتيجة روح التضامن والالتزام، بصرف النظر عن بعض السلوكات السلبية في الفضاء العام، مؤكدا أن المغرب لا زال في حاجة إلى التعبئة من أجل التغلب على هذه السلوكات.
ودعا في الأخير، إلى إحداث رجة بالنسبة لقطاعي التعليم والصحة، لتمكينهم بالقيام بدورهم في المستقبل على أحسن حال، من أجل تأطير المواطنين في المستقبل بتعليم جيد، وتجنب مثل بعض المشاكل في الالتزام التي حدثت حاليا.
وعلى مستوى الصحة، يجب أن يكون هناك تكافئ في الفرص في الاستفادة من الخدمات الصحية، وتأهيل الموارد البشرية لهذا القطاع، لاسيما وأن الأوبئة لن تنحسر في هذه السنة، على حد قول المتحدث.
نوافذ
يجب الإسراع في الرفع من جودة التعليم عن بعد بتحسين التكوين الأساسي والمستمر للأطر التربوية وتوفير الوسائل المادية للمؤسسات التعليمية
المنظومة التربوية في حاجة إلى مخطط وطني للتكنولوجيا لجعله مكملا للتعليم الحضوري
قطاعي الصحة والتعليم يستحقان الاهتمام الكبير على عكس الماضي لأنهما من أكبر المشاكل التي أعاقتنا في محاربة وباء كورونا
يوسف الخيدر- محمد توفيق أمزيان