أكد أطباء وممرضون جزائريون أنهم دفعوا ثمنا باهظا أثناء استجابتهم لجائحة كوفيد-19 محذرين من وقوع سيناريو أسوأ بالبلاد، فيما حضوا على الالتزام بتطبيق قواعد النظافة الشخصية.
وقال محمد يوسفي رئيس قسم الأمراض المعدية في مستشفى بوفاريك قرب العاصمة “نحن نعمل بلا توقف. نحن منهكون تماما. بعض (الأطباء) لقوا حتفهم فليرقدوا في سلام. كما أصيب العديد من أعضاء فريقي بالعدوى”.
كانت بوفاريك أول بلدة في البلد العربي الواقع في شمال إفريقيا تسجل إصابات بفيروس كوفيد-19 في فبراير بعد عودة مواطنين جزائريين من فرنسا وحضورهم حفل زفاف ليصيبوا عائلة بأكملها.
وأوضح يوسفي “بدأ الوباء هنا وهو يخرج عن السيطرة. المستشفى ممتلئ”.
وذكر أن بعض الموظفين متعبون لدرجة أنهم تعرضوا للإغماء أو تعرضوا لحوادث سير.
ويواجه الأطباء والممرضات مخاطر الإصابة في شكل خاص منذ تفشي المرض في فبراير.
وأفادت وسائل الإعلام المحلية أن 31 عاملا طبيا لقوا حتفهم، بما في ذلك أربعة منذ بداية الأسبوع الجاري.
وقال عضو اللجنة العلمية الوطنية عبد الكريم سوكحل إن حوالي 1700 طبيب وممرض وعامل طبي آخر أصيبوا.
واستخدم بعض الأطباء وسائل التواصل الاجتماعي للتعبير عن الغضب واليأس، من بينهم طبيب من مدينة وهران ثاني كبرى مدن البلاد.
وأعرب الطبيب الذي عرف نفسه بالأحرف الأولى “إم. ايه.” على تويتر عن فخره بـ “فريقي الذين يبذلون قصارى جهدهم”، لكنه أعرب أيضا عن غضبه إزاء “كل هؤلاء الجهلة الذين يدفعون ثمن حماقاتهم”.
وتذمر آخرون لعدم وجود أجهزة تنفس اصطناعي ومعدات حماية شخصية، مطالبين بمزيد من المساعدات من الدولة.
وبعد أن بلغت العدوى ذروتها لأول مرة في أبريل، انخفضت في شكل ملحوظ خلال شهر رمضان.
ولكن بعد أن انتهى شهر الصيام في أواخر ماي، بدأت السلطات في تخفيف إجراءات الإغلاق الصارمة، ليرتفع عدد الحالات مرة أخرى في المستشفيات في جميع أنحاء البلاد.
وقال يوسفي إن مستشفاه ممتلئ تماما وأن عشرات الأشخاص، وأحيانا عائلات بأكملها، تصل يوميا بأعراض كوفيد-19. وأوضحت الاختبارات إصابة نصف الحالات المشبه بها بالفيروس القاتل.
وأوضح يوسفي “نحن نتجه نحو الكارثة. الحالات تتزايد”.
وقال معهد باستور الجزائري الذي يجري الاختبارات إنه يتعرض لضغط شديد، إذ يعمل بأكثر من أربعة أضعاف عبء عمله الاعتيادي ليجري أكثر من 2000 اختبار يوميا.
لكن يوسفي قال إن العديد من الجزائريين لا يقبلون حقيقة الوضع، فيما يواصل البعض إنكار وجود الفيروس أساسا.
وأفاد “طالما هناك مواطنون في حالة إنكار وأنانية وغير مدركين لحقيقة أنهم يصيبون الناس من حولهم وما يعانيه الأطباء بسببهم فإن الوضع يمكن أن يزداد سوءا”.
وسجلت الجزائر، وهي الدولة الأكثر تضررا في شمال إفريقيا، رسميا حوالي 18 ألف حالة إصابة بكوفيد-19، بما في ذلك حوالي ألف حالة وفاة.
وبعد شهر من تخفيف الإغلاق الأولي، حثت الحكومة في أواخر يونيو المسؤولين المحليين على التصرف بشكل أكثر صرامة ضد مخالفي قواعد النظافة الشخصية.
وتفرض السلطات الجزائرية وضع الكمامات في الأماكن العامة، فيما لا تزال التجمعات العامة ممنوعة.
ودعا يوسفي الحكومة إلى “عمليات إغلاق موجهة” في المناطق التي تفشى بها الفيروس والمزيد من الدعم للطواقم الطبية.
وحذر “في اليوم الذي لن يستطيع فيه أطباء الخطوط الأمامية القيام بعملهم بسبب الإرهاق، لن يتبقى أحد لرعاية المرضى”.
< أ.ف.ب