على مشارف فصل الخريف

مسكين أنت في نظرهم… رغم أنك سيدهم… بحيث تتجدد من خلالك كل قوى الكون وتنسلخ كل الذكريات والهموم ولا يبقى منها سوى تلك التي اخترت كي ترافقك خلال العام الجديد..
تذكرني أيها الشامخ بالكهولة بالحكمة والجبروت وتحملني كل مرة وعلى أنغام أدق تفاصيلك على جناحات المجهول، نحو ماض قريب ويوم آت، يوم لا يعلمه سوى الخالق.
ينتابني شعور غريب اتجاهك فتجدني أركض وراء الزمان آملة أن ألقاك.. فأنا لا أطيق غيابك… تمر الأيام والشهور الطوال والفصول على حدة.. لتتوقف أخيرا عقارب الساعة أمام عتبتك مفعمة بالآمال، وأستمتع بعظمة الخالق من خلالك…. غريب كم أنك الوحيد الذي يشبهني في معظم التفاصيل،.. بل كلها… جنونك، صمودك ورغبتك في صنع المستحيل. أشاركك تارة أجواء الحنين وتارة أخرى الخوف من القادم.. من المجهول.
لا يزعجني غضبك ولا أنبهر بصنعك بل أجدك مميزا، جميلا، بهيا بزيك المحمر المبعثر والمعطر برائحة شجر البلوط الطازج والأرض المبللة بماء المطر…
تثيرني تناقضاتك بين جنون صيفك وجمود شتائك وتعجبني وسطية قراراتك بين القبول والرفض فأحس تارة بأن الموت يستولي على كل من يحاديني، فأرى أبسط الجروح تتشقق حوافها قبل الشفاء.. فلربما لن تلتئم آو أنها ستطيب في حين. تذبل البراعم فجأةً وقبل نضجها تسقط الثمار قبل أوانها .
تتغير أشكال الغيوم في لمحة بصر مصحوبة بمطر قوي، غريب ومثير… وبدون علم يعم الصمت !!!! تارة أخرى، تغمرني كومة من المشاعر الجياشة، أتأمل جمال وسكون ليلة باردة يوقد لهيب ذكريات أمس جميل وأملا على الأبواب …
أتأمل من خلال شرفة منزلي وبابتسامة ممتدة على طول الشفق والتى لا تكاد أن تكون رغم تشبعها بالكثير من مشاعر الخوف والتردد. فانظر أيها الخريف!!! كم هي شاحبة تلك الأضواء المتفرقة على الطريق الممتدة!! هناك!! على حزنها تفقد هويتها، تمتد وتستسلم.. تحملها الرياح نحو المجهول تاركة العنان للقدر..
تحملها رياح، وبكل ثقة، تستأنس بدون خوف. لكن وبينما تسبح في بحر الأحلام تجد نفسها تعلو شيئا فشيئا… فترى فجأة كل العالم وهو يتمخض من تحتها، فالأشجار تنحني لخوفها والقطط تموء لتعسُّر ولادتها… يهتز كيان الكون بأكمله معلنا قدوم أعاصير.. رياح وأمطار قد تغير كل شيء.. لحظات فقط وستكون الطبيعة في أتم الاستعداد لاحتضان التغيير…

من أعمال نادية واكرار

بقلم: نادية واگرار*

Related posts

Top