يتيح انفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي فرصة لها لتطوير الخدمات المالية بشكل مختلف ولكن بعد الاستعانة بخبرات أوروبية في المجال المالي في وقت تحاول فيه دول أوروبية اقتناص وظائف البريطانيين في البنوك الأوروبية.
وقال وزير المالية البريطاني ريشي سوناك الأحد إن “انفصال بلاده عن الاتحاد الأوروبي يتيح لها تقديم الخدمات المالية بشكل مختلف، لكنها ستتعاون مع الاتحاد الأوروبي للتوصل إلى نهج خاص بالقطاع رغم التفاصيل القليلة في هذا الشأن باتفاق التجارة”.
ومن أول يناير 2021، تفقد مجموعات الخدمات المالية التي مقرها بريطانيا وضعها بالسوق الموحدة للاتحاد الأوروبي. وقال الجانبان إنه ينبغي عليهما التفاوض بشأن العمل مع السوق الأوروبية خارج اتفاق التجارة من خلال صفقات تكافؤ محددة.
وقال سوناك “الآن بعد أن غادرنا الاتحاد الأوروبي، يمكن أن نعمل بشكل مختلف قليلا (في الخدمات المالية)”.
توصلت بريطانيا والاتحاد الأوروبي إلى اتفاق تجارة الخميس، لكن رئيس الوزراء بوريس جونسون أقر بأنه لا يحوي كل ما كان يصبو إليه في خصوص قطاع الخدمات المالية والتكافؤ التنظيمي.
وبموجب النظام المعروف بالتكافؤ، لن تحصل البنوك وشركات التأمين وغيرها من الشركات المالية في بريطانيا على حق العمل بالأسواق الأوروبية إلا إذا ارتأت بروكسل أن القواعد المحلية “مكافئة”، أو بنفس قوة قواعد الاتحاد.
وتابع سوناك أن الطرفين يهدفان إلى الاتفاق على مذكرة تفاهم بشأن التعاون التنظيمي في الخدمات المالية بحلول مارس 2021، قائلا إن “الصياغة ستبعث على الطمأنينة”.
وأضاف “هذا الاتفاق يبث الطمأنينة أيضا لأنه يتحدث عن إطار عمل تنظيمي تعاوني ومستقر”.
وفي الوقت الحالي يتعيّن على القطاع المالي التكيف مع فقدان البريطانيين جواز السفر الأوروبي مع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، لذلك قامت بعض الشركات بنقل جزء من موظفيها إلى القارة، وخصوصا إلى باريس وفرانكفورت ودبلن، وإن ظلت هذه الحركة محدودة.
ولم تحدث الهجرة الجماعية المتوقعة لدى خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بعدُ. ويشمل نقل الوظائف المالية من لندن إلى الاتحاد الأوروبي أقل من 10 آلاف شخص. وبتعبير أدق 7500 موظف وفق شركة “إرنست أند يانغ”. وهذا رقم صغير جدا مقارنة بنحو 450 ألف وظيفة في القطاع المالي في لندن.
وفي وقت سابق ذكرت صحيفة “فايننشال تايمز” التي استطلعت آراء 24 بنكا دوليا، أن معظمها زاد من عدد الموظفين ببريطانيا في السنوات الخمس الماضية. ويمكن تفسير التخفيضات في الوظائف التي لوحظت في البعض من المؤسسات من خلال إعادة الهيكلة أكثر بكثير منه بسبب الانتقال إلى الاتحاد الأوروبي. فلندن ستبقى المركز المالي الرائد في أوروبا.
وحتى لو ظل عدد الوظائف المنقولة فعليا هامشيا، تخوض باريس وفرانكفورت عبر منظمات الضغط الخاصة بكل منهما معركة بلا هوادة لجذب المؤسسات المالية.
وفي بداية الصيف، قالت جمعية “فرانكفورت ماين فاينانس” المسؤولة عن تعزيز المركز المالي الألماني، إنه “بعد أربع سنوات من الاستفتاء على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ستكون فرانكفورت هي الرابح الأكبر”.
ومن جانبها قالت وكالة الضغط الفرنسية “تشوز باريس ريجن” المكلفة بالترويج لمنطقة باريس، وهيئة “باريس يوروبليْس” المعنية بالترويج للمركز الاقتصادي الباريسي، إن “باريس هي الأكثر جاذبية اليوم في أوروبا، وقد احتلت مرتبة الصدارة في ما يتعلق باستضافة عمليات الانتقال بعد بريكست، إذ تم بالفعل إنشاء 3500 وظيفة مباشرة في القطاع المالي”.
ومن بين 116 مشروعا تُحسب لفرنسا، تأتي الغالبية من إدارة الأصول بنحو 28 في المئة والبنوك بحوالي 25 في المئة. لكن البنوك توفر أكثر من نصف الوظائف بنحو 59 في المئة مقابل 10 في المئة فقط لإدارة الأصول.
الانفصال يتيح لبريطانيا فرصة تطوير الخدمات المالية
الوسوم