تواصل الجزائر حملات عدوانيتها المرضية ضد المغرب، وتكثف مناوراتها في مختلف المحافل الإقليمية والدولية، علاوة على ما تروجه من أكاذيب في حق المملكة، وما يقترفه إعلامها الموجه على مدار الساعة من استهداف فج وبليد للبلد الجار.
كل هذه الممارسات وغيرها تبرز أن المغرب ابتلي فعلا بهذا النظام العسكري المتكلس والجامد، والذي لا يفكر جنرالاته سوى في مصالحهم النفعية الأنانية الصغيرة، ولم يستطيعوا التحرر من عقدهم التاريخية المريضة.
برغم تحولات العالم كله، وبرغم ما تحققه الدبلوماسية المغربية من مكتسبات ونجاحات بخصوص القضية الوطنية، وتنامي الوعي الدولي والقاري بالطبيعة المفتعلة لهذا النزاع الذي يستهدف الوحدة الترابية للمملكة، فإن النظام العسكري الجزائري لا يغير أسلوبه العدواني القديم، ويستمر في سعاره، الذي صار يثير سخرية الدنيا بكاملها.
لقد تابعنا الرحلات المكوكية لوزير خارجية الجزائر، وحتى وهو يحصد الخيبات المتتالية، فهو مستمر في ركضه السيزيفي، وتابعنا مناورات برلمانيي البلد الجار، وهيستيريا الماكينة الإعلامية، وكل هذا يواجهه المغرب بكثير من الإعراض عن جهل الجاهلين، ويواصل، في المقابل، مد يديه للتعاون الثنائي، ولمصلحة شعوب المنطقة، ويرفض مسايرة السعار الجزائري.
يستغرب أغلب من يتفرج اليوم على جنون النظام العسكري الجزائري من كامل هذا الحمق، ومن حجم التكلس والعناد والباتولوجيا المتحكمة في موقف الجنرالات هناك من العلاقة مع المغرب، ولا يدركون لماذا لا يقتصد هذا النظام الشارد كل هذه المناورات، ويحاول، بدل ذلك، أن ينصت إلى العقل والمنطق، وأن يختار التعاون مع البلد الجار، والمساهمة في تطوير التعاون الإقليمي المغاربي لمصلحة الشعوب، وضمنها الشعب الجزائري أولا.
يعاني أهلنا في الجزائر أزمة معيشية يعرفها الجميع، ويشكو الجزائريون من ظروفهم الاجتماعية والاقتصادية المتدهورة، ومن الاستهتار بثرواتهم وعائداتها، وتبذيرها من طرف الجنرالات لتلبية مصالحهم الريعية ولتمويل عدائهم المرضي ضد المغرب ووحدته الترابية، وتبعا لذلك، صار البلد، الغني بموارده الطاقية، يعاني من شبه انهيار اقتصادي داخلي، وانسداد سياسي ديمقراطي يجسده اليوم حجم الاختناق في البلد وتنامي الغضب الشعبي وارتباك السير العام للمؤسسات، وكل هذا لا توجد آفاق لتجاوزه في المدى القريب، ويستمر النظام العسكري في تكريس ذات العقلية ومنظومة الحكم، علاوة على غياب الثقة فيه من طرف كل بلدان المنطقة، وبالتالي صار يعاني من العزلة الإقليمية، وأيضا الدولية، ورغم ذلك هو لا يرى كل هذا، ويواصل ممارساته نفسها بلا مبالاة غريبة.
لهذا، يعتبر النظام العسكري الجزائري اليوم خطرا على مستقبل المنطقة المغاربية برمتها، ومن حق المغرب، استحضارا لذلك، تحصين مصالحه الوطنية والإستراتيجية، وتطوير منجزه التنموي والديمقراطي على كامل ترابه وحدوده الوطنية.
لقد بقي المغرب دائما منفتحا على الأشقاء الجزائريين، واستمر يمد يديه سعيا لتطوير التعاون والعمل المشترك بين البلدين، واعتبر القضايا الوطنية الجزائرية الكبرى قضاياه الخاصة، وحضر في مختلف تفاصيل النضال الوطني للشعبين الشقيقين والبلدين الجارين، ولا يزال مقتنعا بنفس السلوك المتأصل، ويستمر في الالتزام به، ولكن المشكلة توجد في كون الجار الشرقي للمملكة يجثم عليه نظام عسكري مستبد ولم يتخلص من عقد وأمراض التاريخ، ويكن للمغرب عداء مرضيا لا يسعى أن يشفى منه.
من جهتنا نستمر في الدعاء لحكام الجزائر بالشفاء من كل العقد والأمراض، وأن يستطيع أهلنا في الجزائر التمتع بظروف حياة كريمة، وأن يتحقق الانفتاح والتعاون بين بلدان المنطقة المغاربية، وأن تنتصر إرادة الشعوب الطيبة.
<محتات الرقاص