إقصاء مر حصده فريق للوداد في نصف نهاية عصبة الأبطال الإفريقية لكرة القدم، وأمام من؟ أمام فريق جنوب إفريقي بمستوى جد متوسط، غير قادر على المنافسة، يكتفي بأسلوب محدود، في الأداء لا يتجاوز إمكانياته، يتكتل في الدفاع، يراقب الفريق الخصم، يسلمه الكرة، لا يمانع في ارتفاع نسبة استحواذ المنافس، لكن العبرة بالخواتيم.
وهذا ما نجح فيه كايزر شيفر الذي حقق ما كان يعتبر خلال دور المجموعات من سابع المستحيلات، إلا أنه تمكن من التأهل للمباراة النهاية، حيث سيلتقي بالأهلي المصري، على أرضية مركب محمد الخامس بالدار البيضاء، وهذه مرارة إضافية.
الكل تفاءل بقرار “الكاف” القاضي بإجراء المقابلة النهاية بالمغرب، والكل راهن على حضور الوداد، بهذا الموعد القاري الهام الذي يقود مباشرة نحو العالمية، إلا أن الأمل خاب، فكان الإقصاء مرة أخرى في نصف النهاية، ليسجل أكبر غياب لكرة القدم المغربية هذه السنة.
كان الرهان على الوداد، رهانا منطقيا إلى أقصى درجة ممكنة، خاصة بعد جلب جيش من اللاعبين الجاهزين من داخل المغرب وخارجه، ورجوع أغلب الرسميين لقمة مستواهم، كالكرتي، الحسوني، أشرف داري، العملود وغيرهم، واستعادة خدمات كل من أوناجم والكعبي، كل هذه المميزات كانت كافية للمراهنة على حضور ناجح خلال نسخة هذه السنة، إلا أن المسار توقف في دور النصف، لتصاحب ذلك خيبة أمل كبيرة وكبيرة جدا.
وطبيعي أن هناك أسبابا كانت وراء هذه النتيجة الصادمة، وبدون أي تحامل، فالمسؤولبة المباشرة يتحملها بالدرجة الأولى، المدرب التونسي فوزي البنزرتي الذي لم يعط للمسؤولية حق قدرها، بعدما استكان لسلسلة النتائج الإيجابية اللحظية، واكتفى بما قل ودل، لا اجتهاد، لا تنويع، لا تعدد في الاختبارات، الاعتماد على نفس اللاعبين، تطبيق نفس الأسلوب في اللعب، إلى درجة الملل.
شخص واحد، يفكر، يبرمج بمفرده، لا نقاش، لا تشاور، لا إشراك، وكما يقول المثل المغربي الدارج: “لي يحسب بوحدو يشيط ليه”، وهذا ما حدث بالفعل، فالأسلوب الأحادي في القيادة يقود مباشرة نحو الفشل، والبنزرتي اعتقد أنه قادر على تحقيق المطلوب، دون الحاجة إلى الكثير من العمل، ودون الاستعانة بأي أحد أو طرف آخر، والمدرب المساعد بالنسبة له للاستئناس فقط، والقاعدة هو أن يلعب هذا المساعد دورا شكليا، إلى حين حضور “القائد المبجل”.
هذا المدرب التونسي المجرب، والذي لا يستقر على حال، “رايح جاري”، قناعته تتجلى في أن الفردانية في العمل، هي الأنسب، داخل نادي الوداد، تماما كما هو الحال، بالنسبة للرئيس سعيد الناصري، الذي ينفرد بكل السلط، يفكر يبرمج وينفذ، لا يحب أن يشاركه أي أحد في المسؤولية، لأنه ببساطة لا يثق في محيطه، والكل المسؤوليات سواء الإدارية أو المالية والتدبيرية، تختزل في شخصه دون أي أحد أو أية جهة.
البنرزتي لم يخرج عن نفس السياق، والموضوعية تفرض القول إنه معذور، مادام الفراغ هو الذي يسيطر على الجانب التقني داخل الوداد، لا إدارة ولا هم يحزنون، في وقت كان من الممكن أن تتحقق هيكلة مضبوطة داخل هذا النادي العريق.
حققت الوداد في السنوات الأخيرة، نتائج في المستوى، وكان من الممكن جدا أن يستغل ذلك في تحسين هياكل النادي، وتقوية الجانب المؤسساتي، وإرساء روح العمل الجماعي، والإيمان بايجابية العمل على مستوى النادي ككل، وليس الاعتماد على الأفراد، إلا أن هذه الهيكلة المطلوبة لم تتحقق للأسف، أو ليست هناك إرادة حقيقية للوصول إلى ذلك، والنتيجة حدوث إقصاءات قاسية جدا.
هل ننتظر تغييرا ما ؟ وهل نترقب مراجعة تسيير وطريقة التدبير الغارقة في الارتجالية والعشوائية، واعتماد قرارات آخر لحظة، وربطها دائما بمزاجية السيد الرئيس؟
صراحة لا شىء يبدو في الأفق القريب، وفي الغالب سيتم امتصاص الغضب، و السعي لتجاوز التدمر العام بالطرق الملتوية المعتادة، وهذا الأسلوب تعوده الوداديون منذ سبع سنوات…
والى حين موعد التغيير المنشود، نتمنى للوداديين الأحرار الصبر والسلوان…
>محمد الروحلي