دعا حزب النهضة، صاحب أكبر كتلة في البرلمان التونسي، الثلاثاء إلى “حوار وطني”، مبديا استعداده للمشاركة في انتخابات تشريعية ورئاسية مبكرة لحل الأزمة السياسية القائمة في البلاد، وذلك بعد قرار الرئيس قيس سعيد تجميد أعمال البرلمان وإعفاء رئيس الوزراء هشام المشيشي من مهامه.
وقال القيادي في حزب النهضة نور الدين البحيري لوكالة فرانس برس “قررنا النضال السلمي لإفشال هذا المشروع، وندعو الرئيس إلى مراجعة هذه القرارات والعودة إلى العقل”.
وأضاف “بلادنا تحتاج إلى تضامن وطني. لسنا في حاجة لافتعال قضايا خلافية تقسم المجتمع والمؤسسات والدولة والأحزاب وتعزل تونس دوليا”.
وجاء في بيان أصدرته الحركة الممثلة في البرلمان بـ 53 عضوا من أصل 217، في وقت سابق، إن النهضة، “من أجل الخير للحياة الديموقراطية، مستعدة لانتخابات تشريعية ورئاسية مبكرة ومتزامنة من أجل ضمان حماية المسار الديموقراطي وتجنب كل تأخير من شأنه أن يستغل كعذر للتمسك بنظام استبدادي”.
وجدد البيان الذي حصلت وكالة فرانس برس على نسخة منه بالفرنسية وأخرى بالانكليزية، وصف قرارات سعيد بـ “الانقلاب غير القانوني وغير الدستوري”.
وأعلن سعيد الأحد تجميد أعمال البرلمان لمدة شهر، وأعفى المشيشي من مهامه وتولى بنفسه السلطة التنفيذية.
والاثنين، قرر سعيد أن يعفي وزير الدفاع ابراهيم البرتاجي ووزيرة العدل بالنيابة ووزيرة الوظيفة العمومية والناطقة الرسمية باسم الحكومة حسناء بن سليمان، من مهامهما.
وجاء ذلك في خضم أزمة اقتصادية واجتماعية فاقمتها تداعيات جائحة كوفيد 19. وأثارت القرارات الرئاسية قلقا لدى جهات دولية.
وقال متحدث باسم الاتحاد الأوروبي الثلاثاء “ندعو كل الجهات الفاعلة في تونس إلى احترام الدستور، والمؤسسات الدستورية وسيادة القانون… ندعوها كذلك إلى التحلي بالهدوء وتجنب أي لجوء للعنف حفاظا على استقرار البلاد”.
ودعت روسيا إلى تسوية الخلافات الداخلية “في إطار القانون”. وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف “نأمل ألا يهد د شيء استقرار شعب ذلك البلد وأمنه”.
في الشارع، قوبلت قرارات سعيد بالترحيب من تونسيين مستائين من تأزم الوضع الصحي في البلاد حيث تسجل نسبة وفيات من بين الأعلى في العالم.
في المقابل، عبر آخرون عن رفضهم لها متخوفين من الرجوع إلى الدكتاتورية في البلد الذي يعتبر مهد “الربيع العربي” بعد ثورة 2011 التي أطاحت بنظام الدكتاتور الراحل زين العابدين بن علي.
ولم تتمكن الحكومات المتعاقبة بعد الثورة التي وضعت البلاد على سكة الممارسة الديموقراطية، من إيجاد حلول لمسألة البطالة التي كانت مطلبا أساسيا للثورة، ما ساهم في تنامي الغضب الشعبي.
وتساءلت صحيفة “لابرس” الفرنسية في افتتاحيتها الثلاثاء “هل علينا أن نخاف على الثورة؟” وخصوصا أن “شبح عدم اليقين السياسي والإفلاس المقترن بآثار الأزمة الصحية سيئة الإدارة” أحدثت “خضة الأحد”.
وكتبت صحيفة “المغرب” في الصفحة الأولى “تونس والمخاطر الجديدة”، مبينة “أن شرط نجاح ما أقدم عليه رئيس الجمهورية هو ألا يؤدي لفظ المنظومة التي حكمت البلاد خلال عقد من الزمن إلى وأد الديمقراطية”.
وقال رئيس الحكومة المقال هشام المشيشي الاثنين في بيان “أصطف كما كنت دائما إلى جانب شعبنا واستحقاقاته، وأعلن عدم تمس كي بأي منصب أو أية مسؤولية في الدولة… سأتولى تسليم المسؤولية إلى الشخصية التي سيكل فها رئيس الجمهورية لرئاسة الحكومة في كنف سنة التداول التي دأبت عليها بلادنا منذ الثورة وفي احترام للنواميس التي تليق بالدولة”.
ويؤكد المحلل السياسي صلاح الدين الجورشي أن “سعي د سيكون حذرا جدا في عملية اختيار رئيس الحكومة القادم لأنه يريد شخصا يثق به ويتقاسم معه السياسات نفسها”.
ويتابع الجورشي “ستكون هناك حكومة سعيد” لتحسين أوضاع التونسيين.
وأثارت التطورات السياسية في تونس ردود فعل في العديد من الدول. فأملت باريس “بعودة المؤسسات إلى عملها الطبيعي” في أقرب وقت.
ودعت وزارة الخارجية الفرنسية “جميع القوى السياسية في البلاد الى تجنب أي شكل من أشكال العنف والحفاظ على المكتسبات الديموقراطية للبلاد”.
وأكدت مفوضية الإتحاد الإفريقي في بيان الثلاثاء وجوب “التزام الاحترام التام للدستور التونسي وحفظ السلام ونبذ جميع أشكال العنف، وتعزيز الحوار السياسي لحل المشاكل المطروحة”.
وقال متحدث باسم الحكومة البريطانية إنه لا يمكن تجاوز التحديات الحالية في تونس إلا “عن طريق الالتزام بمبادىء الديموقراطية والشفافية وحقوق الإنسان وحرية التعبير”.
ودعا كل الأطراف الى الحفاظ “على سمعة تونس كمجتمع منفتح ومتسامح ولحماية الإنجازات الديموقراطية لثورة 2011”.
ويعتبر الجورشي أن الرئيس التونسي “أمام تحد كبير ليظهر للتونسيين والعالم أنه اتخذ القرارات الصائبة”.
< أ.ف.ب