تنقل أخبار الحملات الانتخابية من المناطق قصصا وحكايات تكشف أن إغراق الدوائر الانتخابية بالأموال الباهظة لشراء الأصوات، وحتى المرشحين، من طرف جهات حزبية صارت معروفة لدى الجميع، يكثر أساسا بهذه الأقاليم الصغيرة أو الفقيرة أو البعيدة أو المهمشة…
ربما الواقع الاجتماعي والاقتصادي هناك، وطبيعة بعض العادات المتراكمة، والعلاقات السائدة، تشجع انتشار هذه الظاهرة وتفاقمها، وسعي بعض المرشحين، عبر جحافل «الشناقا» العاملين لديهم، للعبور إلى المؤسسات من خلال الترشح في هذه الدوائر بالذات، ومن ثم تجميع المقاعد لاصطناع صدارة تم شراؤها بهذه الأموال الموزعة بشكل فاضح.
بالفعل السلطات الإدارية والقضائية من واجبها التصدي لهذه الرشاوى الانتخابية في كل جهات البلاد بدون استثناء، والضرب بقوة على أيدي المفسدين، والحرص على نزاهة ومصداقية العمليات الانتخابية، ولكن عدد من مناطقنا الفقيرة والمهمشة، والتي تشهد هذه الأيام فضائح حقيقية عبر توزيع المال وشراء الذمم، هي التي تحتاج اليوم، أكثر من غيرها، إلى التعبئة الشعبية وتصدي المواطنات والمواطنين للفساد والمفسدين، وفضح تجار الانتخابات، وفِي المقابل، دعم ومساندة النزهاء والأكفاء، ومرشحات ومرشحي القوى الوطنية الجادة والمناضلة.
في عدد من المدن الصغيرة والمتوسطة، وفِي الأقاليم الفقيرة والمهمشة، يعاني السكان من غياب أبسط الخدمات الأساسية، وتنعدم التجهيزات التحتية، ولا توجد أي فرص أو ديناميات للتأهيل والتنمية والتقدم، وفِي المقابل هناك «منتخبون» تتغير أحوالهم المادية والاجتماعية بين عشية وضحاها، ويتحولون إلى أباطرة وأعيان في هذه المناطق، دون أن يعرف أحد مصدر ثرائهم، عدا أنهم أمسكوا بعضوية الجماعات أو رئاستها…
وهذا كاف، ليفرض على الناس اليوم تقوية يقظتهم وتصديهم لهؤلاء المفسدين، وأن يدركوا أن من يبذر كل هذه الأموال لشراء الأصوات، هو يفعل ذلك من أجل أن يستردها بالنصب والنهب والاختلاس، ولا تهمه لا مصالح السكان ولا مستقبلهم أو مستقبل الجماعات والدوائر…
إن مسؤولية الناخبات والناخبين اليوم تفرض التفكير في واقعهم وأوضاع مدنهم، والانطلاق من ذلك لاختيار ممثلين أكفاء ونزهاء لتدبير شؤونهم.
مناطقنا المهمشة وأوضاع الفئات الفقيرة من شعبنا هي التي يجب أن تحثنا على حسن الاختيار يوم ثامن شتنبر، وأن نصوت على الأكفاء والنزهاء، وعلى الذين يسعون للعمل بـ»المعقول»، ويمتلكون الجدية والمصداقية.
لنتصدى إذن بأصواتنا لمفسدي الانتخابات، وللمتسلطين على الجماعات والمؤسسات التمثيلية، وعلى لوبيات النهب والريع، والسماسرة و»الشناقا».
داخل المعزل يوم ثامن شتنبر، يجب أن نعتبر صوتنا شهادة حق، وأن ندلي بها بكامل النزاهة والصدق، وألا نفكر سوى في مصلحة بلادنا وشعبنا ومستقبلهما.
إذا انخرطنا، كمواطنات ومواطنين، في هذا التصدي للمفسدين، يصير التغيير ممكنا، ونستطيع أن نفرض «المعقول» في مختلف هيئاتنا التمثيلية المحلية والجهوية والوطنية، وأن نهزم المال الانتخابي وكل الضغوط الأخرى.
<محتات الرقاص