أبى العدو الشبح كوفيد إلا أن يخطف من ساحتنا الفنية، اسما آخر بارزا هو الفنان الكبير عزيز الفاضلي، الفنان المتعدد المواهب الذي ترك بصمته الخاصة في عدة مجالات: مسرح الدمى، الدراما التلفزيونية والسينما، النشاط الإعلامي، ونخص بالذكر هنا تكلفه بتقديم النشرة الجوية في ثمانينات القرن الماضي، حين تم التفكير في الرقي بالبرمجة التلفزية وتكسير نمطيتها، وفعلا كانت له الجرأة في تقديم النشرة بنمط آخر مختلف ومبتكر.
غادر دنيانا يوم الجمعة الماضي عن سن 78 سنة في أحد المستشفيات بهولندا، بعد معاناة من الإصابة بمرض كوفيد.
من بين الأعمال الفنية التي كانت له فيها مشاركة متميزة: سلسلات «صور عائلية»، «لابريكاد» و»شيب وشياب»، وعدة أفلام سينمائية وتلفزيونية: «عرس الآخرين»، «أبواب الليل السبعة»، «حد الصداقة»، «بلا موطن»، «نساء الجناح ج»، «البركة في راسك».
وكان للرحيل المفاجئ لهذا الاسم البارز في ساحتنا الفنية أثر بليغ على رفاقه في درب الفن والثقافة، عكستها مجمل التدوينات التي أعقبت وفاته، حيث تم اعتباره «محبوب الجميع بأخلاقه الحميدة، وحرصه على ترسيخ القيم الخلقية والوطنية في الناشئة لثلاثة عقود، وأنه لن يطويه النسيان».
كما تم وصفه في شهادة أخرى بحق «مهندس صندوق الفراجة ومشخص الدور الخالد (بئيس الديس) في سلسلة صور عائلية، فكم حلمنا دون حدود مع هذه الشخصية الاستثنائية التي تلذذنا معها عبر تجربة صندوق الفراجة، ثم عبر روائع المسرح والتلفزيون والسينما في جل مراحل طفولتنا ونضجنا، كما تسمرت أعيننا والتفتت أعناقنا مشرئبة للشاشة الصغيرة عندما كان يطل علينا «ميستر ميتيو» كل مساء بعنفوانه الاستثنائي وبشخصية مختلفة كل ليلة ليحمل لنا أخبار قطرات الغيث، فبقيت تلك الصور عالقة وستبقى إلى الأبد في مخيلتنا تحملها روح الفقيد الودودة الكريمة».
كما تم التذكير في شهادة أخرى بأن الراحل «ابتدأ مشواره الفني بفرقة الهلال الذهبي بالحي المحمدي، رفقة حميد الزوغي ومحمد مفتاح.. قبل أن ينتقل إلى مسرح الطيب الصديقي، حيث تكلف بمختبر الفرقة، الأقنعة والكراكيز، ثم التشخيص والأداء. بعد ذلك فتحت أبواب الاحتراف على مصراعيه للفقيد، وبرز نجمه لامعا في الإبداع المسرحي والبصري عموما».
وتم اعتباره في إحدى الشهادات كذلك بأنه «ممثل فريد من نوعه، لا يمكن تعويضه، وأنه ما زال في جعبته الكثير لتقديمه على مستوى التشخيص الدرامي والسينمائي على حد سواء، فمن بين الأدوار التي كان يعدها له خصيصا أحد المخرجين، دور الأب الحنون الحالم..».
ونعاه آخرون بالإشارة إلى أن «الفن حزين بوفاة محرك الدمى والانفعالات..».
وقد وصل جثمان الراحل السبت الماضي من هولندا حيث فارق الحياة، إلى المغرب مثواه الأخير.
برحيله ترك المرحوم عزيز الفاضلي فراغا في الساحة الفنية، لكن في المقابل خلف أبناء يسيرون على خطاه، نخص بالذكر المخرج عادل الفاضلي والفنانة الفكاهية حنان الفاضلي، كما تربت على يديه أجيال وأجيال، خاصة من خلال عروضه التربوية التي كان يقدمها في المؤسسات التعليمية، من خلال مسرح الدمى.
عبد العالي بركات