في كلمته أمام القمة الاستثنائية للاتحاد الإفريقي بمالابو حول مكافحة الإرهاب والتغييرات غير الدستورية للحكومات بإفريقيا، كشف الوزير ناصر بوريطة عن العلاقة المتصلة والوثيقة بين الإرهاب والانفصال، مشددا على أن الأمر بات اليوم يمثل تهديدا حقيقيا لسيادة ووحدة دول القارة، وأيضا للسلم والاستقرار بكامل المنطقة.
الكثير من الوقائع والأحداث جرت في عدد من البلدان الإفريقية تبرز حقيقة العلاقة بين التطرف والإرهاب وتفكيك وحدة الدول، وبيان قمة مالابو شدد على ضرورة التصدي لذلك، وعدم التساهل مع التهديدات الإرهابية المتصاعدة.
بالنسبة لبلادنا، التي يشيد العالم كله بنجاعة مقاربتها وتصديها للخطر الإرهابي، تنبه المجتمع الدولي اليوم إلى أن السعي لتفكيك الدول واستهداف وحدتها الترابية واستقرارها المجتمعي والسياسي يمثل أسلوبا آخر للإرهاب، ويمهد له.
العالم كله يتابع اليوم تفاقم اليأس الذي يلف عناصر القيادة التائهة للجبهة الانفصالية، وهو ما تفضحه تصريحاتها الرعناء، وآخرها تصريح أحد عناصرها الذي تضمن تهديدا مباشرا ومعلنا للمغرب بالقيام بأعمال إرهابية واستهداف مدن ومناطق داخل المغرب، وهو ما يكشف الوجه الحقيقي للعصابة المتحكمة في تيندوف بأوامر من النظام العسكري الجزائري.
لقد كان المغرب يعرف دائما هذا الوجه البشع لخصومه، ولكنهم اليوم لم يعودوا يترددون في الإفصاح عنه أمام كل الدنيا وفي تصريحات معلنة، وهو ما يضع المسؤولية على عاتق المنتظم الدولي لحماية الأمن والسلم والاستقرار بكل المنطقة.
الجبهة الانفصالية سبق أن تورطت عناصر من قيادييها في العمل مع جماعات إرهابية بمناطق الساحل والصحراء، وسبق أن وقفت منظمات دولية عديدة عن اختلاسات واتجار من طرفها في المساعدات الغذائية والإنسانية الموجهة لمخيمات تنيدوف…، وكل هذا يؤكد أن الجماعة لم تعد تتردد في معانقة الإرهاب واقتراف جرائم ضد المدنيين، وذلك بسبب اليأس والعجز الناتجين عن تبعيتها لجينرالات الجزائر، وتملك النظام العسكري للقرار.
اليوم لم يعد الخطر الإرهابي محصورا في منطقة محددة، ولكنه امتد لعديد مناطق في آسيا وإفريقيا، وما يشهده العالم من تحولات وتعقيدات وأزمات يزيد في مفاقمة حدة الخطر، كما أن الجماعات الانفصالية، خصوصا في بلدان إفريقية، توطدت صلاتها وتعاونها مع الحركات الإرهابية بسبب أهداف ومصالح مشتركة، وتبعا لذلك انتشرت تجارة السلاح والجريمة المنظمة واختطاف المدنيين وغير ذلك، وتوسع، بالتالي، امتداد الخطر الإرهابي، وتعددت تدخلات دول وأنظمة لاستغلال ذلك وتسخيره لتحقيق مصالحها التوسعية والهيمنية والإستراتيجية.
وضمن هذا الواقع، ارتمت الجبهة الانفصالية في عالم الإرهاب، وكرست تعاون عناصرها مع عصابات الجريمة المنظمة، وتوجت كل هذا بتصريحات واضحة ومعلنة لقيادييها، ما يفرض تصنيفها منظمة إرهابية، وترتيب ما يلزم تبعا لذلك.
عشرات الدول عبر العالم تعلن اليوم مساندتها للموقف الوطني المغربي بخصوص النزاع المفتعل حول مغربية الأقاليم الصحراوية، ومن أبرز تلك المواقف، هناك موقف الولايات المتحدة الأمريكية وموقف إسبانيا، وأيضا موقف كل الدول العربية وأغلب الدول الإفريقية وسواها، علاوة على أنه منذ سنوات لا يطرح أمام العالم والأمم المتحدة سوى مقترح المغرب المتعلق بالحكم الذاتي، وهو القاعدة المطروحة بشأن الحل السياسي المطلوب للنزاع المفتعل، ومقابل ذلك لم يسبق للطرف الآخر أن تقدم بأي مقترح من أجل تحقيق الحل، ويكتفي بالتماطل والهروب، كل مرة، إلى الأمام، والارتهان لتعليمات النظام العسكري في البلد الراعي، وكل هذا يقود إلى ضرورة تحمل المجتمع الدولي لمسؤوليته، والتصدي للرعونة والعبث المتعامل بهما من لدن الجزائر وصنيعتها في تيندوف.
إن العلاقة الواضحة والمتينة اليوم بين الإرهاب والانفصال، والتواطؤ والتنسيق بين الجماعات الإرهابية والحركات الانفصالية وعصابات الجريمة المنظمة، تمثل خطرا حقيقيا، خصوصا أمام الهشاشة التنموية والسياسية للكثير من بلدان إفريقيا، وأساسا في منطقة الساحل والصحراء، وهذا هو ما يقتضي جدية أكبر من لدن الدول الكبرى، واستنفارا دوليا قصد التصدي الجماعي، ومن أجل العمل على تقوية الأمن والاستقرار، وحماية السلم الإقليمي، ومواجهة تفكيك الدول واستهداف وحدتها واستقرارها.
إن هذا هو عمق الرسالة التي يوجهها المغرب للعالم، سواء عبر قمة مالابو الإفريقية أو قبل ذلك في اجتماع التحالف الدولي المناهض لـ»داعش» الذي كان انعقد بمراكش.
<محتات الرقاص