التحديات المستقبلية وواقع إعلامنا الرياضي…

تأكد بالملموس، أن الرهان على كرة القدم بالمغرب، تحول لخيار استراتيجي للدولة ككل، إذ لم يعد ينظر للممارسة كما في السابق، مجرد لعبة رياضية فقط، تسمتد قوتها من عشق لا ينتهى، قادرة على تحريك ملايين البشر بمختلف القارات، وما يترتب عن ذلك، من انعكاسات، غير محدودة الابعاد والاتجاهات…

هذا التحول الجوهري، غير النظرة بدرجة كبيرة، تجلى ذلك في ضع أسس التعامل، مع القطاع كصناعة قائمة الذات، بروافدها المختلفة، وتأثيراتها المتزايدة،،في أفق الإستفادة من عائدات متعددة، وأرباح ضخمة تحققها كرة القدم على الصعيد الدولي…

والإيجابي أن هذا الخيار الإستراتيجي، يستمد قوته من رعاية ملكية سامية، يقودها بحكمة جلالة الملك محمد السادس، تم تنزيلها بدقة متناهية وعبر مراحل، ووفق مخططات تراعي الأسبقيات، وتدرج يتوافق مع كل ما هو مطلوب، في الزمان والمكان المحددين…

وللوصول إلى إنجاح هذه المراحل الحاسمة، كان لابد من وضع أسس ضامنة، بدأ من بنية تحتية صلبة، موارد كافية، أطر تتمتع بكفاءة عالية، وعلاقات متعددة وواسعة، على أساس مبدأ رابح- رابح.

كل هذه الأسبقيات كان لابد لها من إشعاع مواكب، بل داعم لكل هذه التحديات، من خلال حضور لافت بأكبر التظاهرات الدولية، والتفوق في استضافة أكبر الأحداث، بصفتها منصات ترويج واسعة الانتشار، وعلى أعلى مستوى.

بالفعل هناك تفوق متعدد الأوجه والأضلع، بسعى حثيث للوصول إلى القمة، عبر استضافة كأس إفريقيا سنة 2025، مرورا بمونديال الأندية سنة 2029، بصيغته الجديدة، وصولا في كامل الجاهزية لمونديال 2030، كلها أحداث كبرى، يتوقع أن تصل لمستويات جد متطورة..

وجاء بلاغ الحكومة الصادر الأسبوع الماضي، ليؤكد الشروع في مناهج التحديث، والاستجابة بدقة لبنوذ دفتر التحملات، حيث تم الإعلان عن انخراط مؤسسة مالية وطنية كبرى (CDG)، وتكليفها بمهمة الانكباب على الشق المتعلق بالملاعب، وتجهيزها وتحديثها، حتى تكون مؤهلة عبر مراحل، وبرمجة وصولها إلى الاستيفاء كل البنود والشروط المحددة، سواء من طرف “الكاف” أو “الفيفا”…

المؤكد أن هناك مخططات تقضي بإنخراط كل القطاعات الحكومية، والمصالح التابعة للمدن والمجالس المنتخبة، وصولا إلى مساهمة أساسية للقطاع الخاص، سواء المحلي منه أو الدولي.

إلا أن الحديث عن تنظيم تظاهرات من مستوى عال، يمر أيضا عبر أهمية وجود إعلام رياضي وطني متخصص، بمهنية عالية ونفس جديد، واستثمار كل الكفاءات، داخل مشهد إعلامي متطور، يحضر فيه الاهتمام بالعنصر البشري بالدرجة الأولى، مرورا بتجهيزات تراعي التحديات المستقبلية، ومستجداتها المتلاحقة…

فهل بهذا المستوى الذي نعيشه حاليا، يمكن إعلامنا، الإضطلاع بهذه المهمة الحيوية؟

فطبيعي أن يكون الجواب بالنفي القاطع، كما يمكن أن نلخص الإجابة في مجموعة من الأمثلة من قبيل: “فاقد الشىء لا يعطيه”، و”فوق طاقتك لا تلام”، وقص على ذلك من النعوث والأوصاف والدلالات..تلخص واقعا مؤسفا، لمشهد إعلامي وطني غير مؤهل تماما، بل غير قادر على مواكبة التحديات المستقبلية…

وحين نتحدث عن إعلام رياضي وطني متخصص ومتفوق، يأتي في المقدمة السمعي- البصري والإلكتروني، فبدون تطوير هذا الشق الأساسي، بما له من تأثير واسع، لا يمكن للمنظومة الإعلامية عموما، أن تصل بعملها إلى المستوى المطلوب، وبالتالي فالأساس يبدأ من الحرص على إعادة هيكلة القطاع وتاطيره وتقنينه، وفسح المجال لإبراز كفاته واطره، عبر تلاقح الاجيال، وتحصين المجال من تعدد الاخترقات، والحد من العبث الذي تمارسه طفيليات وأجسام غريبة، أصبحت تعيث فسادا وتنشر الفوضى والتسيب…

>محمد الروحلي

Top