في معرض للوظائف يستهدف الخريجين في شنغهاي، يشعر المولجون باجتذاب الكفاءات الشابة بالملل وهم جالسون في أكشاكهم تحت المطر، في انتظار المرشحين المحتملين. فعلى الرغم من ارتفاع معدل البطالة في الصين، لا تتوافق فرص العمل المعروضة في كثير من الأحيان مع تطلعات الشباب.
تمثل البطالة في أوساط هذه الفئة مشكلة ملحة في الصين، حتى أن الرئيس شي جينبينغ طلب من كبار مسؤولي الحزب الشيوعي مؤخرا وضعها “على رأس أولوياتهم”.
ويؤشر ذلك في رأي العديد من المحللين إلى أن الصين مقبلة على اعتماد إصلاحات قبل الجلسة الكاملة الثالثة للجنة المركزية للحزب الشيوعي في يوليو، وهو الاجتماع الذي شهد في كثير من الأحيان تغييرات كبيرة في السياسة الاقتصادية.
في منتصف عام 2023، ارتفع معدل البطالة إلى مستوى غير مسبوق بلغ 21,3% قبل أن تتوقف السلطات عن نشر الأرقام الشهرية. وهي استأنفت ذلك في دجنبر، بعد تعديل طريقة احتسابها.
هيمنت الوظائف في قطاع الضيافة والموارد البشرية على ما وفره معرض التوظيف في شنغهاي، وهو واحد من عدة معارض نظمتها السلطات المحلية.
ويقول طالب معلوماتية، وهو من الشباب القلائل الذين حضروا المعرض، لوكالة فرانس برس “من الصعب العثور على وظيفة تتوافق مع شهادتك وتطلعاتك”.
وتقول جوليا شاو التي تسعى لاستقطاب موظفين لسلسلة مطاعم “في الواقع، توقعات الكثير من الخريجين عالية جدا. لن يروق لهم هذا النوع من الوظائف الأساسية. يفضلون… وظيفة مرموقة.
ذكر شي جينبينغ الخريجين على وجه التحديد في خطابه أمام المكتب السياسي للحزب الشيوعي، مشيرا إلى “ضرورة استحداث مزيد من فرص العمل لهم لممارسة ما تعلموه”.
وتلفت إيريكا تاي، مديرة أبحاث الاقتصاد الكلي في مصرف مايبانك، لوكالة فرانس برس، إن القادة الصينيين سبق لهم أن أدلوا بتصريحات “تؤكد الطابع الملح” لتوظيف الشباب.
ومع استمرار ضعف الاستهلاك والأزمة العميقة في قطاع العقارات، ينظر إلى البطالة على أنها إحدى العقبات الرئيسية أمام استئناف الصين نموها القوي في مرحلة ما بعد الجائحة.
وقال هاري ميرفي كروز من وكالة موديز أناليتكس إنه على الرغم من أن التصريحات ما زالت غامضة “من الواضح أن هناك تغيير في السياسة… نتوقع أن تكون السياسات الرامية إلى الحد من البطالة بين الشباب ركيزة أساسية للمناقشات” في الجلسة المقبلة للجنة المركزية.
وأكد الرئيس الصيني رغبته في تشجيع الشباب “على إيجاد وظائف أو إنشاء أعمال في المجالات الرئيسية والقطاعات المهمة”، وفق تصريحاته المنشورة.
وتوقع ميرفي كروز أن تقوم الحكومة بزيادة المساعدات لتشجيع الشركات على توظيف الخريجين الشباب وتشجيع التدريب الداخلي.
لكن هذه مجرد “حلول مؤقتة”، كما يقول المحلل. وعلى المدى الطويل، هناك حاجة إلى “إصلاحات أوسع نطاقا في السياسات الصناعية والتعليمية” لضمان المواءمة على نحو أفضل بين مهارات الخريجين ومتطلبات أصحاب العمل.
تريد الحكومة التشجيع على تولي الوظائف التي “تتناسب مع الأولويات السياسية الرئيسية” أو في القطاعات التي تتعرض لضغوط، مثل تحديث القطاع الصناعي والابتكار، وفق تاي. في المقابل، تتضاءل الفرص أمام خريجي علم الاجتماع والصحافة والقانون.
قرب كلية الحقوق في شنغهاي، يعبر طلاب السنة النهائية عن قلقهم.
تقول تشيان لي (22 عاما) في معرض حديثها عن التسريح من العمل والتخفيضات في الرواتب في شركات المحاماة الصينية الكبرى “منذ بداية الجائحة، أصبح الأمر أصعب من ذي قبل. حتى أولئك الذين لديهم وظيفة قد لا يتمكنون من الاحتفاظ بها، وبالتالي قد يكون الحصول على مثل تلك الوظيفة أكثر صعوبة بالنسبة للجدد”.
اختارت تشيان وزميلتها وانغ هوي مواصلة دراستهما.
تباطأ نمو القطاع الخاص في الصين بشكل ملحوظ، ويرجع ذلك جزئيا إلى التدابير المتخذة ضد عمالقة التكنولوجيا.
ويرغب العديد من الشباب في أن يصبحوا موظفين حكوميين، وهو الخيار الذي ينظر إليه على أنه أكثر استقرارا، أو مواصلة الدراسة للحصول على درجات عليا، مثل وانغ وتشيان.
لكن كارل هو، وهو طالب آخر في كلية الحقوق، يرى أن الصعوبة لا تكمن في العثور على وظيفة، بل في الحصول على “وظيفة مناسبة” من حيث الراتب والمزايا.
وعلى رغم نيله وظيفة جيدة في أحد البنوك، يقول إن الكثير من الطلاب بحاجة إلى “خفض توقعاتهم”.
أ.ف.ب