من العاصمة الرباط، أطلق مجموعة من الحقوقيين والإعلاميين نداء استعجاليا من أجل إطلاق حملة عالمية لوضع اتفاقية جديدة لحماية الصحفيات والصحفيين، خاصة أثناء ممارسة عملهم في أماكن النزاعات المسلحة، داعين إلى تظافر كل القوى، بما فيها النسيج الحقوقي العربي وشبكة المؤسسات والنسيج الإعلامي بنقاباته وتنظيماته ، بل وكل الفاعلين الحقوقيين عبر العالم للترافع من أجل ميثاق دولي جديد أساسا لحماية الصحفيين بعد أن أثبت الواقع عدم فاعلية القوانين والاتفاقيات الدولية الجاري بها العمل حاليا.
جاء هذا النداء خلال فعاليات الندوة الإقليمية “حول دور الإعلام في تعزيز التمتع بالحق في الغذاء الكافي، في ظل النزاعات المسلحة وتغير البيئة والمناخ”، التي نظمها مساء يوم الأربعاء بالرباط، مركز الشروق بالتعاون مع مركز الأمم المتحدة للتدريب والتوثيق في مجال حقوق الإنسان والمجلس الوطني لحقوق الإنسان بالمملكة المغربية ومركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسان بشبكة الجزيرة الإعلامية، والشبكة العربية للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان واللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بدولة قطر.
وقال محمد أوجار، وزير العدل وحقوق الإنسان سابقا، رئيس مركز الشروق للديمقراطية والإعلام وحقوق الإنسان،في تدخل ألقاه في هذه الندوة التي حضرها عدد من القامات والفعاليات الحقوقية والإعلامية، “إنه حان الوقت لتحرك قوي يجمع بين النسيج الحقوقي العربي وشبكة المؤسسات والنسيج الإعلامي بنقاباته وتنظيماته للترافع من أجل ميثاق دولي جديد أساسا لحماية الصحفيين، خاصة وأن النزعات التي تشهدها عديد مناطق في العالم، أظهرت استهداف الصحفيين “.
وهذا المعطى وقف عليه أوجار من خلال تجربته ضمن بعثة الأمم المتحدة لعدد من مناطق النزاع، حيث أردف قائلا”خلال تجربتي الطويلة، كحامل لقبعة الأمم المتحدة في عدد من النزاعات ، لاحظت أن الطرف الآخر من الضحايا هم الصحفيون سواء كان النزاع بين دولتين، أو تتدخل فيه عدد من المليشيات أوالتنظيمات”.
ودعا في هذا الصدد، إلى استعجال إطلاق هذه الحملة لاستغلال رئاسة المغرب لمجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة ، والتواجد النشيط لشبكة المؤسسات العربية المعنية بحقوق الإنسان واللجان الوطنية ومجالس حقوق الإنسان،والعمل الذي تقوم به النقابات الإعلامية ، والأخذ بزمام المبادرة والتحول إلى منتج لقيم جديدة عبر طرح صكوك واتفاقية جديدة، عوض الصكوك الموجودة والتي تعود لأواسط القرن العشرين.
واستطرد في هذا الصدد، قائلا” نحن بحاجة إلى إرادة جديدة لإقناع العالم بضرورة صياغة ميثاق جديد وبروتوكول جديد أو على الأقل استصدار بيان مخصص لحماية الصحفيين في النزاعات الدولية” ، منبها إلى ما تشهده الإنسانية اليوم من حروب ونزاعات والتي بلغت من الهمجية والبشاعة ما لم تشهده الإنسانية من قبل، معبرا عن الأسف في كون المناطق العربية تحتضن العدد الكبير من هذه النزاعات، في السودان،في سوريا ، في العراق في ليبيا ، وكذا في الأراضي الفلسطينية المحتلة اساسا في غزة والتي ما يحدث بها يعد قمة ما تشهده الإنسانية من همجية وبشاعة وخرق للمواثيق الدولية”.
وحمل محمد بن سيف الكواري، نائب رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في قطر، نفس النداء، وطرح ست توصيات للدفع في اتجاه تسريع وحشد الدعم لمبادرة إطلاق حملة عالمية لوضع منظومة قانونية دولية خاصة بحماية الصحفيين في مناطق النزاع، داعيا في هذا الصدد إلى العمل بمنهجية تكون محصلتها تظافر جهود مختلف الأطراف المعنية تحقيقا لهدف توفير الحماية وضمانها للإعلاميين، حيث ينبغي العمل مع أصحاب المصلحة، ومع كل الآليات الوطنية والإقليمية سواء العربية أو في البلدان الغربية لتحقيق هذا الغرض.
هذا ولم يفت نائب رئيس اللجنة الوطنية في قطر، على التأكيد على تحمل الدول لمسؤوليتها الكاملة في القضايا ذات الصلة بانتهاك حق الصحفيين في القيام بعملهم وتعريض حياتهم للخطر أو في حالة حدوث قتل، إلى القيام بالتحقييقات المطلوبة بشكل فعال في كل الاعتداءات التي تطال الصحفيين.
أما سلطان بن حسن الجمالي الأمين العام للشبكة العربية لحقوق الإنسان، فقد أكد على ضرورة توحيد الجهود بين مختلف الأطراف المعنية اساسا الفعاليات الحقوقية والمؤسسات واللجان الوطنية لحقوق الإنسان للدفع في اتجاه صياغة نص دولي جديد يؤمن الحماية للإعلاميين في مناطق النزاع، واستعرض في هذا الصدد مختلف المبادرات التي قامت بها الشبكة في اتجاه تحقيق معاقبة مقترفي جرائم القتل في حق الصحفيين والتي جرت في الأراضي الفلسطينية المحتلة ،حيث رفعت ملفات عدد من الإعلاميين الذين انتهك حقهم في الحياة وسقطوا ضحايا في ساحة الحرب، سواء في ملف الإعلامية القتيلة ، شيرين أبو عقلة ، وكذا ملفات عدد من الصحفيين الذين قتلوا أساسا خلال الأشهر الأخيرة في الحرب على قطاع غزة، والذين بلغ عددهم أكثر من 180 شهيدا ، وفق معطيات رقمية لنقابة الصحفيين الفلسطينيين.
ومن جهته، اعتبر مختار الخليل، مدير موقع الجزيرة نت، خلال مشاركته في هذه الندوة الإقليمية والتي تأتي في إطار الورشة التدريبية لفائدة الصحفيين المهنيين، والتي تهدف إلى زيادة وتطوير مهاراتهم في إدماج مبادئ ومعايير حقوق الإنسان ومخرجات الآليات الدولية، أن على الصحفي المهني والذي يعد مؤرخا صغيرا، الالتزام الحثيث، بقواعد المهنية أثناء قيامه بتغطية الأحداث في أماكن النزاع، مشيرا إلى أهمية خلق رأي عام عالمي ضد قتل الصحفيين وضد إفلات القاتلين من العقاب.
وقال في هذا الصدد، إن قناة الجزيرة قامت بعدة مبادرات وذلك من باب الواجب وليس كقضية سياسية أو للدعاية، حيث فعلت هاشتاغ” استهداف الصحفيين جريمة، ولاقت تجاوبا كبيرا ، مؤكدا أن تحديات كبرى يواجهها الصحفيون في ظل الاتفاقات والترسانة القانونية الموجودة، وأنه بات من الضروري عقد مؤتمر عالمي ليس بغرض إعادة النظر في مضامين هذه الاتفاقيات بل أيضا من أجل وضع إعلان لحماية الصحفيين.
ويشار أنه في بداية هذه الندوة الإقليمية ،تم عرض شريط أنجزه طاقم قناة الجزيرة القطرية، يوثق الاستهداف الذي طال حياة الصحفيين أثناء ممارستهم عملهم بقطاع غزة ، وشهادات زملائهم في توصيف وقائع القتل والانتهاكات التي تعرض لها الإعلاميات والإعلاميون ، والأوضاع الخطيرة التي يزاول فيها من هم في الميدان من الإعلاميين عملهم، وذلك لنقل الحقائق في الميدان ومظاهر الهمجية التي طالت الإنسان والعمران.
هذا وتهدف هذه الندوة والفعاليات التي نظمها مركز الشروق بالتعاون مع مركز الأمم المتحدة للتدريب والتوثيق في مجال حقوق الإنسان والمجلس الوطني لحقوق الإنسان بالمغرب ومركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسان بشبكة الجزيرة الإعلامية، والشبكة العربية للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان واللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بدولة قطر، إلى زيادة معارف الصحفيين وتطوير مهاراتهم في إدماج مبادئ ومعايير حقوق الإنسان ومخرجات الآليات الدولية المتعلقة بإعمال الحق في الغذاء وتمكين الناس من الحصول عليه في ظل أزمات النزاعات المسلحة وتغير البيئة والمناخ والمساهمة في أنسنة الرسالة الإعلامية من خلال زيادة مساحة وتأثير المحتوى الحقوقي والإنساني في التغطية الصحفية المهنية التي يقوم بها الصحفيون .
< فنن العفاني