أقرت النشرة الفصلية للوكالة القضائية للمملكة، أن خمس إدارات وهي الداخلية والتجهيز والماء والفلاحة والصحة والتربية الوطنية تستأثر وحدها بأكثر من نصف منازعات الدولة، مشيرة إلى أن الوكالة كمؤسسة تتولى الدفاع عن الدولة وأشخاص القانون العام أمام القضاء، لم تتوصل إلا بـ 20 ألف قضية من أصل 60 ألف من قضايا الدولة التي تسجل سنويا.
وكشفت الوكالة عن وضع خارطة طريق تحدد مخاطر منازعات الدولة وتسطير برنامج للوقاية منها سيتم تنفيذه بتعاون وتنسيق مع الإدارات المعنية، حيث سيتم كمرحلة أولى لتنفيذ هذا البرنامج التركيز على الإرادات الخمس المشار إليها أعلاه المعنية بأكثر من نصف المنازعات المسجلة، على أن يتم توسيع البرنامج ليشمل إدارات أخرى.
وأقرت الوكالة في المقابل، بممارستها لمجموعة من الاختصاصات دون وجود نص قانوني منظم لها، وعدم توفر الأساس القانوني لتقديم الاستشارة وتوسيع مجال الصلح في حال المنازعات بين الإدارة والغير، خاصة في مجال الاستثمار والصفقات العمومية، وأكدت الوكالة في هذا الصدد من خلال مضامين مخططها الاستراتيجي برسم 2024-2028، على ضرورة مراجعة الإطار القانوني المنظم للمؤسسة بما يدعم دورها في الدفاع والوقاية من منازعات الإدارات العمومية وتدبير المخاطر القانونية.
وفي انتظار اتخاذ قرار تعديل الإطار القانوني الخاص بالوكالة القضائية للمملكة، كشفت مضامين العدد الأول من النشرة الفصلية لهذه المؤسسة، عن عدم استحضار غالبية الإدارات لدور الوكالة وإمكانيتها في الوقاية من المنازعات وتقديم الدعم والنصح في الوقت المناسب والحفاظ على حقوق الدولة والمال العام، وهذا الأمر يترجمه الواقع، حيث لم يتم اللجوء إلى الوكالة إلا بعد حدوث نزاع فضلا عن العدد الضعيف من القضايا التي أحيلت عليها، وفق المعطيات الرقمية السالف ذكرها.
ووفق ما جاء في المصدر السالف الذكر، فإن ثلثي القضايا المسجلة على الدولة تبقى موزعة بين الإدارات المعنية، وتمت الإشارة على هذا المستوى إلى الحاجة الملحة للربط مع باقي الإدارات لمركزة هذه القضايا بما يخدم التدبير الأمثل لمنازعات الإدارات العمومية، بما يؤدي إلى إنزال كلفة هذه المنازعات إلى حدوها الدنيا، هذا مع إعطاء الأولوية للتدبير الذي يستهدف الوقاية منها.
ونبهت مضامين المخطط الاستراتيجي الذي تم نشره بالنشرة الفصلية للوكالة، إلى فضائل هذا النهج والذي يهدف أساسا إلى تحقيق عنصر الحفاظ على المال العام وعلى صورة المرفق العمومي وتدعم الثقة في أداء الإدارة العمومية، ملفتا إلى السلبيات التي تخلقها منازعات الإدارات العمومية، حيث تؤدي في بعض الأحيان إلى عرقلة تنفيذ الاستثمارات وتحول دون تحقيق الأهداف المتوخاة من البرامج العمومية.
هذا وأعلنت الوكالة القضائية للمملكة أفي مخططها الاستراتيجي الخماسي الذي أعدته، حيث يهم الفترة الممتدة على مدى سنوات 2024 إلى حدود 2028، ينبني على خمسة محاور استراتيجية تستحضر توصيات التقارير الرسمية لاسيما تقرير المجلس الأعلى للحسابات إلى جانب التشخيص الداخلي واللقاءات بين مسؤولي الإدارات العمومية ومحاكم المملكة.
ويقوم هذا المخطط الاستراتيجي، على مقاربة استباقية تهدف إلى مواكبة الإدارات العمومية وتدبير المنازعات والوقاية منها وإرساء منظومة لليقظة، فضلا عن دعم القدرات وتنفيذ برامج للتواصل والتنسيق.
وفي هذا الصدد، سيتم العمل على مواكبة الإدارات والمؤسسات العمومية لبناء قدراتها والهياكل القانونية، كما سيتم وضع آليات تمكنها من طلب الرأي والمشورة حول تدبير المخاطر المرتبطة بالمنازعات، وسيتم في هذا الإطار تشكيل فرق الدعم والمواكبة تتألف من كفاءات وخبرات في تخصصات تهم الصفقات العمومية والمحاسبة والعقود الدولية والتحكيم ومنازعات الاستثمار والشركات والتأمين.
كما سيتم لنفس الغاية إحداث خط هاتفي للحصول على المشورة الفورية خاصة في حالة الاستعجال، فضلا عن إحداث مركز للنداء ومنصات لهذه الغاية، لكن المخطط الاستراتيجي للوكالة يضع في الحسبان عددا من التحديات والتي ترتبط بالموارد البشرية للمؤسسة والتي لا يفوق عددها 227 موظفا، فضلا عن كفاءات في تخصصات متعددة تهم مجالات التدخل، حيث تم وضع توصية تخص التكوين والرفع من قدرات الموارد البشرية التي تتوفر عليها الوكالة وتعزيزها بأطر نوعية ومتخصصة.
< فنن العفاني