حاز الرئيس التونسي المنتهية ولايته قيس سعيد على أكثر من 89% من الأصوات في الانتخابات الرئاسية التي جرت أول أمس الأحد وشهدت نسبة مشاركة ضعيفة، بحسب استطلاع لآراء الناخبين لدى خروجهم من مراكز الاقتراع بثه التلفزيون الرسمي.
وبحسب هذا الاستطلاع الذي أجرته مؤسسة “سيغما كونساي” الخاصة، تقدم سعيد البالغ 66 عاما بفارق كبير على العياشي زمال المسجون والذي حصل على 6,9% فقط من الأصوات، والنائب السابق زهير المغزاوي الذي حصد 3,9% من الأصوات.
من جهتها، أعلنت هيئة الانتخابات أن نسبة المشاركة بلغت 27,7%، مقابل 45% في الجولة الأولى من انتخابات العام 2019.
وهذا أدنى معدل مشاركة في الانتخابات الرئاسية منذ ثورة العام 2011 في الدولة التي اعتبرت مهدا لـ”الربيع العربي”.
صوت أكثر من 2,7 مليون ناخب، على ما أعلن رئيس هيئة الانتخابات فاروق بوعسكر في مؤتمر صحافي.
ومثلت الفئة العمرية من 36 إلى 60 عاما 65% من نسبة المشاركين في هذه الانتخابات.
وبحسب الاستطلاع نال سعيد 2,1 مليون صوت.
وقال سعيد في تصريح للتلفزيون الرسمي من مقر حملته بالعاصمة “اليوم ما تعيشه تونس هو استكمال للثورة وسنواصل ونشيد ونطهر البلاد من المفسدين والمتآمرين”.
وتابع “تونس ستبقى حرة مستقلة أبد الدهرولن تقبل بالتدخل الخارجي”.
في تعليقه على نتائج الاستطلاع، اعتبر المحلل السياسي حاتم النفطي في تصريح لفرانس برس أن “شرعية الانتخابات مشوهة بعد أن تم استبعاد المرشحين البارزين”.
وتابع النفطي “تعد هذه المشاركة الأسوأ منذ عام 2011. وبافتراض صحة النتائج، فهذا يعني أن سعيد حافظ على نفس حجم القاعدة الانتخابية” منذ العام 2019.
ورأى الخبير في الشأن المغاربي الفرنسي بيار فيرميرين أنه حتى لو كانت “الشرعية الديموقراطية” لهذه الانتخابات “ضعيفة” مع تواضع نسبة المشاركة، فإن “تونس لديها رئيس وأغلبية التونسيين سمحوا بذلك”.
لاحظ مراسلو فرانس برس أن عددا كبيرا من المقترعين في عدد من مراكز الاقتراع في العاصمة من الكهول والشيوخ الذين يمثلون نحو نصف الناخبين.
وبعد إعلان نتائج استطلاع الرأي، خرج المئات من أنصار الرئيس إلى شارع الحبيب بورقيبة الرئيسي في تونس العاصمة للاحتفال بفوزه، ورددوا النشيد الوطني ورفعوا الأعلام وصورته أمام المسرح البلدي.
وهتف بعض المحتفلين “الشعب يريد قيس سعيد من جديد”.
في وقت سابق أول أمس الأحد، قال النوري المصمودي (69 عاما) في مركز اقتراع في العاصمة “جئت مع زوجتي لدعم قيس سعيد، العائلة بأكملها ستصوت له”.
على مسافة قريبة منه، قالت فضيلة (66 عاما) إنها جاءت “من أجل القيام بالواجب وردا على كل من دعا إلى مقاطعة الانتخابات”.
في مركز آخر، أعرب حسني العبيدي (40 عاما) عن خشيته من حصول عمليات تلاعب لذلك “قدمت للتصويت حتى لا يتم الاختيار مكاني”.
وتنافس سعيد (66 عاما) مع النائب السابق زهير المغزاوي (59 عاما)، والمهندس ورجل الأعمال العياشي زمال (47 عاما) الذي يستثمر في المجال الزراعي والمسجون بتهم “تزوير” تزكيات شعبية ضرورية للترشح للانتخابات.
وأوضح رئيس هيئة الانتخابات فاروق بوعسكر في المؤتمر الصحافي أنه سيتم الأخذ في الاعتبار الأحكام القضائية النهائية في حق زمال خلال عد الأصوات.
لا يزال سعيد الذي انتخب بما يقرب من 73% من الأصوات وبنسبة مشاركة بلغت 58% في الجولة الثانية في العام 2019، يتمتع بشعبية كبيرة لدى التونسيين حتى بعد قراره احتكار السلطات وحل البرلمان وتغيير الدستور بين عامي 2021 و2022.
بعد خمس سنوات من الحكم، يتعر ض سعيد لانتقادات شديدة من معارضين ومن منظمات المجتمع المدني، لأنه كرس الكثير من الجهد والوقت لتصفية الحسابات مع خصومه، وخصوصا حزب النهضة الإسلامي المحافظ الذي هيمن على الحياة السياسية خلال السنوات العشر من التحول الديموقراطي عقب الإطاحة بالرئيس زين العابدين بن علي في العام 2011.
وتندد المعارضة التي يقبع أبرز زعمائها في السجن ومنظمات غير حكومية تونسية وأجنبية، بـ”الانجراف السلطوي” من خلال الرقابة على القضاء والصحافة والتضييق على منظمات المجتمع المدني واعتقال نقابيين وناشطين وإعلاميين.
من جانبه، وجه رمزي الجبابلي مدير حملة العياشي زمال في مؤتمر صحافي الجمعة “رسالة إلى هيئة الانتخابات (مفادها) إياكم والعبث بصوت التونسيين”.
وكانت الحملة الانتخابية باهتة بدون اجتماعات أو إعلانات انتخابية أو ملصقات، ولا مناظرات تلفزيونية بين المرشحين مثلما كان عليه الحال في الانتخابات السابقة.
وقال الخبير في “مجموعة الأزمات الدولية” مايكل العياري إن الرئيس سعيد “وجه” الانتخابات لصالحه “ويعتقد أنه يجب أن يفوز”، حتى مع دعوة أحزاب يسارية معارضة وشخصيات مقربة من حزب النهضة إلى التصويت لصالح زمال.
أما المنافس الثالث فهو زهير المغزاوي، رافع شعار السيادة الوطنية والاقتصادية على غرار الرئيس، وكان من بين الذين دعموا قرارات سعيد في احتكار السلطات.
وتعرضت عملية قبول ملفات المرشحين من الهيئة العليا المستقلة للانتخابات لانتقادات شديدة وصلت إلى اتهامها بالانحياز الكامل لسعيد حين رفضت قرارا قضائيا بإعادة قبول مرشحين معارضين بارزين.
وتشير إحصاءات منظمة “هيومن رايتس ووتش” إلى أن “أكثر من 170 شخصا هم بالفعل محتجزون لدوافع سياسية أو لممارسة الحقوق الأساسية” في تونس.
أ.ف.ب