لبنانيون يفرون من الحرب إلى كربلاء في العراق

في مدينة سيد الأوصياء التي تستقبل عادة زوار مدينة كربلاء المقدسة في وسط العراق، وصلت عائلات لبنانية فر ت من القصف الإسرائيلي المتواصل منذ أيام، وبينها من خسر أقارب ومنازل.
ويزور آلاف الحجاج اللبنانيين سنويا كربلاء لإحياء ذكرى أربعين مقتل الإمام الحسين، حفيد النبي محمد. ويفتح العراقيون منازلهم للزوار في هذه الفترة ويقد مون لهم الطعام.
بين الذين فروا حاليا، كامل صفي الدين الذي قال إنه اختار المجيء إلى كربلاء هربا من الحرب في جنوب لبنان، بعد أن كان زارها في وقت سابق هذه السنة، “ولمست  فيها حسن الضيافة والخدمات الجيدة خلال ذكرى الأربعين”.
ويقول الشاب الذي كان يعمل محاسبا في شركة لبيع الكهربائيات “وصلت قبل أسبوع إلى كربلاء بعد أن سمعت  أن الناس هنا فتحوا منازلهم مجددا أمام الزوار”.
ويضيف “لم أعد أتحمل القصف في لبنان، والفرار إلى سوريا ليس آمنا لأن الأوضاع غير مستقرة هناك أيضا”.
وتحولت دوامة العنف عبر الحدود التي بدأت قبل عام بين إسرائيل وحزب الله على خلفية الحرب في قطاع غزة، إلى حرب مفتوحة في 23 أيلول/سبتمبر. وبدأ الجيش الإسرائيلي قصف معاقل الحزب في جنوب لبنان وشرقه والضاحية الجنوبية لبيروت.
وعلى خلفية الغارات الإسرائيلية على لبنان، نزح أكثر من مليون شخص بحسب السلطات. وهرب كثيرون إلى الخارج.
وقررت الحكومة العراقية الثلاثاء تخصيص ثلاثة مليارات دينار (2,3 مليون دولار تقريبا) “لتقديم الخدمة” للبنانيين الوافدين إلى العراق. ونظمت كذلك جهود إغاثة وأرسلت مساعدات طبية وغذائية للبنان.
بدورها، شكلت العتبة الحسينية لجنة عليا “لإغاثة الشعب اللبناني” وتقديم المساعدات وبدأت تنس ق مع جهات محلية لتأمين سفر لبنانيين معرضين لخطر القصف.
ويقول الأربعيني جلال عاصي الذي فر من جنوب لبنان بعد خمسة أيام من غارات إسرائيلية متواصلة “وصل القصف قرب بيتنا، إلى منزل جيراننا الملاصق لمنزلنا. عندها قررنا أن نرحل”.
ويضيف الرجل في إحدى باحات المجمع المزروعة بالأشجار “استهدف القصف المعادي بيوت مدنيين وحصلت مجازر وسقط شهداء في بلدتنا”.
ونزح عاصي في مرحلة أولى مع أسرته إلى بيروت التي لم تسلم من القصف. ويقول “حين لم نجد مكانا آخر، قررنا السفر إلى العراق” الذي يقدم “تسهيلات لسفر اللبنانيين”.
ويتابع عاصي “نتمنى أن تهدأ الأمور في بلدنا ويعود الأمن والأمان لنتمكن من العودة”.
وكثفت إسرائيل غاراتها على لبنان اعتبارا من 23 أيلول/سبتمبر. وأعلنت في 30 منه بدء عمليات برية “محدودة” ضد الحزب في جنوب لبنان وحشدت أربع فرق عسكرية عند الحدود، بعد مرور 24 عاما على انسحاب قواتها من جنوب لبنان الذي احتلته 22 عاما.
وكان المرجع الشيعي الأعلى في العراق آية الله علي السيستاني دعا قبل ثلاثة أيام “المؤمنين إلى القيام بما يساهم في تخفيف معاناة” اللبنانيين “وتأمين احتياجاتهم الإنسانية”.
ودخل نحو 5700 لبناني إلى العراق عبر مطار ي بغداد والنجف الدوليين ومنفذ القائم الحدودي، وفق ما أعلنت السبت وزارة الداخلية العراقية.
ومن بين هؤلاء أكثر من 500 شخص تستضيفهم حاليا مدينة سيد الأوصياء التابعة للعتبة الحسينية، في ست ة مجمعات فندقية، بحسب مسؤول الإعلام فيها علي الحسيني (35 عاما).
ووصلت أول دفعة منهم قبل 12 يوما وتصل دفعة “جديدة يوميا” من بينهم عائلات مرضى يتلقون العلاج في مستشفيات العتبة الحسينية، وفق قوله.
وتروي رشا نصر الدين كيف تهجرت أولا من مدينة النبطية الجنوبية إلى الضاحية الجنوبية لبيروت حيث لاحقها القصف وانعدام الكهرباء والمياه، ثم  إلى العراق.
وتقول المرأة التي خسرت سبعة من أفراد عائلتها في غارات إسرائيلية، مجهشة بالبكاء “نشعر كأننا أيتام حاليا”.
وتوضح أن اغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله في قصف إسرائيلي على الضاحية الجنوبية لبيروت في 27 أيلول/سبتمبر، جعل الوضع “صعبا جدا”.
وتضيف “لا ندري ما سنفعل بأنفسنا، لا ندري كيف سنعيش في لبنان عندما نعود إليه”.

أ.ف.ب

Top