أطلقت الجمعية المغربية للصحافة الرياضية، بداية هذا الأسبوع، نداء قويا، بخصوص آفة أصبحت تنخر جسم كرة القدم الوطنية، وتحولها إلى خطر يتهدد فئات واسعة من المجتمع، والتركيز أساسا على القاصرين والشباب…
وتسعى الجمعية من خلال هذه المبادرة التي فرضها الشعور بالواجب الوطني خلال هذه المرحلة الحساسة والدقيقة، إلى دق ناقوس الخطر، والتحسيس بما أصبحت تمثله هذه الرهانات الرياضية غير القانونية وغير المشروعة، من خطر يتهدد كرة القدم الوطنية، وإنقاذ الرياضة المغربية عموما، من خطر من هاته الرهانات المشبوهة…
فالأمر جلل، خصوصا عندما يتعلق بالدور التخريبي الذي أصبحت تشكله آفة حقيقية..سارعت العديد من الدول إلى منع تداولها، بعد أن أصبح نشاطها التجاري، وسيلة لضرب المشروعية، والتحول إلى مخدر حقيقي يعصف بعقول ووعي فئة مستهدفة، تحولت حياتها إلى رهينة نشاط، وصل حدود الاستغلال الجنسي للقاصرين، بل أدى في بعض الدول، الى جرائم قتل وحالات انتحار…
ثاني الأوجه القاتمة، هناك حديث عن تورط بعض اللاعبين والإداريين، وحتى مسؤولي بعض الفرق، في ممارسة هذا النوع من الرهانات، مما يضرب في الصميم مجموعة من القيم المجتمعية، والروح الرياضية العالية، ومبادئ المنافسة الشريفة…
أما النقطة الثالثة، فتهم الأضرار المحدقة بالاقتصاد الوطني، من جراء استنزاف ممنهج لاحتياطي العملة الصعبة، بطرق ملتوية وغير مشروعة، دون أي استفادة تذكر- سواء من حيث الاستثمار أو العائدات الضريبية- من هذا الرواج الذي يخترق السوق الوطنية، بدون أي ضوابط ولا احترام للقوانين الجاري بها العمل…
الشق الرابع لهذا النشاط التجاري غير القانوني، يتعلق بالتأثير على العائدات المالية للمغربية للألعاب والرياضة (MDJS)، بصفتها المؤسسة المواطنة الوحيدة التي تشتغل بهذا المجال منذ عدة سنوات، تمارس نشاطها في إطار القانون، وفي احترام تام للشروط والضوابط المحددة من طرف الدولة، مع العلم أن جزء كبيرا من أرباح هذه الشركة، يخصص سنويا لصندوق التنمية الرياضية، ودعم ميزانيات ونفقات تهم الدولة، كما تساهم في دعم التظاهرات الدولية المنظمة ببلادنا، وبمختلف الأنواع الرياضية، سواء تلك الخاصة بالجامعات أو الأندية على حد سواء…
والأكيد أن هناك جوانب أخرى أكثر خطورة مما ذكرنا، ومن الضروري أن لا تترك مؤسسة المغربية للألعاب والرياضة، تحارب وحدها هذه الآفة. ومن حسن الحظ أن الحملات التحسيسية التي أطلقت خلال السنوات الأخيرة، والحضور المغربي اللافت بكل الاجتماعات والندوات والمؤتمرات، التي تعقد على الصعيد الدولي، والتي تناقش بعمق كيفية التصدي الجماعي لهذا السرطان، أعطت أكلها بعد انخراط مختلف أجهزة الدولة، وأيضا نواب الأمة من أجل إعداد ترسانة قانونية، تتصدى لمثل هذا النشاط غير المشروع…
فمحاربة هذا النشاط التجاري، الممارس بطريقة لا تراعي قوانين البلد، يعد ضربا للسيادة الوطنية، كما يكرس عدم احترام للوضع الاعتباري للبلاد على الصعيد الدولى، خاصة وأن المغرب معروف بمدى احترامه لالتزاماته وبدفاعه المستميت، على أمنه وقضاياه الأساسية. وبالتالي فلابد من اتخاذ موقف واضح، والإعلان علانية عن رفض استغلال شركات مجهولة الهوية، للسوق المغربية، بشكل فادح وغير مسؤول. وهذا التصدي يعد في نظرنا واجبا وطنيا، يقتضي القيام بتعبئة وطنية على مختلف المستويات، قانونيا، تشريعيا، وقضائيا وحكوميا…
كما أن خلق هذه التعبئة الوطنية لمواجهة مثل هاته الأنشطة التجارية المريبة، من شأنها بعث إشارات قوية، تهم مجال الاستثمار على الصعيد الوطني، وذلك بالتأكيد على أن المغرب، منفتح على أي نشاط تجاري، شريطة احترام قوانين البلاد، مع الاستعداد للتصدي، بكل الوسائل الممكنة لفرض سيادة القانون، والترحيب بأي نشاط تجاري قانوني، مشروط بعدم الحاق الضرر بالاقتصاد الوطني، وأن لا يمس سيادته المالية. وبالتالي من الضروري الاحتكام إلى مجموعة من الضوابط المتفق عليها، حماية لشعبنا ولأممنا العام…
محمد الروحلي