الأمم المتحدة تحذر من نزاع إقليمي في الشرق الأوسط

حذرت قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) من نزاع إقليمي “كارثي” مع تواصل القتال بين إسرائيل وحزب الله وحماس على جبهتي لبنان وغزة.
وأعلنت وزارة الصحة اللبنانية السبت مقتل 15 شخصا على الأقل في غارات إسرائيلية على ثلاث مناطق لا تعد معاقل تقليدية لحزب الله.
وذكرت وسائل الإعلام الرسمية لاحقا أن غارة إسرائيلية استهدفت سوقا في مدينة النبطية الكبيرة في جنوب لبنان.
جاء التحذير الأممي بعدما حض الجيش الإسرائيلي أول أمس السبت سكان جنوب لبنان على عدم العودة إلى منازلهم “حتى إشعار آخر”.
وكتب المتحدث باسم الجيش أفيخاي أدرعي على منصة إكس أن الجيش “يواصل استهداف مواقع حزب الله في قراكم أو قربها” موضحا “من أجل سلامتكم، تمنع العودة إلى منازلكم حتى إشعار آخر”.
من جهته، أعلن حزب الله شن هجمات بصواريخ ومسيرات على مواقع تمتد من الشريط الحدودي إلى مدينة حيفا، وذلك في يوم الغفران، أقدس الأعياد اليهودية.
في شمال إسرائيل، دوت صفارات الإنذار، وقال الجيش إنه اعترض عددا من المقذوفات التي أطلقت من لبنان.
وأكد الجيش الإسرائيلي أن حزب الله أطلق نحو 320 مقذوفا على إسرائيل خلال نهاية الأسبوع في يوم الغفران، كما أعلن أنه قصف نحو 280 “هدفا إرهابيا” في لبنان وغزة خلال الفترة نفسها
وللمرة الثالثة منذ بدء التصعيد، أعلن الجيش خمس بلدات على طول الحدود اللبنانية “مناطق عسكرية مغلقة”.
في خضم ذلك، قال المتحدث باسم اليونيفيل أندريا تيننتي في مقابلة مع وكالة فرانس برس أول أمس السبت إن النزاع بين حزب الله وإسرائيل “قد يتحول قريبا جدا إلى نزاع إقليمي له آثار كارثية على الجميع”.
وأعلنت قوة حفظ السلام الأممية إصابة خمسة من عناصرها في جنوب لبنان خلال يومين فقط، وقال تيننتي إن “أضرارا كثيرة” لحقت بمواقعها.
وأعربت 40 دولة على الأقل أول أمس السبت عن دعمها “الكامل” لقوة اليونيفيل.

وقالت هذه الدول المساهمة في اليونيفيل “ندين بشدة الهجمات الأخيرة ضد حفظة السلام. يجب أن تتوقف أفعال كهذه فورا وأن يتم التحقيق فيها بشكل مناسب”، حسب ما جاء في رسالة نشرها حساب البعثة البولندية إلى الأمم المتحدة.
وأضافت الدول، وبينها الهند وألمانيا، “نحض جميع أطراف النزاع على احترام وجود اليونيفيل، وهو ما يستدعي ضمان أمن جميع موظفيها وسلامتهم”.
ويرجح أن تتجه الأنظار مجددا، بعد عطلة يوم الغفران، إلى الرد الإسرائيلي المتوقع على إيران التي أطلقت نحو 200 صاروخ على الدولة العبرية في الأول من أكتوبر في هجوم قالت إنه رد على اغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله ورئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية.
في الأثناء، يواصل الجيش الإسرائيلي هجوما بريا وجويا كثيفا في شمال غزة، خصوصا في جباليا ومحيطها، وقد أعلنت وزارة الصحة مقتل 49 شخصا في الساعات الأخيرة في أنحاء القطاع.
واجهت إسرائيل ردود فعل دبلوماسية حادة بعد أن اتهمت اليونيفيل جيشها بإطلاق النار “عمدا” على مواقع أممية، ما أدى في حادثتين منفصلتين إلى إصابة أربعة جنود أمميين.
وقال الجيش الإسرائيلي إن جنوده تعاملوا مع “تهديد فوري” على بعد نحو 50 مترا من مقر اليونيفيل في منطقة الناقورة، وتعهد إجراء “مراجعة شاملة”.
لكن رئيس أركان الجيش الإيرلندي شون كلانسي قال إن ما حدث “ليس عملا عرضيا”، فيما أبدى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اعتقاده أن قوة حفظ السلام “استهدفت عمدا”.
والبلدان من المساهمين الرئيسيين في قوة اليونيفيل التي يناهز عديدها 10 آلاف عنصر منتشرين على الحدود بين إسرائيل ولبنان.
أكد المتحدث باسم اليونيفيل أندريا تيننتي لفرانس برس أن القوة رفضت الانسحاب لمسافة خمسة كيلومترات شمالا داخل الأراضي اللبنانية بطلب من الجيش الإسرائيلي.
وفشلت حتى الآن جهود إنهاء القتال، لكن رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي قال إن حكومته ستطلب من مجلس الأمن الدولي إصدار قرار جديد يدعو إلى “وقف تام وفوري للنار”.
وحض الرئيس الفرنسي خلال اتصال هاتفي برئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري أول أمس السبت حزب الله على أن “يوقف فورا” قصف إسرائيل، مؤكدا أنه يجب “التوصل فورا” إلى وقف للنار في لبنان.
وأكدت وزارة الصحة اللبنانية “استشهاد تسعة أشخاص وإصابة خمسة عشر آخرين” في غارة إسرائيلية على بلدة المعيصرة في شمال بيروت، بعدما أعلنت في حصيلة سابقة سقوط خمسة قتلى.
كما أفادت بمقتل أربعة أشخاص وإصابة 18 آخرين في غارة على برجا في قضاء الشوف بجنوب العاصمة. ولا تعد المنطقتان من المعاقل التقليدية لحزب الله.
ومساء ، قالت الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية اللبنانية “نفذ الطيران الحربي الإسرائيلي قرابة الثامنة والربع من مساء اليوم غارة استهدفت وسط السوق التجاري في مدينة النبطية” التي تبعد نحو12 كلم من الحدود مع إسرائيل، دون أن تشير حتى الآن إلى وقوع ضحايا.
منذ بدء التصعيد عبر الحدود في أكتوبر 2023، قتل أكثر من 2100 شخص في لبنان، بينهم نحو 1200 منذ تكثيف القصف الإسرائيلي في 23 سبتمبر، حسب تعداد لفرانس برس يستند إلى أرقام رسمية
كما أحصت الأمم المتحدة حوالي 700 ألف نازح داخل لبنان، مع فرار نحو 400 ألف شخص، معظمهم سوريون، إلى سوريا.
وفي دعم جلي لحزب الله حليف طهران، زار رئيس مجلس الشورى الإيراني محمد باقر قاليباف أول أمس السبت موقع الغارة الإسرائيلية الأعنف التي استهدفت قلب بيروت وأسفرت عن 22 قتيلا على الأقل.
وقال مصدر مقرب من حزب الله إن الضربة استهدفت القيادي في الحزب وفيق صفا، لكن الحزب وإسرائيل لم يؤكدا رسميا أنه كان الهدف.
تأتي زيارة قاليباف للبنان بعد تعهد إسرائيل الرد على الهجوم المباشر الثاني لإيران على أراضيها.
وتعهد وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت أن يكون الرد “قاتلا ودقيقا ومفاجئا”.
من جهتها، دعت الولايات المتحدة حليفتها إسرائيل إلى رد “متناسب” لا يدفع المنطقة إلى حرب أوسع نطاقا. وحض  الرئيس جو بايدن على تجنب ضرب المنشآت النووية أو البنية التحتية للطاقة الإيرانية.
بدأت المواجهات مع حزب الله غداة اندلاع الحرب بين إسرائيل وحركة حماس في السابع أكتوبر 2023 مع فتح الحزب اللبناني “جبهة إسناد” لقطاع غزة.
وخلفت الحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة دمارا هائلا، وأسفرت عن مقتل 42175 شخصا، معظمهم من المدنيين النساء والأطفال، وفق بيانات وزارة الصحة.
وتستمر العمليات الإسرائيلية في غزة، حيث يفرض الجيش حصارا على جباليا في الشمال، ما يسبب مزيدا من المعاناة لمئات آلاف الفلسطينيين المحاصرين في المنطقة، وفق وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).
وأصدر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي أول أمس السبت تحذيرا جديدا لإخلاء منطقة الشيخ رضوان بجنوب مخيم جباليا.
ونشر خريطة على إكس قائلا “المنطقة المحددة بما فيها المآوي الموجودة فيها تعتبر منطقة قتال خطيرة”، داعيا السكان إلى التوجه إلى المنطقة “الإنسانية” بجنوب قطاع غزة.
لكن عددا من هؤلاء أعربوا عن عدم استعدادهم للامتثال، وأكدوا في تصريحات لفرانس برس أنه لا يوجد مكان آمن لا في جنوب القطاع ولا في شماله.
وأفاد مراسل لفرانس برس في القطاع بحصول قصف عنيف وإطلاق نار أول أمس السبت في حي الزيتون في مدينة غزة.

أ.ف.ب

Top