المستقبل المغاربي

تعلق الشعوب المغاربية آمالها اليوم على الربيع الديمقراطي في المنطقة العربية كي يبعث الحياة في الاتحاد المغاربي الذي يعاني من الشلل والجمود، وهي الآمال التي تقوت عقب نجاح ثورة تونس، وبعد التغيير في ليبيا، وأيضا بفضل مسلسل الإصلاحات الجاري في المغرب، ومن ثم

فقد باتت الدول الثلاث بمثابة قاطرة الاندماج المغاربي، وقد نجحت في جر نظامي موريتانيا، وخصوصا الجزائر، إلى التعبير عن الإرادة نفسها، خاصة أثناء جولة الرئيس التونسي في المنطقة، وبمناسبة زيارة وزير الشؤون الخارجية والتعاون المغربي إلى الجزائر وموريتانيا، ثم خلال اجتماع وزراء خارجية البلدان الخمسة في الرباط، وتجلت هذه الإرادة المشتركة لحد الآن من خلال الأقوال والتصريحات فقط، ويبقى المحك هو تحويلها إلى أفعال وممارسات على الأرض.
ولقد شهد الاجتماع الوزاري المغاربي الأخير في الرباط أجواء ايجابية، عكستها التصريحات المتبادلة، ومضامين القرارات المتخذة، وهذا لذاته يمثل خطوة إلى الأمام، كما أن إصرار تونس ورئيسها الجديد على الموضوع المغاربي يجعل بلد (البوعزيزي) اليوم قوة دافعة ومحفزة على تطوير السير في هذا الاتجاه، ولهذا، فان قدرة باقي البلدان، وخصوصا الجزائر، على التقاط إشارات اللحظة التاريخية، واستثمار فرصة الحراك الديمقراطي في المنطقة، ونجاحها في بناء الديمقراطية بداخلها سيمكن، بلا شك، من إزاحة العراقيل، والانطلاق لمواجهة التحديات المشتركة المطروحة على المنطقة.
حقا، إن الانطلاق اليوم من واقع الجمود الذي ساد لسنوات طويلة، يفرض التعاطي مع التحركات الحالية بكثير من الواقعية، حيث لا يمكن للنتائج أن تتحقق بين ساعة وأخرى، ولا يمكن للتغيير، على هذا الصعيد، إلا أن يكون تدريجيا، لكن مع ذلك، فان التحولات السياسية التي تشهدها المنطقة، والإيقاع السريع الذي تجري ضمنه حراكات وأزمات وتكتلات العالم من حولنا، تجعل الوعي بقيمة الزمن مهمة ملحة اليوم، ما يفرض إبراز إشارات ايجابية في القريب، إن من حيث المبادرات المشتركة، أو من حيث مواقف الجزائر تجاه المغرب مثلا.
إن التصريح بكون  ملف الوحدة الترابية للمغرب لن يؤثر على مسار تقوية العلاقات الثنائية بين الرباط والجزائر، قد يصلح كأسلوب تكتيكي في هذه المرحلة، إنما لا يغيب الموضوع الجوهري المتمثل في كون الأمر يتعلق فعلا بعائق مركزي في التعاون الثنائي بين البلدين، وفي الاندماج الإقليمي، وبسببه، كان العداء، وكانت المواجهة، وكان الخصام، وكان إغلاق الحدود…، ولهذا، فان أي إشارة ايجابية من قصر المرادية حول تغير حقيقي في الموقف الجزائري تجاه حق المغرب في وحدته الترابية، وتجاه الحدود بين البلدين، من شأنها أن تضفي المصداقية على التفاؤل السائد اليوم وسط العواصم المغاربية.

 

[email protected]

Top