الدعوة إلى فتح نقاش مجتمعي لإصلاح المنظومة التشريعية الخاصة بالمواريث

فنن العفاني
اختارت الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب، مناسبة تخليد العالم لليوم العالمي للمرأة، لتأكيد إصرارها على الدعوة مرة أخرى إلى فتح نقاش مجتمعي لإصلاح المنظومة التشريعية الخاصة بالمواريث، معلنة أن الأمر يتعلق بأكبر المعارك التي ستخوضها الحركة النسائية من أجل تحقيق المساواة والعدل داخل المجتمع ومن تم إنصاف النساء، حيث أكدت نبية حدوش، رئيسة الجمعية، أن التغيير أصبح  ضرورة اجتماعية وتاريخية بالنظر للتحولات المعيارية، والسياسية والاجتماعية لمغرب اليوم، خاصة مع ما باتت تفرضه مقتضيات دستور 2011 والمواثيق الدولية التي تعد المملكة طرفا فيها”.
وخلال افتتاح أشغال الندوة الدولية التي نظمتها الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب، الجمعة الماضي، بمقر المكتبة الوطنية بالرباط، والتي حملت عنوان “المغربيات بين القانون والتحولات الاقتصادية والاجتماعية” في إشارة إلى الدراسة التي سبق وأعدتها الجمعية والتي تصر الجمعية من خلالها إلى إطلاق نقاش مجتمعي حول منظومة المواريث، قالت حدوش إن إصلاح قانون الإرث الذي وضعه المشرع ودخل حيز التطبيق منذ ما يقارب الستين سنة، يتطلب خوض معركة بالنظر لدرجة المقاومات القوية التي تثار حينما يتم الحديث عن الموضوع”.
وأضافت أنه بالنظر لرمزية الموضوع في علاقته بالتحولات الاجتماعية والاقتصادية وربطه من طرف البعض بحمولة دينية، وبقدر ما يواجه به بسبب ذلك من مقاومات، فإن الجمعية استغرقت نحو عشر سنوات في الاشتغال على المنظومة التي تواصل تكريس التمييز بين الرجل والمرأة على مستوى توزيع الميراث، قائلة “إن المساواة في الحقوق هي الركيزة الأساسية للمواطنة التي لا يمكنها أن تتحقق في ظل وجود تمييز يطال النساء بتكريس من القوانين والسياسات والممارسات”.
وأقرت المتحدثة بالتعقيد الشديد الذي تتصف به منظومة المواريث والتي استلهم المشرع المغربي مقتضياتها من عدة مصادر تشريعية، ورفض البعض الخوض فيها بإعمال الاجتهاد لكونه يتعلق بتوزيع الأصول العينية والمادية، معلنة أن هذه الندوة تأتي في إطار المساهمة في نقاش مجتمعي بناء حول المداخل والسبل لضرورة فتح ورش الإصلاح وحول إمكانيات وسبل تحقيقه.
وشددت في هذا الصدد على الحاجة لإجراء نقاش مجتمعي هادئ حول منظومة المواريث، فالأمر يتعلق، تقول المتحدثة، “بحاجة مجتمعية وحل وضعيات واقعية، حيث أن المغربيات قد برهن على قدراتهن في كل المجالات، وتقاسمن مسؤولية الأسرة بشكل مشترك مع الرجال، ناهيك عن نسبة الخمس من الأسر التي تتكفل بها حصريا النساء، وعن مساهمتهن في تنمية ثروة الأسرة دون أدنى الضمانات لحقوقهن في حالة وفاة الزوج أو الأب”.
ومن جانبه، اعتبر السيوسيولوجي المغربي محمد الصغير جنجار، أن القواعد القانونية التي تخص نظام المواريث تصنف من قبل الفقهاء ضمن “المقدس الذي لا يجب أن تمسه يد التغيير”، مشيرا، من وجهة نظره، “أن منظومة الإرث لم تعد تساير التحولات الراهنة التي يعرفها مجتمعنا ووضعية النساء داخله”. وأضاف أن “العديد من الآباء الذين لديهم بنات فقط يلجؤون إلى الوصية لتمكينهن من التركة بكاملها أو عقود البيع، والحيلولة دون تعرضهن لمشاكل خلال عملية الإراثة والتي كثيرا ما تمكن الذكور، ولو كانوا بعيدي النسب، من إحراز جزء مهم من التركة”، يشير جنجار، مضيفا، أن نماذج هذا التعاقد الذي يمكن أن يعتبر التفافا، والذي يشمل البيع أو الهبة إلى الوصية، تعد أحد أسباب أغلب دعاو الطعن المطروحة أمام المحاكم.
وأظهرت الدراسة التي أعدتها الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب والتي تحمل عنوان “المغربيات بين القانون والتحولات الاقتصادية والاجتماعية”، أن نسبة تتجاوز 31 في المائة من الذين تم استجوابهم بخصوص مسألة التوزيع العادل للتركة، لم يبدوا أي رفض اتجاه ذلك، حيث أن نسبة مهمة من الذكور مع فكرة المساواة، في حين، وبشكل مفاجئ، عبرت نسبة أكبر من النساء على موقفهن ضد فكرة التوزيع العادل.

Related posts

Top