بعد 40 سنة على المسيرة الخضراء
كشفت المندوبية السامية للتخطيط أن الناتج الداخلي الإجمالي للفرد الواحد بالجهات الجنوبية الثلاثة عرف نموا سنويا متوسطا معدله 8.9 في المائة، متفوقا عن مثيله على الصعيد الوطني حيث يصل إلى 6.1 في المائة. وأضافت المندوبية في دراسة لها حول النمو الاقتصادي والتنمية البشرية بالجهات الجنوبية للمغرب، أن الناتج الداخلي الإجمالي للفرد بالأقاليم الجنوبية، عرف خلال القترة الممتدة من سنة 2004 إلى 2013 نموا بنسبة 5.8 في المائة في السنة، متجاوزا بذلك المعدل الخاص بجهة الرباط – سلا – القنيطرة ومقتربا من مثيله بجهة الدار البيضاء – سطات.
وأوضحت المندوبية السامية للتخطيط أن التحسن الاقتصادي الملحوظ الذي عرفته الأقاليم الجنوبية، كان له الانعكاس الإيجابي على مستوى عيش السكان وتراكم رأس المال البشري، مسجلا بذلك أداء فاق لمعدل الوطني، حيث سجل معدل نمو نفقات الاستهلاك النهائي للأسر حسب الفرد ما بين سنتي 2004 و 2013 نسبة 6 في المائة مقابل 5.6 في المائة على المستوى الوطني.
وبحسب الدراسة التي أعدتها المندوبية السامية للتخطيط، فإن الأقاليم الجنوبية المغربية عرفت تحولا ديموغرافيا بتلوينات خاصة، ويندرج ضمن نفس الاتجاهات المسجلة على الصعيد الوطني، مبرزة، في السياق ذاته، أن نسبة التمدن بالأقاليم الجنوبية يصل إلى 77.3 في المائة مقابل 60.3 في لمائة على المستوى الوطني وأن 92 في المائة من الأسر بالوسط الحضري تقيم بمساكن من نوع فيلا أو شقة في عمارة أو دار مغربية عصرية مقابل 62.7 في لمائة على المستوى الوطني. وبحسب المصدر ذاته، فإن نسبة 93,8 في المائة من الأسر بالوسط الحضري تتوفر على الكهرباء مقابل 91.9 في المائة على المستوى الوطني، وأن نسبة 93.7 في المائة من الأسر بالوسط الحضري تتوفر على الماء الصالح للشرب مقابل 72.9 في المائة على المستوى الوطني.
وبخصوص بعض مؤشرات التنمية البشرية بهذه الجهات الثلاثة، أفادت المندوبية، أن معدل التمدرس للفئة العمرية ما بين 6 سنوات و 22 سنة، سجل نسبة 81.8 في المائة مقابل 74.9 في المائة على المستوى الوطني، كما أن معدل عدد سنوات التمدرس للفئة العمرية 25 سنة وأكثر يصل إلى 4.6 سنوات خلال السنة الماضية، مقابل 4.4 سنوات على المستوى الوطني .
وسجل معدل الفقر النقدي، بهذه المناطق، سنة 2011، وفق مقاربة البنك الدولي، نسبة 3.5 في المائة مقابل 6.2 في المائة على المستوى الوطني، كما سجل معدل الفقر المتعدد الأبعاد حسب مقاربة أوكسفورد المعتمدة من طرف برنامج الأمم المتحدة للتنمية نسبة 4.3 في المائة خلال سنة 2014 مقابل 8.1 في المائة على المستوى الوطني.
وأردت المندوبية أن نسبة تراكم رأس المال البشري، كما تم قياسه، من شأنه إضفاء ديناميكية خاصة على تطور هذه الجهات مما سيجعلها على رأس الجهات الأكثر تقدما في المملكة من حيث النمو الاقتصادي والتنمية البشرية، لكن على الرغم من ذلك، تضيف الدراسة، فإن التحدي الذي يتعين كسبه هو تحدي البطالة، التي قال إنها “شبه مزمنة” حيث بلغ معدلها ما بين سنتي 2004 و2014، حوالي 24 في المائة، ويعاني منها، بشكل خاص، وكما على الصعيد الوطني، فئة الشباب وحاملي الشهادات.
وبخصوص تصورات السكان لأبعاد العيش الكريم والتماسك الاجتماعي بالأقاليم الجنوبية، سجلت المندوبية السامية للتخطيط، أن حوالي 83 في المائة من الأشخاص المتراوحة أعمارهم ما بين 20 و 59 سنة صرحوا على أن معنوياتهم عالية وأنهم متفائلون بشأن المستقبل، مقابل 80 في المائة على الصعيد الوطني، مشيرة إلى هذه النسبة لدى السكان الناشطين تبلغ 85 في المائة السكان و87 في المائة لدى السكان غير النشيطين و66 في المائة لدى فئة العاطلين عن العمل. بالإضافة إلى ذلك فإن حوالي 72 في المائة من الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم ما بين 20 و 59 سنة عبروا عن شعورهم بتحسن ظروف عيشهم مقابل 68 في المائة على الصعيد الوطني، وأن 61 في المائة من الفئة العمرية ذاتها، تعتبر أن السياسات العمومية ساهمت في تحسين ظروف معيشتهم.
وبحسب المندوبية السامية للتخطيط، فقد عبر 68 في المائة من الفئة العمرية المتراوحة ما بين 20 و 59 سنة، عن رغبتهم في خلق مقاولة أو مشروع خاص بهم، وأن هذه الرغبة حاضرة بصفة خاصة لدى 92 في المائة من “التجار والوسطاء الماليين” ولدى 88 في المائة من “العمال والحرفيين”.