ملتقيات الرباط للفوتوغرافيا

نظمت الجمعية المغربية للفن الفوتوغرافي بدعم من وزارة الثقافة وبشراكة مع المكتبة الوطنية للمملكة المغربية ورواق نيگبوس NegPos «ملتقيات الرباط للفوتوغرافيا» من الخميس 02 إلى السبت 04 يونيو 2016 تحت عنوان «الفوتوغرافيا والمجال» وذلك برواق باب الرواح والمكتبة الوطنية بالرباط.
وشهدت هذه الدورة مشاركة أسماء بارزة في مشهد الفيديو والفوتوغرافيا على المستوى الدولي من بينهم : بلوسو برنار   Plossu Bernard (من فرنسا) وإلينزو بيا Elizondo Pia (من المكسيك) وباتنجي تيسير Batniji Tayssir  (من فلسطين) وبحري إسماعيل ) Bahri Ismailمن تونس). هذا علاوة على مشاركة ثلة من الفنانين من داخل المغرب وخارجه ومن حساسيات وأجيال مختلفة أمثال: بنسعيدي فوزي، بن أحود هشام، حداد وئام، حيد ليلى، معروفي راندا، بن كيران إبراهيم، بنكيران التهامي، الحمامي بدر، ستيرة ميلود والوطاسي رشيد…
وتهدف هذه التظاهرة إلى تمكين الجمهور الرباطي والمغربي عموما من الوقوف عن قرب على تجارب هؤلاء الفنانين وخاصة مقارباتهم في رصد تحولات المجال من خلال كتاباتهم البصرية وتبادل تجاربهم ورؤاهم عبر مجموعة من المعارض والمحترفات والموائد المستديرة ولقاءات…
ونظمت الجمعية ضمن برنامج هذه الملتقيات، أمس الجمعة بقاعة الندوات التابعة للمكتبة الوطنية بالرباط ، مائدة مستديرة شارك فيها الفيلسوف والناقد الفني موليم العروسي في موضوع : «الفوتوغرافيا  والمجال».
هذا وأعدت الجمعية المغربية للفن الفوتوغرافي بهذه المناسبة ورقة بمثابة مدخل تأطيري لملتقيات الرباط للفوتوغرافيا، فيما يلي نصها:

تندرج “ملتقيات الرباط للفوتوغرافيا” وتحديدا معرض “الفوتوغرافيا والمجال” ضمن سيرورة الانشغالات الفنية والاهتمامات الفكرية التي دأبت الجمعية المغربية للفن الفوتوغرافي، منذ تأسيسها سنة 1988، على إثارتها ومناقشتها مع الفاعلين والمهتمين بالشأن الفوتوغرافي والفني بالمغرب، من خلال محطات فنية وثقافية متعددة كالدورات الأربعة عشر للمعرض الوطني للفن الفوتوغرافي.  
ويتميز معرض “الفوتوغرافيا والمجال” المقام برواقي باب الرواح والمكتبة الوطنية للمملكة المغربية، بتقديم مجموعة من التجارب الفنية التي اتخذت من الفوتوغرافيا أو الفيديو أو التنصيبات وسيطا لمساءلة معنى المجال وحدوده وتمظهراته وأيضا بعض الصيغ التي يتجلى بها في حيواتنا. إذ رغم اختلاف الحساسيات والنظرات والرؤى، يشترك العارضون في التعبير، بنظر ثاقب وحس رهيف وبنتف بصرية مكثفة، عن المتغيرات والتحولات وكذا الخصائص والخصوصيات التي يتميز بها المجال مثل فوتوغرافيات التهامي بنكيران وإبراهيم بن كيران التي تمثل لنا المجال في حالة الهدم والأنقاض والغبار ثم الأثر أو مقاربة وئام حداد، سواء من خلال صور الفيديو أو الفوتوغرفيا، التي تنمحي معها المرجعيات والحدود والأزمنة بحيث لا نعرف هل “مجال السطح” فضاء مشترك أم حميمي، أو أعمال “الحمامي بدر” التي تثير قضية المجال وتسائله بوصفه مرآة تعكس أفراح وأحزان معيشنا اليومي. إن جل التجارب المعروضة ورغم اختلافها في الطرق والوسائل المستعملة، فهي تتقاطع أحيانا وتتلاقح حينا آخر لتنصهر بعد ذلك في تقديم تمثيلات وتصورات وإدراكات احتمالية عن المجال ومفهومه، كشريط “بنسعيدي فوزي” الذي يتم فيه اختزال المجال في ذاكرة حائط وفي العلاقات التي يؤسسها مع الشخوص / المارة.. أو التنصيبات الفوتوغرافية “لهشام بن أحود” التي تحتفي بثورة الياسمين، الحارقة والمحترقة، من خلال استعادة ذاكرة  بعض المجالات والأمكنة لمدينة القيروان ثم اللجوء إلى عملية الحرق بعد سحب الصور على الورق، وكذا تنصيبات “ليلى حيدة” التي تكشف لنا عن مجال ذهني ينقلنا عبر التخييل إلى عالم حكاياتها الذاتية.
لا نستطيع أن نجزم بأن المعرض أجاب عن كل القضايا والإشكالات المرتبطة بهذا الموضوع، لأن الكمال والكامل والاكتمال ليس لهم مكان في قاموس الفن. إلا أننا، ومع ذلك، متفائلون بدورة هذا الملتقى / المشروع نظرا لنوعية وقيمة المفاهيم المطروقة كنظرة “راندا معروفي”، بلغة الفوتوغرافيا والفيديو، لقضية التحرش الجنسي في مجال مدننا المغربية وكيف نجحت بتوظيفها لأسلوب الإخراج الفوتوغرافي في إعادة تمثيل العنف الاجتماعي وتجسيده على شكل نظرات أو حركات جسدية أو توزيعات للفضاء… وكذا الإشكالات البصرية التي تثيرها إسهامات المشاركين وآثارها المستقبلية في المشاهد وكذلك الآفاق التي تفتحها أمامنا كتلك الومضات والتقطيعات التي تَفَنَّنَ في إنجازها بمتعة عالية كل من “بلوسو برنار” و”إليزوندو بيا” و”رشيد الوطاسي” وهم يحتفون بالصمت في فوتوغرافياتهم ويمدحون فيها الغريب والغرابة؛ أو من خلال الصور التي تنقلها لنا كاميرتي “بحري إسماعيل” و”باتنجي تيسير” حيث المجال سوى ذريعة للبحث وللتجوال في/عن الذات والذاكرة. ألا تكمن قيمة الفن في تذويب الحدود وتقريب المسافات وإبراز القواسم المشتركة بين الأفراد والجماعات؟
إن المشاركين في المعرض، يدركون جيدا أن عملهم لن يحقق الغاية المنشودة منه إلا بارتباطهم والتزامهم أولا بمستقبل الفن وثانيا بالمتغيرات السريعة والمثيرة والرهيبة التي باتت تعرفها المجتمعات المعاصرة حاليا سواء على المستوى الاجتماعي أو السياسي أو الاقتصادي أو الثقافي؛ أي ارتباطهم الوثيق بقضايا الزمن الراهن. وأن الرهان الحقيقي ليس هو تقديم الإجابات الـمُطَمْئِنَة وإنما طرح الأسئلة المقلقة والجرأة على اقتراح محتويات وأشكال فنية جديدة مشبعة بالتعدد في الرؤى والمرجعيات الثقافية والالتزامات الفنية. لأن هذه الطريقة في التفكير هي وحدها القادرة على مواكبة سيرورة المجتمعات وحاجياتها وتطوراتها.
 وبناء عليه يعد المعرض قيمة مضافة للسجل الفني والثقافي للجمعية، ليس فقط لانفتاحها بشكل أوسع على الفيديو والتنصيبات والأسناد والتراكيب والحقول الفنية الجديدة، وإنما لأنه، أي المعرض، يعتبر ورشا تجريبيا كبيرا بامتياز وأفقا مفتوحا لإثارة الأسئلة الجدلاء حول التفكير الفني وقضايا التمثيل وأخرى تهم التربية على التذوق.
*القيم على المعرض

 بقلم: جعفر عاقل

Related posts

Top