دعا محمد نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، خلال ترأسه لأول لقاء وطني للكتاب الأولين للفروع المحلية والإقليمية، يوم السبت الماضي، مناضلي الحزب المتواجدين بمختلف مناطق وجهات المغرب، إلى نهج سياسة القرب، وذلك بالعمل بشكل حثيث وسط المواطنات والمواطنين، وحمل قضاياهم وهمومهم من جهة، والتعريف بالمواقف المشرفة والتفاعل الإيجابي للحزب حيال عدد من القضايا الأساسية التي تطبع الوضع الاجتماعي والسياسي في البلاد ،من جهة أخرى، خاصة ما يرتبط بالاحتجاجات الاجتماعية التي عرفتها بعض المناطق .
ويأتي هذا اللقاء الذي احتضنه مقر حزب التقدم والاشتراكية بالرباط، في إطار الاختيار الذي ارتضته قيادة حزب الكتاب لاستباق استعدادات الدخول السياسي القادم، من خلال إطلاق نفس تنظيمي جديد لهيئتها السياسية، في إطار تنزيل مضامين القانون الأساسي الجديد المصادق عليه في المؤتمر الوطني العاشر للحزب، والتي تهم المستويات التنظيمية والتواصلية، من ضمنها مستجد أصبح بإمكان المكتب السياسي بموجبه التدخل المباشر لمعالجة كل ما يتعلق بقضايا وأوضاع التقاعس التي قد تسجل لدى بعض الفروع المحلية والإقليمية.
و قال الأمين العام، في كلمته التوجيهية إن اللقاء يهدف إلى “حلحلة مختلف أوضاع التقاعس والجمود التي تسجل على مستوى الذات التنظيمية للحزب، عبر تنزيل مضامين القانون الأساسي المصادق عليه في المؤتمر الوطني العاشر، والذي يسعى إلى خلق دينامية تترجم النظرة الإيجابية والاحترام والتقدير الذي يحظى بهما الحزب لدى المواطنات والمواطنين، وذلك عبر تجاوز مختلف المعيقات التي تحصر العمل الحزبي محليا وإقليميا وجهوي، وتقوية الذات الحزبية، والمساهمة في تنشيط وبلورة المواقف التي تهم الحياة السياسية والاجتماعية”.
ونقل الأمين العام لأعضاء حزبه التحية السامية لجلالة الملك محمد السادس خلال الاستقبال الذي خصه به جلاله الملك، بمناسبة انتخابه أمينا عاما للحزب لولاية جديدة، معربا عن اعتزازه والقيادة السياسية للحزب بهذا الاستقبال.
وقال نبيل بنعبدالله، بهذا الخصوص، “إن جلالة الملك أكد تقديره الخاص لحزب التقدم والاشتراكية والدور الذي ينبغي أن يضطلع به في صفوف اليسار، وكذا الأدوار المنوطة بمختلف الأحزاب على جميع المستويات لرفع تحدي الانتظارات الكبيرة، وتأطير المواطنات والمواطنين والرفع من الشأن السياسي”.
هذا ولم يفت الأمين العام أن يتطرق إلى الأوضاع العامة بالبلاد والتي يسمها نوع من القلق الذي تترجمه الاحتجاجات وحملة المقاطعة، مشددا على أن التقدم والاشتراكية اختار التفاعل الإيجابي والتعامل بشكل مسؤول مع مختلف تلك التعبيرات، وأنه، كحزب طرف داخل الحكومة، يأخذ بعين الاعتبار هذا المعطى ويعمل من أجل إنجاحها ويعمل بجد مع مكوناتها، حارصا على تقوية الحضور السياسي للجهاز التنفيذي، وعلى تكثيف التواصل مع المواطنات والمواطنين والإنصات إلى مطالبهم والتجاوب مع المشروع منها، خاصة على صعيد حماية القدرة الشرائية وضمان العدالة الاجتماعية والمجالية .
وفيما يخص تقوية الذات الحزبية، شدد بنعبد الله على الانتصار للروح الرفاقية ولقيم ومبادئ الحزب، والابتعاد، بل والامتناع عن مسايرة كل ما قد يسيء لهذه القيم وللحزب، مشيرا إلى إعمال مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة بالنسبة لمختلف فروع الحزب المحلية والإقليمية.
وشهد اللقاء هذا الذي ترأس أشغاله، إلى جانب الأمين العام، كل من أحمد سالم اللطافي، وفاطمة السباعي، ومجدولين العلمي، وعبد الأحد الفاسي الفهري، وأنس الدكالي، و رشيد روكبان، عبد الرحيم بنصر وخديجة الباز أعضاء من الديوان السياسي، نقاشا واسعا بسط خلاله مسؤولو عدد من الفروع الإقليمية والمحلية، على مدى خمس ساعات، وجهات نظرهم حول أساليب وكيفيات خلق أدوات التعبئة الداخلية والاشتغال، وحل الإشكاليات التي تعوق انطلاق دينامية جديدة على مستوى الفروع المحلية والإقليمية ومحدودية انغماسها في الشأن العام الذي يهم المواطنات والمواطنين.
وخلص هذا الاجتماع إلى اتفاق أولي يشمل 11 محورا، وإلى إجماع على جعل هذا اللقاء الوطني للكتاب الأولين للفروع المحلية والإقليمية بالمكتب السياسي للحزب، موعدا ينظم كل ستة أشهر، مع تركيز النقاش، في كل دورة، على قضايا محورية بعينها، على أن يتم التحضير بشكل مسبق لهذه الاجتماعات. هذا فضلا عن وضع برنامج عمل للوقوف على الأهداف المسطرة لفائدة كل إقليم.
كما تم الاتفاق على تقوية آليات التواصل بين مختلف أجهزة الحزب فيما يخص العمل الداخلي، بما فيها تطوير أشكال التواصل الحديثة، وكذا مع المواطنين والمواطنات لإشاعة مواقف الحزب حيال مختلف القضايا، بالإضافة إلى اعتماد آلية التكوين لفائدة أعضاء الفروع المحلية والإقليمية، في جميع المناحي السياسية، والإيديولوجية، وطرق التدبير والتواصل، وتعميق التفكير في كيفية أجرأة هذا النهج الذي يعد في غاية الأهمية لارتباطه بجانب يخص تدعيم صفوف الحزب بمنخرطات ومنخرطين جدد.
لم يفت الأمين العام للحزب خلال هذا الاجتماع أن يتبادل التعازي في فقدان هيئته المناضل الفذ محمد بن الصديق الذي وافته المنية بشكل مفاجئ، مذكرا بالخصال النضالية العالية للراحل، الذي اشتغل بجدية منذ التحاقه بالحزب بداية سنوات السبعينات، إلى جانب القائد على يعتة وإسماعيل العلوي، وصولا إلى القيادة الحالية، حيث أسهم إسهاما قويا في بصم التوجهات الحزبية وكان عطاؤه كبيرا، لا يحب الأضواء ويشتغل في الصفوف الخلفية لكن في مجال العمل كان في الصفوف الأمامية، و قد شاءت الأقدار أن يتوج هذا المسار بانتخابه عضوا في المكتب السياسي في ثاني دورة للجنة المركزية التي انتخبت في المؤتمر الوطني الأخير للحزب وكانت للراحل العديد من الطموحات على مستوى العمل الحزبي، يشاركها مع رفاقه، داخل التقدم و الاشتراكية على رأسها مشروع تأسيس مدرية حزبية للتكوين.
> فنن العفاني – تصوير: رضوان موسى