في كلمة يونس سراج أمام الدورة الثانية للمنتدى الصيني العربي لتنمية الشباب
نوه يونس سراج، عضو المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية والكاتب الوطني لمنظمة للشبيبة الاشتراكية، بالدينامية التي تشهدها العلاقات الصينية المغربية منذ القمة التي جمعت الرئيس الصيني شي جين بينغ وجلالة الملك محمد السادس خلال سنة 2016، مثلما أثنى على الشراكة الاستراتيجية التي تم توقيعها بين منظمة اتحاد الشباب لعموم الصين ومنظمة الشبيبة الاشتراكية.
واستعرض، في كلمته أمام الدورة الثانية للمنتدى الصيني العربي لتنمية الشباب حول موضوع: “التمكين الرقمي والتنمية الابتكارية”، المبادئ الصينية في مجال التنمية واللبرامج والرؤى والمخططات التنموية، التي أسهمت في محاربة الفقر، وتطوير الاقتصاد، وتحقيق تنمية شاملة ومستدامة وذات جودة للمجتمع الصيني، داعيا الغرب الإمبريالي إلى الحذو حذوها أكيد من أجل تغيير وجه العالم وبشاعته. فيما يلي النص الكامل لكلمة يونس سراج:
لرفيقات العزيزات والرفاق الأعزاء في قيادة وقواعد الحزب الشيوعي الصيني الشقيق، وفي منظمة اتحاد الشباب لعموم الصين الصديقة؛
بداية اسمحوا لي أن أحييكم تحية ود واحترام وتقدير
وأعبر لكم عن سعادتي وسروري بالمشاركة معكن ومعكم في فعاليات الدورة الثانية للمنتدى الصيني العربي، لتنمية الشباب حول موضوع “التمكين الرقمي والتنمية الابتكارية”. كما أغتنم هذه المناسبة لأقدم لكم جزيل الشكر وعظيم الامتنان على دعوتكم لنا للحضور في هذا المنتدى. وهي دعوة تأتي في إطار تنزيل الشراكة الاستراتيجية التي تم توقيعها خلال شهر شتنبر من السنة الماضية، سنة 2024، بين منظمة اتحاد الشباب لعموم الصين ومنظمة الشبيبة الاشتراكية.
وهي شراكة جديدة تكرس العلاقة الأخوية والرفاقية التي تجمع بين حزب التقدم والاشتراكية والحزب الشيوعي الصيني وهي علاقة ممتدة لعقود طويلة من الصداقة والتعاون المشترك، منذ كان يقود الحزب الشيوعي المغربي والحزب الشيوعي الصيني كل من القائدين العظيمين الرفيق علي يعتة والرفيق ماو تسي تونغ، هي فعلا صداقة طويلة الأمد بين الحزبين، ومنظماتهما الموازية، كانت ولازالت وستستمر مستقبلا في تعزيز التعاون وتبادل الأفكار ووجهات النظر، وتوسيع هذا التعاون لخدمة قضايا المجتمعين معا وخاصة قضايا الشباب التواق للتقدم والرقي وتحقيق النماء والازدهار للبلدين. على اعتبار أن الشباب في عالم اليوم يمثل بحق مفتاح التنمية الشاملة والمستدامة لما يتمتع به من خبرات ومعارف علمية في شتى المجالات وهو ما سيمكن لا محالة من تحقيق حياة كريمة ومزدهرة لشعوبنا.
فنحن في المغرب نتطلع لأن نتبادل معكم الخبرات والزيارات بهدف إعداد وتأهيل أطرنا الشابة وخاصة أن بلدكم يتبنى مجموعة من الخطط التنموية والمشاريع المبتكرة في شتى المجالات والقطاعات تحت قيادة الرئيس والقائد العظيم الرفيق شي جي بينغ، الذي قدم رؤية مبتكرة وجديدة للاشتراكية، هذه الرؤية ساهمت في القضاء على الفقر، وحققت الرفاهية والعيش الكريم لشعبكم الذي وصل تعداده بالتقريب الى مليار و400 مليون نسمة.
الرفيقات العزيزات الرفاق الأعزاء
السيدات والسادة الحضور الكرام؛
لقد عملت الصين والمغرب منذ القمة التي جمعت الرئيس الصيني شي جين بينغ والعاهل المغربي الملك محمد السادس خلال سنة 2016، على إعطاء نفس جديد ودفعة قوية للعلاقات بين البلدين الممتدة لأزيد من ألف سنة. وقد توجت هذه القمة بتوقيع شراكة استراتيجية شاملة، عززت العلاقات الإنسانية والثقافية والاقتصادية والسياسية بين بلدينا الشقيقين والصديقين. إذ أصبح المغرب منصة حقيقة للأنشطة الاقتصادية سواء الموجهة للمغرب أو إفريقيا أو لأروبا. وكما قال صاحب الجلالة للرئيس الصيني أنذاك في برقية شكر بعد اختتام زيارته لبلدكم المضياف “أن ما تم تحقيقه من مكتسبات يجسد إرادة مشتركة لإرساء نموذج للتعاون جنوب-جنوب، فعال وتضامني ومتعدد الأبعاد، يعود بالنفع العميم على شعبينا الصديقين ويسهم في إشاعة الأمن والسلم والاستقرار في العالم” انتهى كلام صاحب الجلالة.
منذ ذلكم الحين، ازداد حجم التعاون في مجالات متعددة وخاصة المجال التكنولوجي والطاقي والمالي والصناعي والاقتصادي والثقافي والسياسي…الخ. وما يزيد هذه العلاقات متانة وقوة، هو دعم البلدين لبعضهما البعض في قضية سيادتهما ووحدتهما الترابية، إذ أن الصين والمغرب عانيا من مخاطر الانفصال. وهما على وعي كبير بكلفته الخطيرة على مختلف الواجهات. هذا الدعم السياسي للبلدين، جعل منسوب الثقة يزداد بين الجانبين، إذ عَمِلا بكل جدية على تفعيل هذه الشراكة، الأمر الذي جعل عشرات الشركات الصينية تستثمر في المغرب، باعتباره بوابة نحو إفريقيا وأروبا معا. فالموقع الاستراتيجي للمغرب جعله محورا أساسيا في مبادرة الحزام والطريق الصينية. إذ يمكن أن أقدم لكم على سبيل المثال بعض المشاريع الواعدة للشركات الصينية بالمملكة المغربية:
>مشروع مدينة محمد السادس التقنية-طنجة تيك، القائم على الابتكار والتكنولوجيا، مزانيته 10 مليار دولار
> مصنع غوشن هاي تك لبطاريات السيارات الكهربائية، تبلغ كلفته 13 مليار درهم في مرحلة أولى.
>توسيع الخط السككي الفائق السرعة بين مراكش وأكادير بميزانية 85 مليار درهم.
> شركة هواوي تنفذ تقنية الجيل الخامس للأنترنيت بالمغرب استعدادا لتنظيم مونديال 2030 والذي نتمنى أن يتأهل له المنتخب الصيني، ونتمنى أن تكون مبارياته بالمغرب ليزداد عدد الزوار الصينيين لبلدنا المغرب ويتعرفوا على عراقة ثقافته وتنوعها والتي تشبه في كثير من مكوناتها الثقافة الصينية.
> تشييد المركز التجاري الدولي في الرباط بتمويل مشترك بين الصين والمغرب إذ تبلغ تكلفته حوالي 400 مليون دولار.
> مشروع الطاقة الريحية بمدينة طرفاية، كلفته 1.2 مليار دولار.
هذا جزء بسيط من المشاريع الصينية المغربية، والتي ستسهم في تعزيز القدرة التنافسية للمغرب في الأسواق العالمية. فهذه الشراكة الاستراتيجية بين بلدينا، والمرتبطة أساسا بمشاريع ذات الصلة بالابتكار والتكنولوجيا العالية الجودة من شأنها بناء مستقبل مشرق وخلق فرص تنموية واعدة. الأمر الذي ينعكس على فئة الشباب من خلال تمكينهم من فرص عمل حقيقة، مما سيعزز لهم الثقة في ذواتهم ويدفعهم للاستقرار الاجتماعي والاطمئنان النفسي.
السيدات والسادة الحضور الكريم؛
لقد عمل المغرب، بفضل الرؤية المتبصرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، على تطوير علاقاته الاستراتيجية مع بلدكم، على أكثر من صعيد، وعيا منه بالفرص التنموية التي يخلقها الاقتصاد الصيني. الذي أصبح يعتمد على البحث العلمي، والابتكار التكنولوجي، الأمر الذي يمكن من تحقيق الازدهار والنمو المستدامين.
علاوة على ذلك فالاستثمارات الصينية المغربية، قائمة على مبدأ رابح رابح، وتبادل المنافع. كما أنها مشاريع توطن التكنولوجيا، الأمر الذي يعزز هذه الشراكة ويجعلها استثمارات ذات آفاق مستقبلية واعدة للبلدين معا.
في هذا الصدد عمل المغرب على إيلاء أهمية كبرى للابتكار والتكنولوجيا، إذ ارتقت المملكة المغربية أربع درجات في مؤشر الابتكار العالمي لسنة 2024، محققةً أداءً استثنائيًا، كما احتلت صدارة الترتيب العالمي في مؤشر إيداع الرسوم والنماذج الصناعية خلال هذه السنة، وفقًا لتقرير منظمة الملكية الفكرية العالمية (WIPO).
وتعتبر جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية (UM6P) المتواجدة ببنجرير بالقرب من مراكش. التي تأسست سنة 2017 جامعة رائدة في مجال الابتكار الصناعي، وتسجيل براءات الاختراع. إذ تصنف الآن الجامعة الأولى في المغرب وإفريقيا في مجال الابتكار.
كما تعمل الحكومة المغربية وصندوق دعم الابتكار والاتحاد العام لمقاولات المغرب. على تمويل المشاريع المبتكرة في مجال الكهرباء والإلكترونيات والطاقة وصناعة الأجهزة الطبية المقرونة بالذكاء الصناعي والهيدروجين الأخضر وغيرها من المجالات. إذ يبقى الهدف المتوخّى من هذه التمويلات هو تشجيع انبثاق مشاريع تعاونية مبتكرة ومشاريع البحث والتطوير ذات القيمة المضافة العالية.
كما يُنَظِّم المغرب خلال هذه الأيام، “المعرض الدولي للطيران والفضاء إير شو 2024” في دورته السابعة والذي تشارك فيه الصين، ويشارك فيه مجموعة من الشباب المغربي، بابتكارات مذهلة في مجال صناعات الطيران والفضاء والتقنيات الذكية، كما هو الشأن بالنسبة لشركة “قمر سبيس” وهي أول شركة مغربية تقدم حلولا فضائية شاملة المتخصصة في صناعة الأدوات والأجهزة التي ترسل للفضاء. إضافة الى مشروع “أيرودرايف” الذي يعمل على إنتاج طائرات مسيرة مغربية 100%، بالتعاون مع البحرية الملكية بتكلفة أقل مقارنة بالأسعار الدولية.
فالابتكار يعد عاملا حاسما في خلق التنمية الشاملة لكل مجتمع، كما يمكننا الابتكار والإبداع من فهم الاختلالات، وسد الفجوات، وربح الوقت، استثمار الفرص المتاحة، وإبداع الحلول للمشكلات والتغلب على التحديات التي نعاني منها. جراء شح الثروات والتحولات الإيكولوجية، والاستهلاك المفرط وغير المعقلن. فتواجدنا في عالم سريع التغير، يعد تبني الابتكار والتجديد التكنولوجي أمرًا بالغ الأهمية لتعزيز التنمية الشاملة وخلق فرص النمو.
الرفيقات والرفاق الأعزاء؛
إن الحديث عن الابتكار والتطوير التكنولوجي، يطول ويتشعب، ولا أحد ينكر أهميتهما البالغة في تحقيق التنمية الشاملة للمجتمع. لكن أود التأكيد على نقطة أساسية ومفصلية في هذا السياق. وهي أن الابتكار لكي يكون ذو جدوى تنموية واجتماعية، لابد من خلق بيئة حاضنة له. وذلك من خلال تجذيره في المجتمع، ويصبح ثقافة مجتمعية، وهواء يتنفسه المواطنون على اختلاف أعمارهم وانتماءاتهم الاجتماعية والفكرية ومستواهم الاقتصادي. الأمر الذي قامت به الصين على أكمل وجه، تحت قيادة الحزب الشيوعي الصيني وقادته العظام أمثال الرفيق شي جين بينغ. فالحزب وقادته ومنتسبيه هم أول فئة مبتكرة ومبدعة في المجتمع الصيني، من خلال ابتكارهم للبرامج والرؤى والمخططات التنموية، التي أسهمت في محاربة الفقر، وتطوير الاقتصاد، وتحقيق تنمية شاملة ومستدامة وذات جودة للمجتمع الصيني.
وهذا لم يكن بالإمكان تحقيقه لولا المبادئ التي يؤمن بها الرفيق شي جين بينغ والحزب الشيوعي الصيني، والتي يستلهمها من اطلاعه الواسع وثقافته الغنية والعميقة بالتاريخ والفلسفة والأدب والفنون والموسيقى وغيرها من ميادين المعرفة. تتحدد هذه المبادئ في الإيمان بالمصير المشترك للبشرية، والسلام الدائم، والتنمية العالمية، والتحول الأخضر للاقتصاد والمجتمع، والانسجام بين الإنسان والطبيعة، وأن العالم متعدد الحضارات والأقطاب والأطراف، وقد حث الرئيس الصيني أكثر من مرة على ضرورة احترام هذا التعدد والتنوع الحضاري للبشرية، وضرورة التقدير لهذا الميراث.
هذه المبادئ اذا ما تم الإنصات إليها بجدية من طرف الغرب الإمبريالي، أكيد أنها ستغير من وجه العالم وبشاعته، وستسهم في حل العديد من الإشكالات وتجاوز العديد من بؤر التوتر. التي تسعى الولايات المتحدة الى استمرارها وتعمل على تغذيتها تحقيقا لمصالحها الشوفينية. كما هو الحال في دعمها للكيان الصهيوني الذي يشن حربا تطهيرية وإبادة جماعية في حق الشعب الفلسطيني واللبناني. وهنا ننوه بالموقف الصيني الشجاع والداعم لعدالة القضية الفلسطينية، وضرورة استعادة حقوقه المشروعة، وبناء دولته المستقلة.
الرفيقات العزيزات الرفاق الأعزاء في الحزب الشيوعي الصيني وفي منظمة اتحاد شباب عموم الصين؛
نشكركم على دعوة الشبيبة الاشتراكية للمشاركة في هذا المنتدى، ونهنئكم على النجاح الباهر للدورة السابقة. وأمتنى صادقا أن يتم العمل على تنفيذ كل بنود الاتفاقية التي وقعناها معكم السنة الماضية، والاستفادة أكثر من برامج الإبتكار والإبداع والعلوم والتكنولوجيا التي تقومونا بها. فنحن في منظمة الشبيبة الاشتراكية وحزب التقدم والاشتراكية أصبحنا نعرف الصين جيدا من خلال رفاقنا الذين يشاركون في هذه المنتديات، ونتطلع الى المضي قدما في هذه الشراكة. كما نتمنى النجاح والتوفيق لهذه الدورة لتحقق الأهداف التي تصبو إليها.
اسمحوا لي، أن أجدد لكم الشكر والامتنان، باسمي الخاص ونيابة عن كل الرفيقات والرفاق في منظمة الشبيبة الاشتراكية وحزب التقدم والاشتراكية، على كرم الضيافة وحسن الاستقبال.
شكرا لكم على حسن الاستماع والإصغاء.
يونس سراج :عضو المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
الكاتب الوطني لمنظمة للشبيبة الاشتراكية