يخلد الشعب المغربي قاطبة، من طنجة إلى الكويرة، يوم الاثنين 18 نونبر 2024، الذكرى التاسعة والستين لعيد الاستقلال الذي توج ملحمة المغاربة البطولية ضد المستعمر الفرنسي.
وتعد هذه الذكرى المجيدة أحد المنعطفات التاريخية التي طبعت مسار المملكة لما تحمله من دلالات وبطولات وأمجاد خلدها رجال ونساء هذا الوطن الذين رسموا، وهم في حمأة النضال، صورا لمغرب ما بعد الاستقلال.
نعم، لقد عاش رجال ونساء المقاومة السياسية والمسلحة على حد سواء، أحداثا قاسية، وهو يرنون ليس فقط إلى جلاء المستعمر، بل أيضا وأساسا إلى بناء مغرب ما بعد الحماية والحجر.
واليوم، ونحن في المحطة التاسعة والستين ما بعد الاستقلال، لا يجب أن نكتفي باستعراض ما وثقه التاريخ من أجل الجرد فحسب، بل للمضي قدما نحو الجهاد الأكبر بأبعاده الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، خلقا لجبة داخلية قوية ومنسجمة تذود عن الوطن وتصد الأطماع الخارجية التي تحوم حوله.
وهو ما يعني أن هذا الجهاد الأكبر يجب أن يشكل معركة الجميع من أجل بلوغ تعبئة شاملة لكل مكونات المجتمع، لبناء الدولة المغربية الحديثة، على أسس ديمقراطية وتشاركية وتنموية، ولصون ترابها من أطماع خارجية، لازالت تتربص به رغم ما حققه مؤخرا من مكتسبات على مستوى اعتراف كبريات الأمم بمغربية الصحراء.
أطماع نبه لها الخطاب الذي ألقاه جلالة الملك محمد السادس، في السادس من نونبر الجاري، بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء، مشددا على ضرورة الجمع بين الحكمة والصرامة في التعامل مع أعداء الوحدة الترابية.
خطاب ملكي يعد بحق خارطة طريق لمرحلة فاصلة من هذا الجهاد الأكبر الذي يقتضي أولا الحزم في الدفاع عن الوطن، مثلما يقتضي مواصلة الإستراتيجية التنموية الشاملة التي تهدف إلى تحقيق نمو اقتصادي مزدهر ينعكس إيجابا على أقاليمنا الجنوبية وعلى مختلف جهات البلاد وعلى فئات المجتمع المغربي لتحقيق الترابط الوحدوي بين شمال المغرب وجنوبه وبين المغرب ودول جنوب الصحراء.
إن عيد الاستقلال يعتبر، من دون شك، جزء هاما من تاريخ المغرب. وعلينا أن نجعل هذا الجزء الرائع من تاريخنا موضوعا للعبرة والإلهام، لا للتبجيل الاحتفالي.
مصطفى السالكي