حول الإعلان عن إصدار
عادة ما تصادف العبارة التالية حين تطلع على إعلان عن صدور كتاب ما:
“يوجد في جميع الأكشاك”.
لكن من الأفضل أن لا تصدقوا كل ما ينشر من إعلانات؛ فقد حدث لي في الكثير من المرات أن بحثت في عدة أكشاك عن الإصدار الذي تم الإعلان عنه والذي قيل عنه إنه يوجد في جميع الأكشاك، غير أنني لم أعثر عليه، وحين قابلت مؤلفه، أخبرني بأنه لم يوزعه، ولم يتعامل مع أي شركة توزيع، كل ما في الأمر أن صاحب الإعلان المنشور في الجريدة، اعتاد أن يستعمل عبارات جاهزة، من قبيل: يوجد في جميع الأكشاك.
***
حول الرضى والسخط
فئة عريضة من المواطنين، وبينهم نخبة من المثقفين والسياسيين، لم تعد تنظر بعين الرضا إلى أغلب ما يجري من وقائع، حتى لو كانت هذه الوقائع ليست مبعث سخط، إلى حد أن هناك من سمى هؤلاء الساخطين بأنهم أعداء النجاح، أو كما عبر أحدهم بأن كل عمل ناجح يجدون فيه مثلبة ويحاولون إفساده بأي شكل من الأشكال.
عندما يبرع أحد ما في عمله، يقال عنه:
“ولد الحرام..”
في الوقت الذي كان ينبغي أن يقال عكس ذلك تماما.
هذا الشكل من أشكال التعليق على نجاحات الآخرين، لا يقتصر على الواقع المغربي، بل نجد مثيلا له في ثقافات وحضارات أخرى؛ فعندما يتقن أحد الفنانين عمله الإبداعي، يقال له:
“يخرب بيتك.. أو قاتلك الله..”
هل هذا هو جزاء من يقدم منتوجا جيدا؟
***
حول مأسسة الترجمة
من اللافت للانتباه أن بعض الأدباء المغاربة اختاروا مكرهين لا أبطالا- أن يكتبوا باللغة الفرنسية أو بأي لغة أخرى أجنبية؛ مما يسمى باللغات الحية، ليس لأنهم لا يجيدون الكتابة بلغتهم الأم، اللغة العربية، ولكن إدراكا منهم أن عملهم ذاك سيحظى لا محالة بالترجمة إلى أكثر من لغة، بما في ذلك اللغة العربية، لنأخذ على سيبل المثال الإنتاج النقدي والإبداعي للأديب المغربي عبد الفتاح كيليطو، لقد كتب أغلبه باللغة الفرنسية مع أنه متمكن من اللغة العربية، لكنه كان متيقنا من أنه سيكون هناك من يتكفل بنقله إلى اللغة الأم، ومن ثم ضمان الانتشار لهذا الإنتاج بواسطة عدة لغات، فلو اكتفى بكتابته بالعربية، لظل حبيس هذه اللغة اليتيمة.
الحضور الثقافي المغربي في الخارج، لا ينبغي أن يقتصر على المظاهر الاحتفالية، بل لا بد أن يمس الجوهر، ومن مظاهر هذا البعد الجوهري، نقل هذه الثقافة من لغتها الأصلية إلى لغة الآخر، بكيفية احترافية، وهذا لا يمكن أن ننجح فيه إذا اعتمدنا فقط على المبادرات الفردية المرهونة بالذائقة الفنية لهذا المترجم أو ذاك، بل لا بد من أن يكون وراء ذلك مؤسسة قوية.
عبد العالي بركات