تشهد وسائل النقل العمومي على مستوى مدن منطقة التخفيف 1 ازدحاما شديدا ببعض خطوط حافلات النقل الحضري، أو نقل الترامواي بمدينتي الدار البيضاء والرباط، حيث يتكدس العديد من الزبناء في حافلة أو عربة واحدة.
وتتكرر هذه المظاهر بشكل كبير على مستوى العاصمة الاقتصادية البيضاء، حيث يتضح تراخي البيضاويين مع كورونا، الذي لا زال نشيطا في المغرب ولم يتم القضاء عليه بعد في ظل تسجيل العشرات من المصابين كل يوم.
وفي الوقت الذي تلتزم فيه سيارات الأجرة الكبيرة والصغيرة، بالعدد المحدد في نقل الزبناء، في إطار التباعد الاجتماعي لتفادي الإصابة ونقل فيروس كورونا كوفيد-19، يتهاون شركات الحافلات وعربات الترامواي في مراقبة العدد الواجب نقله امتثالا للبروتوكول الصحي الذي توصي به وزارة الصحة.
وإلى جانب الازدحام الشديد الذي لا تحترم فيه المسافة القانونية بين كل راكب، وقفت جريدة بيان اليوم عند تهاون الكثير من الزبناء في ارتداء الكمامة والتعقيم المستمر للأيدي، وهو ما يهدد السلامة الشخصية للزبون وباقي الراكبين.
وبالرغم من إطلاق وزارة الصحة لتطبيق “وقايتنا” الإلكتروني الذي يرصد المخاطين في حالة ثبوت إصابة أحد الأفراد بالفيروس، إلا أن تحميله تجاوز المليون فقط منذ إطلاقه، وهو ما يحول دون مساعدة السلطات الوصية للتحكم في الوباء سريع الانتشار.
وسبق لرواد مواقع التواصل الاجتماعي أن تقاسموا خلال بداية الرفع التدريجي للحجر الصحي صورة لإحدى الحافلات بالدار البيضاء وهي محملة بعدد كبير من الزبناء، حيث تفاعلت شركة النقل الحضري “ألزا” مع الصورة بسرعة، من خلال فتح تحقيق داخلي من طرف مصالح الشركة بخصوص مدى احترام إجراء التباعد الاجتماعي على متن الحافلة.
وأوضحت الشركة أنها تسهر على الاحترام التام لكل المقتضيات والإجراءات المتعلقة بالوقاية ضد جائحة كورونا، وذلك منذ بدايتها في ما يتعلق بحماية مستخدميها وحماية زبنائها، عن طريق تعبئة كافة الوسائل المادية والتحسيسية اللازمة للوقاية، بيد أنه منذ 19 يونيو الماضي تاريخ فتح التحقيق في صورة الحافلة، لم يتم الإعلان عن نتائجه بعد.
من جهتها، كشفت شركة التنمية المحلية “الدار البيضاء للنقل” المخول لها تنظيم النقل بالدار البيضاء وRATP Dev Casablanca التي تدبر النقل عبر الترامواي بالدار البيضاء، اتخاذها منذ بداية الجائحة مجموعة من الإجراءات لحماية وتحسيس الركاب والمستخدمين.
وأوضحت أنها استهلت هذه الإجراءات بتخفيف كثافة قطارات الترامواي، وصولا إلى التقيد باحترام التباعد الجسدي بين الركاب، حيث لا يتم استغلال إلا نصف الطاقة الاستيعابية للعربة، إلى جانب الحرص على التطهير والتعقيم المنتظم للعربات والمرافق.
وإذا كانت الشركة المكلفة بتسيير هذا المرفق العمومي تصرح بهذه الإجراءات الضرورية، إلا أن المراقبة الميدانية غائبة بعض الشيء، حيث يتم التسامح في تجاوز العدد المحدد لكل عربة، وهو ما لاحظته الجريدة أثناء إعدادها لهذا الروبورطاج، خصوصا يوم الأحد الماضي، حيث كان الازدحام على أشده على مستوى الخط الرابط بين نقطة شاطئ عين الذئاب وباقي النقط الأخرى.
وأمام هذا التهاون والتراخي في وجه الجائحة، سيكون المغاربة مهددين بموجة ثانية من الفيروس، لاسيما وأن منظمة الصحة كشفت مؤخرا أن الفيروس ينتقل عبر الهواء أيضا، الأمر الذي يستلزم معه أخذ المزيد من الحيطة والحذر لاحتواء انتشاره.
وأمام هذه المعطيات الصادرة عن السلطات المختصة، يبقى عامل التعايش مع الفيروس مهما جدا، خصوصا في الفضاءات العمومية، من قبيل الشواطئ والمقاهي والمطاعم والمساجد ووسائل النقل العمومي.. حيث الحاجة إلى وضع الكمامة بشكل صحيح ومستمر، علاوة على التعقيم، ثم احترام المسافة القانونية، فضلا عن تحميل تطبيق “وقايتنا” للتمكن من الكشف المبكر للإصابة بكوفيد-19.
وعاينت عدسة جريدة بيان اليوم التراخي الكبير في صفوف البيضاويين حيث يتحمل الجميع مسؤولية محاربة الوباء الذي لم تنته مهمته في ظل عدم وجود تلقيح طبي للقضاء على توسعه على المستوى الدولي والمحلي.
وتحذر وزارة الصحة المغربية من الانتكاسة في وجه الفيروس في حالة التمادي في استسهال الوضع والتهاون معه، وهو ما سيدفع المغرب مجددا إلى العودة نحو الحجر الصحي الذي كلف البلاد ثمنا باهضا، نتيجة توقف العجلة الاقتصادية للعديد من القطاعات، حيث بدأت أزمة كورونا ترخي بظلالها على الوضع الاجتماعي للمغاربة.
ويقدم المسؤولون على الشأن الصحي بالمغرب، نموذج مدينة آسفي التي عادت إلى الحجر الصحي، بعد ظهور بؤرة وبائية على مستوى معمل لإنتاج السمك المعلب، وهو مؤشر رئيسي على أن الوباء لا زال في ذروته ومن ثم وجب الحزم معه من خلال الالتزام بالتعليمات الصحية المذكورة أعلاه.
< يوسف الخيدر < تصوير: أحمد عقيل مكاو