أعلن الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، أن النيابة العامة أعطت تعليماتها للفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالدار البيضاء من أجل إجراء بحث يروم التحقق من حقيقة وظروف وخلفيات ما ورد بشريط صوتي متداول منسوب لقضاة حول وجود تدخل في تدبير ملف قضائي معروض على انظار هيئة قضائية.
وأوضح بلاغ للوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، أنه “على إثر تداول بعض منصات التواصل الاجتماعي وتطبيقات التراسل الفوري، لتسجيل صوتي منسوب لقضاة، حول وجود تدخل في تدبير ملف قضائي معروض على انظار هيئة قضائية يتابع فيه أحد الأشخاص في حالة اعتقال، وعبارات تمس بسمعة بعض أعضاء هيئة الدفاع، فقد عملت النيابة العامة على إعطاء تعليماتها للفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالدار البيضاء من اجل إجراء بحث يروم التحقق من حقيقة وظروف وخلفيات ما ورد بالشريط الصوتي من معطيات”.
وأبرز البلاغ أنه سيتم أيضا “الاستماع إلى كل من له علاقة بالموضوع، وإجراء جميع التحريات اللازمة لبلوغ ذلك، هذا وحالما تنتهي الأبحاث سوف يتم ترتيب الآثار القانونية اللازمة على ذلك”.
وعلاقة بالموضوع، أدانت الجمعية الوطنية للمحامين بالمغرب،في بيان لها، المس باستقلالية القضاء والتدخل في سرية المداولات، بناء على تصريحات وردت في تسجيل مكالمة مسربة جرت بين قاضية بمحكمة النقض وعضوة سابقة بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية وهي تخاطب أعضاء هيئة قضائية بما فيهم رئيس غرفة الجنايات بمحكمة الإستئناف بالدار البيضاء.
واعتبرت الجمعية في نفس البيان، أن ما ورد في التصريحات المذكورة، يعد “مسا خطيرا باستقلالية القضاء وتدخلا سافرا في سرية المداولات، وسب وقذف وإهانة في حق المحامين والمحاميات المغاربة” .
كما شدد محامو المغرب في بيانهم، على أن ما جاء في المكالمة المسربة بشأن تدخل محامين في سرية المداولات،يتنافى مع الضمانات الدستورية خاصة الفصل 109 من الدستور الذي ينص على أنه “يمنع كل تدخل في القضايا المعروضة على القضاء؛ ولا يتلقى القاضي بشأن مهمته القضائية أي أوامر أو تعليمات ولا يخضع لأي ضغط”.
وأضافت الجمعية أنه “يجب على القاضي، كلما اعتبر أن استقلاله مهدد، أن يحيل الأمر إلى المجلس الأعلى للسلطة القضائية “، كما “يعد كل إخلال من القاضي بواجب الاستقلال والتجرد خطأ مهنيا جسيما، بصرف النظر عن المتابعات القضائية المحتملة “.
هذا، وجاء في التسجيل الصوتي، الذي تناقلته مواقع التواصل الاجتماعي، وتطبيقات التراسل الفوري، وهو في الأصل اتصال هاتفي بين قاضية بمحكمة النقض وهيئة قضائية ضمنها رئيس غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء، حيث تخبره بملف حدثين بريئين تعرض ذويهم إلى الابتزاز من طرف محامية، التي طلبت منهم مبلغ 25 ألف درهم مقابل التدخل لدى الهيأة القضائية للحصول على براءتهما.
وأضاف القاضية المذكورة في الاتصال الهاتفي، أن “المحامية التي اعتبرتها تسيء لسمعة القضاء والقضاة، المعروفة بعملها كوسيطة، وعند علمها بأن ملف الحدثين تأجل إلى شتنبر المقبل، أخبرت الأم، أن ذلك بسبب رفضها الأداء بالمبلغ المالي الذي طلبته مقابل حل الملف مع الهيئة القضائية التي تتابع القضية”.
وفي جوابه على كلام القاضية، استنكر رئيس غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء ذلك بقوله “لا حول ولا قوة إلا بالله العظيم هذا هو المشكل أستاذة كينصبو على الناس بإسمنا”، فتجيبه القاضية بمحكمة النقض “هادشي علاش بغيت نعلمكم أستاذ (غ) باش تردو معاها البال متكونوش لعبة بين يديها، حنا مع تطبيق القانون ومع العدالة…“.
وردت القاضية أن أم الحدثين امرأة “شلحة مات راجلها وبقات حاضنة على وليداتها وخدامة في الميناج عند أحد اليهود المغاربة وأنها فقيرة،”، بعد ذلك، طلب رئيس غرفة الجنايات باستئنافية الدار البيضاء من القاضية (ن) أن تخبر الأم التي تعرضت للابتزاز من طرف المحامية المعنية أن تزوره بمكتبه ليفسر لها أنه لا علاقة له ولهيئة القضاة بالمبلغ المالي الذي طلبته منها المحامية المذكورة ، مضيفا ّحنا نعينو ليها محامي في إطار المساعدة القضائية ونتعاونو معاها في سبيل الله منخليوهاش دير هاذ المحامية لي باغا تنصب عليها…“.
وأضاف رئيس غرفة الجنايات “هاذيك المحامية خطيرة سمسارة وعارفينها مخلوضة ومشبوهة”، مؤكدا أنه ّكان عندها توقيف لمدة ستة أشهر ومبغاتش تحشمّ، مردفا أن ّبحال هاذ المحامين كيوسخونا”.
ورد رئيس غرفة الجنايات على القاضية بأن تخبر أم الحدثين التي تتواصل معها بأن ترفع له طلب تقريب الجلسة، مؤكدا بالقول ” سأعمل على إيصال الرسالة للرئيس الأول ليبلغ نقيب المحامين بالأمر كون” الفلوس ضايرة على ظهرنا وحنا ما فخبارنا والو…والله هيتا حشومة”. وأكدت القاضية أن المحامية المعنية بموضوع الحوار “عندما لا تحصل على ما طلبته من مال تحضر محامين زملاءها ليطلبوا تأجيل الملف، لتبين للجهة التي طالبتها بالمال أن عدم استجابتهم لطلبها هو ما حال دون حل الملف وتأجيله إلى تاريخ بعيد”.
ودائما في إطار الردود على هذا الحادث الذي هز الرأي العام الوطني، دعت فيدرالية جمعيات المحامين الشباب بالمغرب، كل الإطارات الشبابية المنضوية تحت لوائها إلى تعبئة المحاميات والمحامين الشباب للمشاركة في وقفة احتجاجية يومه الأربعاء 13 يوليوز 2022، بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء.
واعتبرت الفيدرالية في بلاغ لها، أن هذه الوقفة تعتبر محطة مفصلية في معركة الدفاع عن نبل رسالة المحاماة وسمو رسالة القضاء في مواجهة لوبيات الفساد والإفساد التي تهدد الأمن المهني للمحامين والقضاة الشرفاء والأمن القانوني والقضائي للمواطنين والمواطنات.
حسن عربي