بمجرد ما أعلن الاتحاد الإفريقي عن فوز المغرب بتنظيم كأس أمم إفريقيا لعام 2025، حتى أصيب الإعلام الجزائري بالسعار، وكشف للعالم حقيقة النظام العسكري الجزائري كنظام عنصري اتجاه الأفارقة وقضاياهم الحيوية.
فما أن تم الإعلان عن فوز المغرب بالإجماع، بشرف تنظيم كأس أمم إفريقيا 2025 حتى انبرى النظام الجزائري لنفث سمومه اتجاه كل الأفارقة رغم أنه واحد منهم، وذلك باستغلال أبواقه الإعلامية سواء من خلال القنوات الرسمية أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي، دون الاكتراث بأخلاقيات المهنة أو بالقانون الإنساني الدولي الذي يجرم نشر خطاب الكراهية والميز العنصري.
فكل بلاطوهات التحليل الرياضي، بمختلف القنوات الجزائرية تحاملت على الأفارقة، ونعتتهم بأقدح النعوت العنصرية، واتهمتهم في ذمتهم، ووصفتهم تارة بـ”العصابة” وتارة أخرى بـ “المافيا” وأنهم لا يستحقون الجلوس على مدرجات ملاعبهم، مع استعمال ألفاظ عنصرية مقيتة وحقيرة من أجل النيل من الأفارقة والحط من كرامتهم.
في هذا السياق، لم تخجل صحيفة “الشروق الجزائرية” الناطقة باسم النظام العسكري الجزائري، والتي يتابعها أزيد من 460 ألف متابع على صفحتها على الفايسبوك، (لم تخجل) من تدبيج مقال حول موضوع الإعلان عن الدول الإفريقية التي ستنظم نهائيات كأس الأمم لسنتي 2025 و 2027، ووضعت له عنوانا مخزيا “عذرا إفريقيا فملاعبنا ارتاحت من رائحتكم” مما أثار موجة غضب واسعة لدى الرأي العام الإفريقي الذي عبر عن صدمته الكبيرة أمام هذا المستوى الدنيء في التعامل مع حدث رياضي من المفترض أن يكون فيه فائز وخاسر وفق ضوابط وآليات التنافس الرياضي معروفة مسبقا لدى الجميع.
وهكذا فقد عبر نشطاء أفارقة عن غضبهم واستيائهم الكبير من هذا المستوى العنصري الذي عبر عنه الإعلام الجزائري. فقد تساءل أحد النشطاء السنغاليين حول كيف يمكن لوسيلة إعلام جزائرية أن تنشر عبارة عنصرية كهذه، مشيرا إلى أن ذلك يعد أمرا خطيرا جدا ولا يمكن تقبله، خاصة وأن صحيفة “الشروق” هي صحيفة جزائرية وهي أيضا من إفريقيا.
من جانبه، عبر الصحفي الغاني إبراهيم ساني دارا، المتحدث السابق باسم الاتحاد الغاني لكرة القدم، على حسابه على منصة “X” عن رفضه لتلك العبارة “العنصرية” التي نشرتها “الشروق” وقال إن هذا “رد فعل عنصري في الجزائر على قرار منح بطولة كأس الأمم الأفريقية 2027 للملف المشترك لكينيا وأوغندا وتنزانيا”.
ودعا العديد من النشطاء الأفارقة عبر منصات التواصل الاجتماعي إلى مقاطعة واسعة لهذه الصحيفة، مؤكدين على أن هذا النوع من الإعلام العنصري لا يمكنه أن يقوض التضامن بين الأفارقة والالتفاف حول قضاياهم الحقيقية، وأن يحول مناسبة نهائية كأس أمم إفريقيا سواء في ساحل العاج أو في المغرب أو تلك التي ستنظم بشكل مشترك في كينيا وأوغندا وتنزانيا، إلى عرس إفريقي يظهر للعالم الوجه الحضاري الحقيقي لمجموع دول وشعوب إفريقيا. إن مثل تلك العبارات العنصرية، التي نشرتها صحيفة “الشروق” أصبحت بمثابة القاعدة التي باتت تمثل ممارسة اعتيادية، أو حتى نمطا سلوكيا في تعاطي الإعلام الجزائري مع كل ما هو إفريقي أو بالأحرى مع كل إفريقي حاول أن يعبر عن موقف سيادي لا يساير أهواء النظام الجزائري.
إن الإعلان عن منح شرف تنظيم كأس أمم أفريقيا 2025 للمغرب بعدما سحبت نيجيريا وبنين ملفهما المشترك، أظهر بجلاء كيف تعامل الإعلام الجزائري مع هذا الحدث الرياضي الذي يهم كل القارة الإفريقية، بما فيها الجزائر كواحدة من هذا الكيان القاري الذي لا يمكنها أن تتنكر له، فبدل التعاطي مع الهزيمة، أو “الانسحاب من التباري” كما تم الإعلان عنه في الجزائري، بشكل حضاري، تم إطلاق العنان للغوغائية والعنصرية الهمجية لمختلف وسائل الإعلام والصفحات الجزائرية على مواقع التواصل الاجتماعي من أجل النيل من الأفارقة بألفاظ عنصرية مقيتة.
فرغم محاولة مجمع الشروق التبرؤ من تلك العبارة العنصرية، وحاول في بلاغ عممه بعد موجة الغضب الواسعة التي أثارها ذلك العنوان العنصري، (حاول) أن يوهم القراء أن لا علاقة له بتلك الصفحة على الفايسبوك، فإن كل الدلائل تؤكد أنها الصفحة الرسمية لصحيفة “الشروق” وهي مدعومة بالعلامة الزرقاء، ويتابعها 460 ألف متابع، ولم يسبق لهذا المجمع أن أصدر بلاغا تبرأ فيه من هذه الصفحة التي يستحيل أن تحظى بتلك المتابعة الواسعة في ظرف زمني قياسي.
إن التعاطي العنصري لصحيفة الشروق التي تعتبر ناطقة باسم حكام قصر “المرادية” يعبر بشكل واضح عن “مرض” مركب لدى حكام العسكر الجزائري، اسمه “العنصرية” وهو الأمر الذي يستدعي الشفقة والدعاء لهم بالشفاء العاجل من هذا المرض العضال.
< محمد حجيوي