حسب مذكرة مشتركة لمندوبية التخطيط والأمم المتحدة والبنك الدولي
تأثر الاقتصاد المغربي فعليا بانهيار الاقتصاد العالمي، الذي يؤثر بشكل خاص على أوروبا، شريك المغرب التجاري الرئيسي، فيما تظهر إجراءات الاحتواء للتعامل مع انتشار الوباء آثارا سلبية سريعة على الاقتصاد، حسب ما أكدته “مذكرة استراتيجية” مشتركة قامت بها المندوبية السامية للتخطيط ومنظمة الأمم المتحدة في المغرب والبنك الدولي.
وتترجم هذه الظروف حسب المذكرة المشتركة بشأن الأثر الاقتصادي والاجتماعي لجائحة كوفيد 19، إلى تحديات غير مسبوقة للبلاد التي كان عليها بالفعل أن تواجه سنة فلاحية اتسمت بالجفاف.
وأشارت المذكرة التي ترمي إلى تعميق فهم الأثر الاجتماعي والاقتصادي لوباء كوفيد-19 في المغرب في إطار مقاربة فريدة وشاملة وتعاونية عبر توصيات استراتيجية تستند إلى بيانات موثوقة بما يضمن إدماج جميع فئات المجتمع، (أشارت) إلى أن الاقتصاد المغربي من المرجح أن يعاني بشدة من الآثار السلبية للوباء.
وأبرزت المذكرة أن النمو الاقتصادي لم يتجاوز 0.1 بالمائة في الربع الأول من العام، وعزت هذا النمو الضعيف إلى زيادة الانخفاض في القيمة المضافة الفلاحية إلى -5 في المائة وإلى تباطؤ الصناعة وخدمات السوق.
وتابعت المذكرة عينها أنه في الربع الثاني من السنة الجارية، واجه الاقتصاد المغربي، الخاضع لحظر صارم للسكان “الحجر الصحي” لمدة 10 أسابيع تقريبا من أصل 13 أسبوعا، انخفاضا في الطلب المحلي، موضحة أن الاستهلاك المنزلي، من حيث الحجم، انخفض بنسبة 6.7 في المائة، وهو ما أثر على إنفاق الأسرة على السلع المصنعة، ولا سيما الملابس والمعدات، فضلا عن النقل والطعام والترفيه.
وكشفت المذكرة ذاتها، أن الطلب الخارجي تراجع، مما أدى إلى انخفاض بنسبة 25.1 بالمائة في حجم الصادرات، فيما تراجعت الواردات من جانبها بنسبة 26.7 في المائة متأثرة بانخفاض مشتريات السلع الرأسمالية ومنتجات الطاقة والسلع الاستهلاكية والمنتجات الخام ونصف المصنعة.
وأبرز المصدر ذاته، أنه في ظل هذه الظروف، كان من الممكن أن يصل الانخفاض في الناتج المحلي الإجمالي إلى -13.8 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من عام 2019. و حسب فرع النشاط، كان الانخفاض في القيمة المضافة سيقف عند -6.1 بالمائة في الربع الثاني من عام 2020.
وذكرت المذكرة أن القطاع الثالث، المحرك الرئيسي للنمو الاقتصادي، قد انخفض بنسبة 11.5 في المائة، ويعاني من انكماش الأنشطة التجارية والنقل والإقامة والتموين. وفي القطاع الثانوي، انخفضت القيم المضافة للبناء والكهرباء والمنسوجات والصناعات الكهربائية والميكانيكية بشكل كبير، مبرزة أن هذا الوضع كان سيؤثر بشكل خاص على أنشطة المقاولات الصغيرة والمتوسطة جدا.
وحسب المندوبية السامية للتخطيط، فإن 72 و 26 في المائة على التوالي من وحدات الإنتاج التي تم إغلاقها مؤقتا أو بشكل دائم في أبريل الماضي كانت شركات صغيرة جدا و متوسطة.
وفي الربع الثالث، أكدت المذكرة المشتركة أنه من المفترض أن يتراجع النشاط تدريجيا إلى -4.1 في المائة، بدلا من -13.8 في المائة في الربع الثاني. وستعزى هذه الحركة بشكل رئيسي إلى استئناف الأنشطة في التجارة والنقل والصناعات التحويلية.
وأثر استئناف النشاط بوتيرة طبيعية على 40 في المائة من الشركات الكبيرة و35 في المائة من الشركات الصغيرة والمتوسطة، ومن المتوقع حسب المذكرة نفسها أن يشهد الاقتصاد المغربي ركود، هو الأول من نوعه منذ أكثر من عقدين، في ظل التأثير المشترك للجفاف والوباء.
وسيشهد الناتج المحلي الإجمالي انكماشا بنسبة 5.8 في المائة والذي سيكون مصحوبا بتوسيع عجز الميزانية إلى 7.4 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. ومن المتوقع أيضا أن يتفاقم عجز الحساب الجاري ليصل إلى 6.9 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.
وأوصت المذكرة، أنه ينبغي أن تتم عودة النمو إلى مساره تدريجيا اعتبارا من عام 2021، مع زيادة متوقعة في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 4.4 بالمئة مقارنة بعام 2020. وينبغي استعادة الأنشطة غير الزراعية، مع تسجيل زيادة قدرها 3.6 بالمائة، تماشيا مع انتعاش الطلب المحلي والخارجي، في حين أن عودة الظروف المناخية الموسمية ستشجع على زيادة القيمة المضافة الزراعية.
وحسب المؤسسات المالية الدولية، سيعاني الاقتصاد المغربي من التأثير المزدوج للصدمات الاقتصادية الداخلية والخارجية.
وفقا للبنك الدولي، سينخفض الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 4 بالمائة في عام 2020. وعلى الرغم من عدم استبعاد عدد قليل من القطاعات، إلا أن هذا الانكماش يرجع أساسا إلى انخفاض إنتاج السلع والخدمات، وانخفاض الصادرات، وتعطل سلاسل القيمة، وكذلك انخفاض السياحة بسبب إغلاق الحدود والتدابير التي تقيد التنقل.
و من المتوقع أن يتسع العجز المزدوج في المغرب، لكن يظل من الممكن التحكم فيه. وعلى الرغم من انخفاض الواردات، فإن عجز الحساب الجاري سيتسع، وفقا لتقديرات البنك الدولي، ليصل إلى 8.4 بالمائة في 2020، بسبب الانخفاض الحاد في الصادرات وإيرادات السياحة والتحويلات.
عبدالصمد ادنيدن