أزمات العالم الاقتصادية -الحلقة 7

تعتبر الأزمات المالية والإقتصادية إحدى أبرز الظواهر الإقتصادية التي يكون لها أثرا عميقا على حركة النشاط الاقتصادي وعلى العلاقات الاقتصادية الدولية.
وتحتاج الأزمات المالية، مدة زمنية قد تكون طويلة جدا، للتعافي من آثارها السلبية، كما أنها تهدد الاستقرار الاقتصادي والسياسي للعلم بشكل عام والدولة المعنية بشكل خاص.وأمست الأزمات المالية والاقتصادية من أبرز سمات العقود الأخيرة، مثيرة اهتمام اهتمام الكتّاب والباحثين والاقتصاديين وحتى السياسيين في مختلف دول العالم وتطور الفكر الاقتصادي الذي يتناول الأزمات ويبحث في مسبباتها وكيفية معالجتها.
ولا غرو أن الأزمات الإقتصادية والمالية لها آثار سلبية عديدة تتعدى الجانب الاقتصادي ممتدة إلى الجوانب الأخرى كالسياسية والاجتماعية والصحية والتعليمية وغيرها، لذا فإن دول العالم تحاول قدر الإمكان التخفيف من آثار هذه الأزمات.
وفي هذا الصدد، سنحاول خلال هذه الفقرة اليومية طيلة هذا الفضيل، تسليط الضوء على أبرز الأزمات الاقتصادية التي عرفها العالم، مسلطين الضوء على سياقها وأبرز أسبابها ونتائجها.

“كساد الأرجنتين العظيم (1998-2002)”

وسنتطرق في فقرة اليوم، لأزمة “كساد الأرجنتين العظيم (1998-2002)”، كانت أزمة الكساد الأرجنتين العظيم ما بين (عامي 1998-2002) كسادا اقتصاديا في الأرجنتين، والذي بدأ في الربع الثالث من (عام 1998) واستمر حتى الربع الثاني من عام (2002). تبعت أزمة الكساد العظيم ما بين (عامي 1974-1990) بعد فترة قصيرة من النمو الاقتصادي السريع.
سببّ الكساد، والذي بدأ بعد الأزمات المالية الروسية والبرازيلية بطالة واسعة النطاق وأعمال شغب وسقوط الحكومة وتخلف عن سداد دين البلاد الأجنبي وارتفاع في استخدام العملات البديلة وانتهاء سعر الصرف الثابت للبيزو بالنسبة للدولار الأميركي. تقلص الاقتصاد بنسبة 28 بالمئة ما بين (عامي 1998 و2002). فيما يخص الإيرادات، كان أكثر من 50 بالمائة من الأرجنتينيين فقراء وكان 25 بالمئة معدمين؛ كان سبعة من كل عشرة أطفال أرجنتينيين فقراء في عمق الأزمة في (عام 2002).
بحلول النصف الأول من (عام 2003)، رغم ذلك، عاد نمو الناتج المحلي الإجمالي، مفاجئًا علماء الاقتصاد ووسائل إعلام الأعمال التجارية، ونمى الاقتصاد بمعدل 9% على مدى خمسة سنوات.
تجاوز الناتج المحلي الإجمالي للأرجنتين مستويات ما قبل الأزمة بحلول (عام 2005)، استأنفت إعادة هيكلة الدين الأرجنتينية التسديد لمعظم السندات المُتخلَّف عن دفعها؛ جعلت إعادة هيكلة دين ثانية في (عام 2010) نسبة السندات التي خارج الحجز 93%، بالرغم من ذلك بقيت الدعوات القضائية المماطلة التي تقودها صناديق الاستثمار الانتهازية مستمرة. جرى الدفع لحملة السندات الذين شاركوا في إعادة الهيكلة في الموعد المحدد وقد شهدوا على ارتفاع قيمة سنداتهم.[9][10] سددت الأرجنتين قروضها لصندوق النقد الدولي بشكل كامل في (عام 2006)، ولكن كان لديها خلاف طويل مع ال 7% من المتبقين من حملة السندات. خرجت الأرجنتين من الحجز في عام (2016) حين قررت الحكومة الجديدة تسديد ديون البلاد، دافعةً المبلغ الكامل للصناديق الانتهازية/التحوطية.
وكانت سنوات الديكتاتورية العسكرية الكثيرة للأرجنتين قد سببت بالفعل مشاكل اقتصادية شديدة قبل أزمة (عام 2001)، بشكل خاص أثناء إجراءات إعادة التنظيم الوطنية المزعومة والتي كانت في السلطة ما بين (عامي 1976-1983). عيِن مسؤول من الجناح اليميني وهو خوسيه ألفريدو مارتينيز دي هوز وزيرًا للاقتصاد في بدايات الحكم الدكتاتوري، واعتُمد منهج اقتصادي ليبرالي جديد مُتمحوِر حول مناهضة العمالية والسياسات النقدية للتحرير المالي. ارتفع عجز الميزانية إلى 15% من الناتج المحلي الإجمالي فيما دخلت البلاد بدين نتيجة الاستيلاء على الدولة يفوق 15 مليار دولار أميركي من الديون الخاصة بالإضافة إلى المشاريع غير المنتهية ونفقات الدفاع العالية وحرب جزر الفوكلاندز. بحلول نهاية الحكومة العسكرية (عام 1983)، تضخم الدين الأجنبي من 8 مليار إلى 45 مليار دولار أميركي وتخطت رسوم الفائدة وحدها فوائض التجارة وانخفض الإنتاج الصناعي بنسبة 20% وخسرت الأجور الفعلية 36% بالمئة من قيمتها الشرائية وكانت البطالة، المحسوبة بنسبة 18% (بالرغم من ادعاء الأرقام الرسمية أنها 5%)، بأعلى مراحلها منذ أزمة الكساد العظيم (لعام 1929).
استعيدت الديموقراطية (عام 1983) مع انتخاب الرئيس راؤول ألفونسين. رمت الحكومة إلى تحقيق الاستقرار الاقتصادي وطرحت معايير التقشف في (عام 1985) وعملة جديدة هي الأوسترال الأرجنتيني، الأول من نوعه بدون كلمة بيزو في اسمه. كان مطلوبًا من القروض الحديثة خدمة ال 5 مليار دولار أميركي في رسوم الفائدة السنوية، بالرغم من ذلك، أصبحت الدولة غير قادرة على خدمة الدين مع انهيار أسعار السلع الأساسية في (عام 1986).
أثناء حكم ألفونسين، لم تزداد البطالة بشدة، ولكن سقطت الأجور الفعلية بما يعادل النصف إلى أخفض قيمة لها منذ خمسين عامًا. ازدادت أسعار المرافق العامة التي تديرها الدولة وخدمات الهاتف والغاز بشدة.
انهارت الثقة بالخطة على أي حال في (عام 1978)، وخرج التضخم النقدي، الذي كان معدله بالفعل 10% بالشهر (220% في السنة) ما بين (عامي 1975-1988)، عن السيطرة. وصل التضخم النقدي ل 200% في الشهر في (تموز عام 1989)، وبلغت ذروته 5000% في السنة. استقال ألفونسين في خضم أعمال الشغب قبل خمسة شهور من نهاية ولايته؛ وتولى كارلوس منعم الحكم في تموز/يوليو.

> عبد الصمد ادنيدن

Related posts

Top