إلا ثوابت الوطن…

خطاب جلالة الملك في ذكرى المسيرة الخضراء، مساء أول أمس السبت، اتسم بالحزم والصرامة والوضوح، ويمكن إدراج كامل مضمونه تحت عنوان تحذيري شامل، وهو: «إلا ثوابت الوطن».
الفقرة التي يمكن اعتبارها تلخص الموقف الوطني المغربي، هي تلك التي يؤكد فيها جلالة الملك «إن مغربية الصحراء حقيقة ثابتة، لا نقاش فيها، بحكم التاريخ والشرعية، وبإرادة قوية لأبنائها، واعتراف دولي واسع»، ثم عندما يرد تفسيرا تأكيديا لدلالة هذه الفقرة في فقرة أخرى من الخطاب، ويشدد جلالة الملك على أن «المغرب لا يتفاوض على صحرائه، ومغربية الصحراء لم تكن يوما، ولن تكون أبدًا، مطروحة فوق طاولة المفاوضات، وإنما نتفاوض من أجل إيجاد حل سلمي لهذا النزاع الإقليمي المفتعل، وعلى هذا الأساس نؤكد تمسك المغرب بالخيار السياسي الأممي، كما نجدد التزامنا بالخيار السلمي، وبوقف إطلاق النار، ومواصلة التنسيق والتعاون مع بعثة المينورسو، في نطاق اختصاصاتها المحددة»، ثم يتوج جلالة الملك التذكير بهذا الثابت الوطني غير القابل للتفاوض بالقول «إن قضية الصحراء هي جوهر الوحدة الوطنية للمملكة، وهي قضية كل المغاربة».
لم يختر العاهل المغربي لغة السجال أو الرد لمواجهة التضليل الجزائري، ولم يجار العدوان الديبلوماسي والسياسي للنظام العسكري وماكينته الدعائية، ولكنه اعتبر كامل المناورة غير جديرة بالاهتمام، وبدل ذلك تمسك بخطاب الكبار، وقرر أن يذكر العالم برمته بالثوابت المغربية التي لن يتفاوض حولها، وأن يحدد مواقفه على ضوء تلك الثوابت الوطنية، وبذلك هو يلخص الرسالة الجوهرية من الخطاب كله، وهي «إلا ثوابت الوطن»، ورفضه كل مس بها أو استهداف لها من أي كان.
وفِي إطار ما سبق، عرض الخطاب الملكي مواقف المغرب المبدئية، وهي علاوة على رفض أي تفاوض بشأن مغربية الصحراء، عدم قبول أي اتفاقيات اقتصادية أو تجارية لا تشمل السيادة المغربية على الأقاليم الجنوبية، وأن كل الشركاء يجب أن يمتلكوا مواقف أكثر جرأة ووضوحا بخصوص قضية الوحدة الترابية للمملكة، كما أن المغرب مستمر في التمسك بالحل السياسي ووقف إطلاق النار والتعاون مع المينورسو ومع الأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه الشخصي، وسيواصل برامج التنمية في الأقاليم الجنوبية…
ومن جهة أخرى أشاد الخطاب الملكي بكل القوات المجندة للدفاع عن الوحدة الترابية، وذكر الجميع بأن قضية الصحراء هي قضية كل المغاربة، وهو ما يعتبر تذكيرا بقوة الجبهة الوطنية الداخلية وأهميتها.
وكان لافتا أيضا التحية الملكية للشعوب المغاربية، وهو ما يجسد استمرار المغرب في الدفاع عن مستقبل الشعوب وحقها في التقدم والازدهار، وانتصاره للخيار الشعبي الوحدوي…
الخطاب الملكي في ذكرى المسيرة الخضراء، وتبعا لكل ما سلف، لم يبال بحمق النظام العسكري الجزائري وجنونه، ولم يتوقف ولو لحظة واحدة للرد على عدوانيته وعبثيته، وبذلك هو يحشره في الزاوية، ويجعله في مواجهة مباشرة مع المجتمع الدولي بكامله.
لقد اختار الملك المغربي التأكيد على ثوابت الوطن، وتجديد التعبير عن التزام المملكة بالسلم والحل السياسي من دون أي مساس بمغربية الصحراء، وبسيادته الوطنية ووحدته الترابية، وحدد، بوضوح، الثوابت والمواقف، وبذلك رفع السقوف عالية، وانتصر للوضوح والحزم والصرامة.

<محتات‭ ‬الرقاص

[email protected]

Top