اختتمت، مساء السبت الماضي 15 أبريل الجاري، فعاليات الدورة 18 للمهرجان الدولي لمسرح الطفل بتازة، الذي نظمته وزارة الثقافة والاتصال، تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، من 13 إلى 16 أبريل 2017، بمشاركة عدد من الفرق المسرحية المحلية والوطنية والأجنبية.
وعرف الاختتام الذي أقيم بالمديرية الإقليمية للثقافة والاتصال بتازة العليا، حفلا فنيا نشطته فرقة لبزور للطرب الأندلسي، وتخللته مجموعة من الفقرات الموسيقية والترفيهية لمختلف الفرق المسرحية المشاركة بالمهرجان، مع كلمات عبر من خلالها جل المشاركين عن سعادتهم بالمشاركة بهذه النسخة التي عرفت تطورا مقارنة مع نظيراتها السابقة، شاكرين حسن الضيافة والاستقبال، مؤكدين أن المهرجان الدولي للمسرح الطفل بتازة أصبح مهرجانا يُعتز به على مستوى مشاركة كل الفرق العربية والإفريقية والدولية ومفخرة لكل من شارك فيه.
وبهذه المناسبة، قال المدير الإقليمي لوزارة الثقافة والاتصال بتازة، عبد العالي السيباري في حفل الاختتام، إن الدورة الثامنة عشرة للمهرجان الدولي لمسرح الطفل بتازة، حققت هذه السنة مزيدا من الفرجة والمتعة الفنية لفائدة الأطفال الذين حجوا بكثافة لمتابعة عروض المهرجان على مدى ثلاثة أيام، كما أشار المتحدث نفسه إلى أن هذه الدورة سجلت أيضا الحضور الوازن للفرق المسرحية المحلية والوطنية والدولية التي نجحت في إيصال الرسالة النبيلة لفن المسرح للأطفال، من خلال تنمية الوعي التربوي والذوق الفني لديهم، وكذا تعزيز التواصل وتبادل التجارب والخبرات بين المهتمين والمختصين في فنون مسرح الطفل، وتكريس التنوع الثقافي والانفتاح على الثقافة المحلية والأجنبية من خلال إشراك فرق دولية (إفريقية وأوروبية وأسيوية)، شاكرا كل شركاء المهرجان من مجلس جهة فاس – مكناس والمجلس الإقليمي والجماعة الحضرية لتازة، وكذا جمعية أصدقاء تازة وغرفة التجارة والصناعة والخدمات وممثلي وسائل الإعلام الذين تابعوا يوميات هذا المهرجان وكل الفرق المشاركة، ضاربا موعد السنة المقبلة مع النسخة التاسعة عشر للمهرجان الذي أضحى رقما ضمن معادلة المهرجانات الدولية التي تعنى بالطفل على المستوى الدولي.
ولقي مهرجان تازة الدولي لمسرح الأطفال، ردود أفعال جد إيجابية من الجمهور والمهتمين والصحافة الوطنية والدولية، حيث أجمعت الفرق المشاركة والمتتبعين على أن هذه الدورة توجت بنجاح باهر سواء من حيث التنظيم المحكم لكل فقراتها، أو من حيث البرمجة التي اتسمت بالغنى والتنوع، أو من ناحية التواصل والإشعاع الذي حققته فعالياتها من خلال المواكبة الإعلامية المكثفة..
هذا وشهدت الدورة الثامنة عشرة للمهرجان تقديم 20 عرضا مسرحيا بمشاركة دولية متنوعة من مصر وتونس والسعودية والكويت ديفوار وإسبانيا وفرنسا وإيطاليا وروسيا والصين.. كما قدمت خلالها عروض مسرحية وطنية ومحلية، علاوة على تنظيم، بالموازاة مع هذه التظاهرة الفنية، معارض وورشات وفرجات في الساحات العمومية التي لقيت إقبالا جماهيريا كبيرا، كما أقيمت ندوة فكرية كبرى في موضوع “التربية الفنية ومسرح الطفل” بمقر غرفة الصناعة والتجارة والخدمات، شارك فيها كل من سالم اكويندي، عبد المجيد الزوين، أحمد مسعية، الحسين الشعبي، محمد لعزيز، ويوسف الريحاني وأمل بنويس التي أشرفت على إعداد وتنسيق الندوة. وأقيم برواق أحمد قريفلة معرض جماعي للفنون التشكيلية والنحث بمشاركة الفنانين عبد السلام أزدم، محمد بكور، وكريستينا كروزيار.
وإذا كانت أغلبية العروض التي عرفها المهرجان طيلة أيامه ذات طابع مغربي وعربي وإفريقي ودولي، إلا أنه كان للمسرح المغربي حضوره المتميز مما أتاح الفرصة أمام أطفال تازة لمشاهدة فرق متنوعة بجنسيات مختلفة، الشيء الذي يكرس المسعى العام لهذا المهرجان الذي يستهدف تشجيع التواصل الفني والثقافي بين الناشئة والمبدعين المسرحيين، وربط الجسور مع مختلف الممثلين من داخل المغرب وخارجه، وتطوير قدرات أطفالنا على الفهم والاستيعاب والعمل على اعتماد العروض المسرحية أرضية للقراءة والمعرفة، من أجل التلاقح ورفع مستوى الوعي الثقافي والفني للأطفال.
وتميزت الدورة 18 لمهرجان تازة الدولي لمسرح الطفل بتكريم وجهين وطنيين معروفين في مجال المسرح عموما ومسرح الطفل على وجه الخصوص، ويتعلق الأمر بكل من الفنان محمد تويرتو والفنان يوسف الوطاطي.
ويعتبر المسرحي يوسف الوطاطي، من مواليد مدينة تازة المعطاء التي أنجبت العديد من الرموز والشخصيات الفنية، وهو من الرواد المتميزين في مجال الإبداع والعمل المسرحي، والشاهد على ذلك هو عضويته في العديد من الجمعيات والمؤسسات؛ عضو جمعية اللواء المسرحي، عضو مؤسس لفرقة مسرح التأسيس، عضو النقابة المغربية لمهنيي الفنون الدرامية، عضو جمعية مهرجان سينما المقهى، عضو عامل بشركة السبع للإنتاج الفني.
كما أنه منشط وإطار منظم للعديد من التظاهرات، وممثل متميز تقمص العديد من الأدوار، حيث لم يفارق الخشبة منذ اعتلائها في السبعينات من القرن الماضي ليؤكد حضوره محليا، جهويا، وطنيا ودوليا في مختلف المهرجانات.. وقد فاز بعدة جوائز، منها أحسن ممثل متميز في المهرجان الدولي لمسرح الطفل بفاس 2014، ثم أحسن ممثل في المهرجان الدولي لمسرح الطفل أصيلا 2014، وكذا أحسن ممثل في المهرجان الدولي لمسرح الطفل فاس 2015، ناهيك عن أحسن إخراج في المهرجان الدولي لمسرح الطفل جرادة 2015.
أما محمد تويرتو فهو ممثل وكاتب سيناريو ومؤلف مسرحي، راكم خبرة طويلة في فنون الدراما بما فيها فرجات الطفل. تخرج من المركز المغربي للأبحاث المسرحية عام 1967، ثم التحق بفرقة المعمورة الشهيرة قبل أن يؤسس فرقة ناقوس وسنيسلة سنة 1970، وهي الفرقة المتخصصة في عروض الأطفال التي جابت مختلف ربوع الوطن. وقد كتب عدة سيناريوهات للإذاعة الوطنية وللتلفزة وكذا للسينما. وكلها تعكس ثقافته المتنوعة وانشغالاته المختلفة. وبالرغم من ذلك فهو يفضل انتماءه للمسرح، خاصة وأنه اشتغل كممثل مع مشاهير ورواد المسرح المغربي من قبيل الطيب الصديقي ومحمد حسن الجندي وعبد الصمد دينية ومحمد سعيد عفيفي وعبد اللطيف الدشراوي وعبد الرحمن الخياط وجمال الدين الدخيسي وآخرين.
*****
بيان اليوم تحاور المدير الفني للدورة 18 للمهرجان الدولي لمسرح الطفل بتازة
باعتباركم مديرا للمهرجان، ما هو تقييمكم الشخصي لهذه الدورة على مستوى العروض المسرحية والأنشطة الموازية وكذا على مستوى التنظيم وطبيعة البرمجة ؟
< يتخذ المهرجان الدولي بعدا احترافيا، لذلك فإن برمجة العروض والأنشطة الموازية تكون منتقاة بشكل دقيق، أي أنها ينبغي أن تتوفر على شروط ومواصفات فنية وجمالية تضمن نجاحها وإقبال جمهور الأطفال عليها. لذلك فقد حرصنا خلال الدورة الثامنة عشر للمهرجان أن نعتمد على مقياس الجودة في اختيارنا لتحقيق رهان أول وأخير هو الإقبال الواسع من لدن الأطفال على العروض والأنشطة الموازية للمهرجان. وأظن أننا توفقنا برفع نسبة المشاهدة انطلاقا من عدد الأطفال الذين تابعوا هذه التظاهرة والذي وصل إلى 54 ألف طفل مشاهد موزعة على ست قاعات بالمدينة، وقد تمت هذه العملية بوضع خطة واضحة ومحكمة لاستقطاب وجلب الأطفال لكل الفضاءات التي كانت مبرمجة في المهرجان سواء قاعات العروض المغلقة أو الساحات والفضاءات العمومية، وقد تمت هذه العملية بتنسيق جيد ومثمر مع المديرية الإقليمية لوزارة التربية الوطنية والتعليم مشكورة على المجهودات التي يقوم بها أطرها لربح هذا الرهان.
على العموم فإن الدورة الثامنة عشر للمهرجان كانت بالنسبة لنا مؤشرا حقيقيا لإعادة صياغة تصور للمهرجان يكون أكثر إشعاعا بالمدينة، ويتجه نحو رفع هذا العدد من المستفيدين في الدورات المقبلة، كما أؤكد أن الأنشطة الموازية التي تضمنت ورشات ومسابقات وعروضا لفنون الشارع كلها كانت بمثابة قيمة مضافة للمهرجان، جعلته يظهر بحلة جديدة مما دفع جمهور الكبار يشارك الصغار في مختلف الأنشطة الموازية، وأسجل بالمناسبة الحضور المتميز للعروض الإفريقية في الساحات وشوارع المدينة، والتي كان لها أثر إيجابي كبير في تنشيط المهرجان نظرا للتجاوب الكبير الذي حققه الفنانون الأفارقة مع جمهور تازة كبارا وصغارا.. كما أننا نسعى في وزارة الثقافة والاتصال أن تعرف هذه التظاهرة تناميا وتطورا سنة بعد أخرى، وأن يكون البعد الدولي بما تحمله هذه الكلمة من معنى راسخا سواء من حيث البرمجة أوعدد الفرق المشاركة.
> بلغ المهرجان في هذه الدورة عامه الثامن عشر.. ولا شك أنه، سنة بعد أخرى ، ينمو ويتطور كما سبق أن قلتم قبل قليل، وبذلك فحاجياته تكبر معه، ولاسيما على المستوى المادي واللوجستيكي، فهل هناك إمكانية لتعبئة شراكات وموارد مالية جديدة محليا وجهويا ووطنيا، ولم لا دوليا، للاستجابة للمتطلبات الجديدة التي تنسجم وحجم المهرجان وطبيعته؟
< لا بأس أن أذكر بأن المهرجان الدولي لمسرح الطفل بتازة هو المهرجان الوحيد في خريطة مهرجانات وزارة الثقافة والاتصال الذي يتجه إلى الطفل، ونحن نعي أهميته ودوره التربوي، باعتباره محطة أساسية ترسخ قيم الجمال والتربية عبر الفن الرابع، مدركين في نفس الوقت أن المسرح هو أكبر مدرسة يمكن الاتجاه إليها لضمان جيل يحمل معه قيم التنوير والحداثة. من هذا المنطلق وجب تطوير المهرجان وجعله يرقى إلى مستوى المهرجانات الدولية الأخرى حتى يصبح محجا لكل المتخصصين وقبلة للباحثين والفنانين، وهذا الطموح ليس ببعيد انطلاقا من الطريق الذي نسلكه لتحقيق هذه الأهداف، لكن الطموح وحده لا يتحقق إلا بتوفر الشروط المادية واللوجستيكية الضرورية لتحقيق ذلك، ونحن في وزارة الثقافة والاتصال نراهن على شركائنا محليا وجهويا ووطنيا في أفق البحث عن سبل التعاون الدولي، بالإضافة إلى أننا سنتجه إلى القطاع الخاص لاستقطاب وإقناع مستشهرين بإمكانهم دعم هذه التظاهرة انطلاقا من قناعة راسخة، وهي أن الثقافة اليوم هي مجال للاستثمار بامتياز، سواء تعلق الأمر بإنتاج مشاريع كبرى أو بدعم التظاهرات الثقافية مقابل الدعاية والإشهار، ولم يعد خفيا أن الكل اليوم معني بالمساهمة في تنمية المجال الثقافي وجعله منخرطا في حياتنا اليومية بشكل فعلي، علما أن وزارة الثقافة والاتصال، على الرغم من كونها القطاع الوصي، فلا يمكن أن توفر لوحدها كل الإمكانات لضمان استمرارية ونجاح مهرجانات من هذا الحجم، ونحن في إقليم تازة قد وجدنا الدعم والمساندة من طرف كل المجالس المنتخبة بما فيها مجلس جهة فاس مكناس والمجلس الإقليمي ومجلس جماعة تازة مشكورين على احتضانهم ودعمهم اللامشروط لهذه التظاهرة وتشبثهم أيضا بالرقي بها إلى مستوى أكبر مما هي عليه.
> تتميما لما قلتم بصدد الشراكات، هل هناك في الأفق تعاقدات وشراكات مع مهرجانات مماثلة في العالم؟
< أشكرك على هذا السؤال الذي يدخل في صميم الأهداف التي نتوخاها من المهرجان الدولي لمسرح الطفل، وهي خلق تعاقدات وشراكات مع مهرجانات مماثلة في بعض الدول، وفي هذا الصدد تجدر الإشارة أن مهرجانات مسرح الطفل في العالم قليلة بالمقارنة مع مهرجانات المسرح الموجه للكبار، ومع ذلك فنحن سنتجه صوب تحقيق هذه التعاقدات لما يمكن أن تلعبه من دور في تبادل العروض الفنية، وكذا الخبرات سواء على المستوى التنظيمي أو الفني… وأعتقد أن الوقت قد حان للبحث على شركاء من هذا النوع باعتبار أن المهرجان قد وصل إلى نضجه واستطاع أن يجلب العديد من الفنانين والباحثين والمتخصصين في مسرح الطفل، وسنضع خلال هذه السنة خطة لوضع خريطة للمهرجانات الدولية المماثلة والوقوف عند الإمكانات المتاحة لوضع الشراكات بمعية المديرية الجهوية لوزارة الثقافة والاتصال بجهة فاس مكناس، وبالمناسبة أتوجه بالشكر إلى السيد المدير الجهوي جواد المسطاري على دعمه ومساندته لإنجاح المهرجان.
> من خلال تتبعكم لعروض المهرجان، ومن خلال مقارناتكم للتفاوتات الممكنة والحاصلة على المستوى الفني والتقني بين الفرق والعروض المشاركة، كيف تنظرون لموقع مسرح الطفل المغربي ضمن خارطة مسرح الطفل في العالم؟
< انطلاقا من تتبعنا للمشهد المسرحي الوطني فإننا لازلنا نعرف نقصا ملموسا فيما يخص مسرح الطفل بالمغرب، مقارنة ببعض الدول في العالم العربي وأوروبا وآسيا، وبالنظر أيضا لعدد المسرحيات التي يتم إنتاجها سنويا؛ وأعتقد أن السبب في ذلك راجع إلى قلة النصوص المسرحية الموجهة إلى الطفل، وكذا قلة المتخصصين في المجال علما أن مسرح الطفل هو من أصعب أشكال التعبير الفني التي لا يمكن أن يلتجأ إليها أي مسرحي، فهو تخصص قائم بذاته، ونحن لا زلنا في حاجة إلى دعمه من حيث التكوين والتأطير وكذا توفير بنيات تحتية مسرحية بمختلف المدن تسمح بتقديم أعمال مسرحية موجهة للطفل تتوفر فيها الشروط التقنية اللازمة لذلك.
كما أن المسرح يجب أن يندرج بشكل فعلي وممنهج في البرامج التعليمية والمنظومة التربوية الوطنية، وألا يبقى مجرد نشاط مواز، علما أن الأطر التربوية في حاجة ماسة إلى دورات تكوينية باستمرار تؤهلها إلى معرفة الشروط العملية والعلمية والتقنية المرتبطة بالإبداع الفني الموجه للطفل.. وتجدر الإشارة هنا أن وزارة الثقافة والاتصال، في سياسة الدعم التي نهجتها، تخصص كل سنة جزء مهما لدعم إنتاجات مسرحية خاصة بالطفل، مع العلم أن ما تقوم به الوزارة هو في حاجة إلى تضافر الجهود وانخراط فاعلين آخرين لترسيخ ثقافة خاصة بالطفل بجميع أشكالها وتعابيرها، ولعل المهرجان الدولي لمسرح الطفل باعتباره حدثا ثقافيا تتويجيا، فإنه من المطلوب أن تتجه الفرق المسرحية المغربية إلى إنتاجات مسرحية موجهة للطفل، تشارك بها في هذه التظاهرة الدولية، ونحن نرغب في أن تكون المشاركة المغربية في الدورات المقبلة معممة على صعيد الإقليم أو النفوذ الترابي للجهة، وقاعات مسرحية بمدن أخرى باسم المهرجان، وكذلك الشأن بالنسبة للعروض الدولية التي سنقوم ببرمجة بعضها ببعض المدن الأخرى، ولا شك أن ذلك يتطلب إمكانيات إضافية.. فنحن نتوخى أن يكون المهرجان منسبة لتمكين أطفال هذه المدن والقرى المجاورة من مشاهدة أعمال مسرحية، ويشكل أيضا فرصة لضيوف المهرجان الأجانب لزيارة مدننا حتى يتخذ هذا النوع من المسرح مكانته الحقيقة، ولا يبقى مجرد ممارسة مسرحية تأتي في مرتبة ثانوية، انطلاقا من إرادتنا الجماعية في ترسيخ الوعي بأهمية مسرح الطفل، ودوره الفني والتربوي، مع العلم أننا نلاحظ في السنوات الأخيرة ارتفاع نسبة عدد الأعمال المسرحية الموجهة لجمهور الصغار، ومع ذلك لا زلنا في حاجة إلى المزيد.
*****
حوار إكسبريس: مع أمل بنويس مديرة الندوة الفكرية للمهرجانباعتباركم المديرة المشرفة على الندوة الفكرية للمهرجان، ما هي أهم الخلاصات التي انتهت إليها هذه الندوة التي كان موضوعها يتمحور حول التربية الفنية ومسرح الطفل؟
< شدد كل الباحثين الذين حضروا فعاليات هذه الندوة على قيمة التربية الفنية في تطوير المقررات الدراسية من جهة، وفي تنمية شخصية الطفل من جهة أخرى؛ عبر تمرسه بالمهارات اليدوية وبالانضباط الذي هو السبيل الأوحد لتغيير بعض الممارسات المشينة بمجالنا التربوي الراهن الذي يجمع كل الفاعلين فيه على مستوى التدهور الكبير الذي يعرفه يوما بعد يوم، كما وقفت المداخلات على تحديد أهداف ومجالات هذه التربية الفنية وآلياتها، خاصة في ضرورة اعتمادها التعبير الحر والرؤية المنسجمة مع التقييم الذاتي والموضوعي حتى لا تحيد عن أهدافها العامة. وقد أجمع المحاضرون أيضا على نقد الوضع الحالي داعين الجهات المعنية لتحمل مسؤولياتها تجاه الأجيال القادمة.
> من خلال تتبعكم لعروض المهرجان، ما هو تقييمكم للجانب الفني لعروض مسرح الطفل الدولية والعربية والوطنية المبرمجة في هذه الدورة وهل ثمة مقارنة بينها وما مدى تفاعل جمهور الأطفال معها..
** في الحقيقة، لم أحظ بمتابعة كل العروض الفنية لالتزاماتي في تنظيم وإدارة هذه الندوة التي عرفت مشاركة نخبة من ألمع الباحثين والفنانين ببلادنا؛ لكن يمكنني الإشادة بالمستوى المبهر لبعض العروض العالمية المتميزة وخاصة العرض الصيني الذي قدم في افتتاح المهرجان وأيضا العرض الروسي الخاص بالدمى.. وهما عرضان تميزا بحرفية عالية جدا؛ كما يمكنني أن أثمن سمة التنوع التي حكمت اختيار هذه العروض والتي شملت مسرحيات وطنية وعربية وأوروبية وأسيوية وإفريقية.
أعتقد بأن مثل هذا التعاون جنوب- جنوب مهم جدا في إطار السياسة الخارجية للملكة المغربية التي عملت على ترسيخ حضور قوي لبلادنا ضمن قارتها الأم وأقصد إفريقيا.
> البحث المسرحي والنقد المسرحي في المغرب والعالم العربي لا يعيران أهمية كبرى لمسرح الطفل بالمقارنة مع ما أنتجته الأبحاث والدراسات في الغرب من مقاربات ونظريات.. ما تعليقكم؟
< هذا أمر واقع وينبغي الاعتراف بهذا التقصير غير المبرر والذي يتجلى في غياب ندوات عربية خاصة بمسرح الطفل؛ وأيضا في غياب جوائز تخصص للبحث النقدي في هذا المجال تحفز الباحثين الشباب على التخصص فيه. إن مسرح الطفل في المغرب أو في العالم العربي يظل في الحقيقة مجرد ظل لمسرح الكبار رغم أن تطوير هذا الأخير رهين بالرعاية التي ينبغي أن تشمل مسرح الصغار؛ لأنهم في النهاية هم فنانو وجمهور المستقبل.
وهنا، أود أن ألتمس من مصالح وزارة الثقافة والاتصال التي ترعى المهرجان الدولي لمسرح الطفل بتازة أن توظف إمكانات مادية أكبر لكي يشتمل المهرجان في دورته القادمة على مؤتمر علمي دولي حول قضايا هذا المسرح الموجه للطفل؛ ولم لا إحداث جائزة للبحث العلمي الخاص بمسرح الطفل، تمنح للفائزين ضمن فعاليات هذا المهرجان الذي أتمنى له مزيدا من الإشعاع والتقدم..
> إعداد: الحسين الشعبي