الرسالة التهديدية

تمثل الرسالة التي وجهتها العدل والإحسان إلى كل من حركة التوحيد والإصلاح وحزب العدالة والتنمية خطوة ثانية بعد خطوة إعلان الانسحاب من (حركة 20 فبراير)، ولذلك، فان بعض إشارات الخطوة الحالية يمكن فهمها أيضا من خلال إشارات سابقتها، بالإضافة إلى أن الرسالة الأخيرة تتجاوز الاختلاف الفكري والسياسي بين فصيلين إسلاميين، وتطرح قضايا تهم بلادنا وشعبنا. رسالة العدل والإحسان تؤكد مرة أخرى أن الجماعة لم تطور لا فكرها ولا منهاجها، ولم تغير من أهدافها شيئا، وهي تنتقد اليوم العدالة والتنمية والتوحيد والإصلاح لتزكيتهما ودفاعهما عن الدستور( الذي كان مساهمة في الالتفاف على المطالب الحقيقية للشعب)، لافتة إلى أن تلك التزكية هي(مساهمة كذلك في تضييع فرصة ليست بالهينة)، كما جددت الرسالة رفض ياسين ومريديه العمل من داخل المؤسسات، وخاطبت الهيئتين المذكورتين بأن(المؤسسات التي تعملون  وتدعون للعمل من داخلها هي في واقعنا المغربي هوامش على متن الاستبداد، وديكورات لتزيين الحكم المخزني) .
واضح إذن أن الجماعة تصر على رفضها النظام برمته، وهي تعلن معارضتها لبنية الدولة ومؤسساتها، وتعيد اعتبار(الحديث عن المؤسسات وتعددها واختصاصاتها في ظل الحكم الفردي ومشروعه السلطوي الاستبدادي ضربا من الخيال).
وكان لافتا أيضا استحضار الرسالة للأحداث العربية، حيث أشارت إلى أنه(شتان بين شعوب انتفضت شبابا وشابات، ورجالا ونساء، وصبرت وصابرت ورابطت في الميادين إلى أن أسقطت أنظمة كان يستحيل على الكثيرين مجرد تخيل زعزعتها، وبين بلد لم يستطع حكامه، وجزء من طبقته السياسية والحزبية، إدراك عمق وحجم التحولات التي تفرضها الأمة اليوم على العالم أجمع)، ثم تضيف لرسالة، موجهة الكلام إلى مخاطبيها،(إنكم لا تريدون، كما لا نريد، أن تهدر دماء هذا الشعب الحبيب، ولكننا في المقابل نأبى بقوة أن تهدر كرامته وأن يحيا حياة الذل والخنوع إلى الأبد).
إن معارضة النظام والمؤسسات برمتهما، والأسف لكون المغرب لم يعش ما عاشه  الجوار العربي، والتخويف أيضا ب(هدر دماء هذا الشعب الحبيب)، كل هذا يضعنا اليوم بصراحة أمام جماعة دينية متطرفة تهدد استقرار بلادنا وشعبنا، ولا تتردد في وضعنا جميعا أمام الاختيار بين رؤية شيخها أو …إهدار الدماء.
الأمر يتجاوز حرص الجماعة على الرد على تصريحات لعبدالاله بنكيران وحزبه ودعوتهما الجماعة للعمل من داخل المؤسسات، ولكنه تصعيد جديد يستهدف الكل، ويتوجه(إلى كل من يهمه الأمر) والى البلاد ولكل القوى الديمقراطية التي تعمل وتناضل من أجل إنجاح الدينامية الديمقراطية المغربية.
لقد اختار المغاربة نظامهم السياسي، واختاروا أيضا سبيلهم إلى التغيير، ويواصلون إلى اليوم حراكهم الديمقراطي والتنموي والمؤسساتي، في حرص كبير على استقرار البلاد، وطمأنينة أهلها، ولهذا فشعبنا يرفض كل استهداف لوطنه ولاستقرار بلاده، ويرفض كل المغامرات العدمية والمتطرفة.

[email protected]

Top