يتوقع أن تكون قيادة العدالة والتنمية قد بلورت موقفها من إعلان مصطفى الرميد عزمه الاستقالة من عضوية مجلس النواب،كما من المقرر أن يعلن المعني بالأمر رسميا استقالته ودواعيها اليوم في نهاية جلسة الغرفة الأولى،وعبر ندوة صحافية بالرباط. لكن في نفس الوقت ،فان الرميد أغرق الصحف بتصريحات فسر من خلالها أسباب قراره العامة والخاصة ،على حد تعبيره.
وعليه،فان الخطوة التي أقدم عليها القيادي في الحزب الإسلامي،وإذا ما قرئت فقط من خلال أقوال ودواعي صاحبها،فإنها (لاحدث )،أو الفراغ الذي يثير الشفقة أكثر من شيء آخر.
هل يمكن ل(منع) نشاط طبي خيري في سيدي بنور،مسقط رأس الرميد،حتى إن كان المنع صحيحا،أن يكون كافيا كمبرر لنائب عين الشق لكي يستقيل من البرلمان؟
وما الجديد الذي طرأ فجأة وجعل الرميد يدرك أن الدولة لا تحترم البرلمان (كذا)،وأن المؤسسة التشريعية مهمشة ولا صلاحيات لها،وبالتالي لاداعي لمواصلة التواجد فيها ؟
واسترسالا،لماذا يغيب هنا طرف جوهري يتجسد في الناخبين الذين صوتوا لفائدة الرميد ؟
موقف بهذا الحجم (أي الانسحاب من البرلمان )،لا يمكن اتخاذه بمثل هذه الخفة الفر دانية،ففضلا عن واجب استحضار العقد المبرم بين النائب وناخبيه،فان خطوة سياسية مبدئية كهذه،يستحيل الإقدام عليها من دون استشارة قيادة الحزب،أو خارج جعلها موقفا حزبيا عاما.
إذا كان رئيس الفريق النيابي وأحد مؤسسي الحزب وقيادييه البارزين يقدم على مثل هذا القرار بشكل عنتري وفردي،فما معنى تواجده في حزب سياسي ،وما هي القضايا الأكثر أهمية التي سيطلب فيها رأي أجهزة الحزب وموافقتها المسبقة ؟
الواضح ،أن الحزب الأصولي أصابه قرار الرميد بالارتباك،فالداودي يصرح أنه يتفق مع خطوة رئيس الفريق،والشوباني يبررها مرة بالتعامل الحكومي مع البرلمان، ومرة بما جرى في سيدي بنور وكيف تعامل (مسؤولون في الدولة ) مع ذلك،وفي المرة الثالثة باستحضار مشكل كان قد حصل للفريق الاستقلالي واحتجوا عليه في البرلمان،في محاولة منه لإيجاد مشجب ثان،قبل أن يفر كلية ويحيل الأمر على اجتماع الأمانة العامة لحزبه.
وبعيدا عن هذه الخرجة الرميدية،وتفاصيلها وتبسيطيتها ،فإنها مع ذلك تكشف عن شيء ما داخل الحزب الأصولي منذ تولى بنكيران أمانته العامة،وفي كل مرة تطفو تجلياته على السطح،مرة بكلام شارد يحيل على قناعة مترسخة تعادي الديمقراطية،ومرة بمواقف وقرارات لا تبتعد عن الدرجة الصفر في السياسة.
هل خطوة الرميد تجد تفسيرها فعلا فيما صرح به ، أم أنها رد فعل على أشياء أخرى،أو مقدمة لقرارات مقبلة ؟
للحكاية، من دون شك، بقية تفاصيل…