الكاتب المغربي فؤاد العروي.. ساخرا

ينوع الكاتب المغربي فؤاد العروي في كتاباته؛ فإلى جانب كونه روائيا وقصاصا أصيلا وباحثا أكاديميا، نجده حريصا على تخصيص حيز من وقته لكتابة نصوص ذات طابع نقدي، نقد المجتمع ومشاكل الهجرة والعادات والعلائق الإنسانية بوجه عام.
هذا الكاتب المقيم بالمهجر، وتحديدا بهولاندا، الذي اختار اللغة الفرنسية وسيلة للتعبير عن آرائه وما يختلج في وجدانه والذي حظيت إنتاجاته الأدبية بالتتويج في محافل دولية، على سبيل الذكر: «القضية الغريبة لسروال الداسوكين» الفائزة بجائزة الغونكور للقصة القصيرة.. ظل محافظا على روحه الخفيفة حتى وهو يكتب نصوصا ذات طابع جدي، كما أنه لم يضح بالبعد الجمالي والإبداعي لهذه النصوص، رغم منحاها التقريري.

الحلقة 18

لنصلي لأجل بعضنا البعض

في ظل الأزمة، يتاح لنا اكتشاف إلى أي حد نشبه بعضنا البعض.
إنه صديقي رشيد، أناي الأخرى، الذي حكى لي هذه القصة.
في دار العجزة على ضفاف لا غارون، حيث تمضي الأيام بهدوء لعلاج اكتئاب حاد، إحدى الراهبات، الأخت إيملي، أخذتها العاطفة به.
خلال وجبة الفطور، في الإقامة الفندقية (هكذا يسمونها)، تطمئن إلى أنه أكل جيدا وتقدم له كل يوم حلوى اللوز مع النبيذ الأبيض الذي لا يقرب منه حتى لا يتم إقصاؤه من طرف الإمام الافتراضي الموجود في عين المكان.
الأخت إيملي همست له بالأمس قائلة:
ـ رشيد، أريد أن أقول لك شيئا، وأتمنى أن تلتقط هذه الإشارة، لأنني لا أسعى إلى أن أصدمك ولا أن أجرحك، أصلي من أجلك كل يوم، أضعك في قلب المسيح وأخبره عنك.
من داخل فراشه، وهو مضطرب جدا، وعيناه شبه دامعتين، يتأمل صديقي الوجه الوضاء للأخت إميلي ويقول لنفسه:
بصراحة، العالم سيكون جميلا، بالنسبة لكل راهبة كاثوليكية تصلي لأجل مسمى رشيد، يفترض أن يكون مسلما. كان هناك في مكان ما مسلم أو مسلمة كانت تصلي لأجل مسمى جو أو جان، مسيحي أو مسيحية في وضع صعب.. (هذا ما يفعل بشكل ما، العجيب الأمير عبد القادر لأجل مسيحيي الشرق في سوريا.
إنه ينقذ منهم المئات. لكن كان هذا في القرن الأخير حيث كنا لا نزال في المستوى في ذلك الإبان. اليوم، إننا نجزرهم).
لنصلي لبعضنا البعض، يا إخوتي البشر. في الوضع الحرج نكتشف إلى أي حد نحن نشبه بعضنا البعض.
هذه الأخت إيملي هي بدورها كشفت عن أنها كانت تصلي لأجل جنود داعش المفقودين.
ألا تصدقوني؟ ابحثوا إذن في محرك البحث غوغل عن “احتضان جندي داعشي”.
عندما عبر رشيد عن استغرابه، معتبرا ذلك فضيحة، رسمت الأخت إيميلي ابتسامة ملائكية وهمست:
ألم يقل المسيح:
“أحبوا أعداءكم؟”
هذا ما نضطر إلى فعله. الحب هو جوابنا الوحيد.
ماذا عسانا نضيف؟
كل تعليق لن يعدو أن يكون تافها. لنصلي.

> ترجمة: عبد العالي بركات

Related posts

Top