قد صار من المعروف عن المهرجان الدولي للفيلم بمراكش أيضا، قوة لجن تحكيمه ووجاهة رؤساءها الذين يتم اختيارهم من بين الأسماء الكبيرة في المجال السينمائي العالمي، وذلك لضمان نتائج تعزز مصداقية المهرجان، ولجنة قوية أخرى هذه السنة، تترأسها امرأة كبيرة سينمائيا وثقافيا، هي تيلدا سوينتون،النجمة التي يطلق عليها بعض النقاد “ذات الوجه الجميل والمخيف” وذلك لقدراتها الهائلة على تقمص الشخصيات المتباينة، وبخصوص تحكيمها لمسابقة هذه الدورة أكدت سوينتون على القاعدة التي ينشدها المهرجان، بقولها في لقاء عقدته مع وسائل الإعلام، أن المسابقة التي تريد، يجب “أن تكون طافحة بالإنسانية ومفعمة بالمشاعر الجياشة قبل أي شيء آخر. “” إن كلمة مسابقة غير مناسبة، الأمر لا يتعلق بتحديد الفيلم الأفضل.. بل يتعلق بتسليط الضوء على فيلم أو شيء ما أثر فينا بشريط ما” ….. “سنشاهد هذه الأفلام وكأننا في البيت.. بكل حرية وبدون أي ادعاء”.
تكريم السينما
إن فقرة التكريمات سواء منها ما تعلق بتكريم الفن السينمائي في بلد بعينه والاحتفاء بثقافة و سينمائيي هذا البلد، وهذه تعد من بين الأعمدة الأساسية في برمجة المهرجان الدولي للسينما بمراكش، دورة بعد أخرى، وعلى خشبة قصر المؤتمرات وقفت وفود دول لها باع في الفن السابع، من بينها إيطاليا وروسيا وكوريا والهند وغيرها كثير. وهذه السنة يأتي الدور على السينما الأسترالية، المدهشة بمخرجيها الكبار ونجومها العالميين، وجمهور المهرجان بشتى مشاربه مدعو للتقرب منها أكثر والإطلاع على تجربتها المتميزة، من خلال عرض نماذج متنوعة من أفلام منتقاة تعكس تطور وتنوع السينما في أستراليا، وكذلك من خلال لقاءات مع ممثليها، الذين يشاركون هذه الدورة بوفد وازن من السينمائيين الذين يعكسون تنوع التوجهات في هذه السينما. كما تشارك أستراليا في المسابقة الرسمية بفيلم ” بايبيتيث ” أو “سن الطفل” للمخرجة شانون مورفي، وهو شريط تضمن كل البهارات التي تجعل منه فيلما جميلا وقويا، بممثلين شباب مدهشين، تم عرضه يوم الأحد الماضي، وخلف صدى طيبا، ويبدو ونحن مانزال بعيدين عن مرحلة الحسم أنه سيكون منافسا شرسا في السباق إلى النجمة الذهبية أو إلى إحدى جوائز المهرجان على أقل تقدير، ليس في الأمر أدنى مبالغة، مع الاعتراف أن الأفلام المتبارية هذه السنة لا تقل عن بعض من حيث الجودة . وتعرف مسابقة هذه السنة ولأول مرة مشاركة كل من السعودية “بفيلم آخر زيارة” لمخرجه عبد المحسن الضبعان، والسينغال بفيلم “ولد نافع” للمخرج مامادو ديا، بينما سيكون المغرب ممثلا بفيلم سيد المجهول” من إخراج علاء الدين الجم.
وهو فيلم روائي طويل، الأول لمخرجه، من بطولة يونس بواب وصلاح بن صلاح ومحمد نعيمان وأنس الباز وحسن بديدة.
وقد سبق عرضه في ماي ضمن قسم (أسبوع النقاد) بمهرجان كان السينمائي في فرنسا، وتدور القصة حول لص قام بدفن مسروقاته في مكان مهجور ويعود بعد سنوات ليكتشف أن موقع كنزه تحول إلى مقام ديني ونشأت حوله قرية صغيرة.
كما يشارك في المسابقة هذه السنة فيلم بتقنية الرسوم المتحركة وهو “بومباي روز” للمخرجة جيتانجالىراو، مدته 93 دقيقة، تدور أحداثه حول قصة حب بين شاب يبيع الورد وفتاة تصنع عناقيد الياسمين، لكن قصة الحب هذه، تواجه العديد من المشاكل لاختلاف عقيدتهما الدينية وأيضا الظروف الاجتماعية وعلى الجانب الآخر من الفيلم نرى قصص حب موازية للقصة الرئيسية وتدور جميعها في إطار رومانسى غنائى حيث تخلل الفيلم عدد من المقطوعات الغنائية الجميلة، تكاملت مع الرسوم الإبداعية والألوان الزاهية التي تميز ثقافة الهند.
تكريم النجوم
وإذا كان المهرجان الدولي للفيلم يهدف إلى اكتشاف سينمائيين موهوبين من الموجة الجديدة باشتراطه للمشاركة في المسابقة أن يكون الفيلم هو الأول أو الثاني لمخرجه، فإنه يكرم الوجوه والنجوم التي أضافت بصمتها للمجال السينمائي العالمي. وهذه السنة تكرم الدورة أربعة وجوه من أربع قارات…. وهم الأوروبي برتراند تافيرنيي، والأسيوية بريانكا شوبرا، والافريقية منى فتو ولكل واحد من هؤلاء مسار فني طويل ومتميز ومن بين أهم الأسماء المكرمة، الأمريكي روبر ريدفورد، الممثل المتميز الذي ترك بصمته واضحة على السينما الحديثة، والسينمائي الملتزم بالدفاع عن السينما المستقلة، وبمنحه النجمة الذهبية يكون المهرجان قد أضاف إسما وازنا إلى لائحة الأسماء الكبيرة التي عمد إلى تكريمها منذ دوراته الأولى وجدير بالذكر أن المهرجان كرم مساء الأحد المخرج الفرنسي الكبير بيرنار تافيرنيي.
هذا ويتميز المهرجان بتنوع وتعدد فقراته، ومن بين أبرزها فقرة “حوار مع” التي تستضيف هذه السنة الممثلة التونسية هند صبري، والممثل الفرنسي من أصل مغربي رشدي زيم، والنجمة الفرنسية ماريون كوتيارد، والنجمة الهندية بريانكا شوبرا، والنجم الأمريكي هارفي كايتل، إضافة إلى المنتج البريطاني جيرمي توماس، والمخرج الفلسطيني إيليا سليمان، والمخرج الفرنسي برتران تافيرني، والمخرج الأوكراني سيرجي لوزنيتس، والمخرج الإيطالي لوكا غواندينيو..
سعيد الحبشي
تصوير عقيل مكاو