في حضور جماهيري غفير، حظي الفنان عبد الرحيم التونسي، المشهور بإسم عبد الرؤوف، مساء يوم الثلاثاء، بالتكريم من طرف مهرجان مراكش الدولي في دورته 16، وذلك اعترافا بعطائه الكبير في مجال الكوميديا، بإعتباره رمزا من رموز الفكاهة والفرجة في المغرب.
وكعربون شكر وتقدير له ولما قدمه خلال مسيرته الفنية، فقد رسم البسمة على وجوه أجيال من المغاربة لسنوات، بفضل شخصيته الكوميدية الطريفة والمعروفة بشعبيتها في المشهد الفني المغربي.
وفي كلمة خلال حفل التكريم في إطار المهرجان، قالت الممثلة المغربية حنان الفاضلي إنها المرة الثانية التي تحل فيها بهذا المهرجان، لكن هذه المرة تتميز بطبيعة خاصة لأنها لا تكرم الفنان عبد الرؤوف فحسب، وإنما تكرم من خلاله الفن المغربي بكامله.
وأضافت الفاضلي أن هذا التكريم هو تكريم «شخصية رائدة في المجال الفني والكوميديا الرائقة والتمثيل الشعبي والتلقائية المباشرة»، معتبرة أن (عبد الرؤوف) هو الناطق الرسمي باسم البسطاء والفقراء، الذي استطاع بشخصية واحدة تفادي النمطية، بروحه المرحة والمتواضعة والبسيطة التي دخلت قلوب المغاربة.
وفي كلمة للفنان عبد الرحيم التونسي طغا عليها حس النكتة والدعابة، أعرب عن سعادته بهذا التكريم، وقال إنه يشعر أنه في أحضان عائلته. وكانت القاعة تهتز بالتصفيق في تفاعل مع حركات الفنان وقفشاته، قبل أن يتسلم الجائزة التي خصصها له المهرجان.
و عرف هذا اللقاء حضور نسيم عباسي، مخرج فيلمي «عمي» و»ماجد» اللذين أدى فيهما عبد الرؤوف دور البطولة، والذي أشار إلى أن تكريم «شارلي شابلن المغرب» الذي يصادف عيد ميلاده الثمانين، فرصة لرد الجميل لفنان مبدع وراق، أضحك أجيالا من المغاربة.
يذكر أن الفنان عبد الرحيم التونسي استوحى شخصيته (عبد الرؤوف) الذي لازمته طيلة مسيرته الفنية، من زميل سابق له في الدراسة كان يعتبره «تجسيدا للبلاهة»، ولكل ما هو مثير للسخرية والتهكم في الثقافة المغربية.
وتلا حفل التكريم عرض فيلم «عمي» مباشرة، الفيلم الذي يؤدي فيه عبد الرحيم التونسي، دور البطولة.
ولد عبد الرحيم التونسي سنة 1936 بمدينة الدار البيضاء وهو يعد بكل تأكيد الممثل والفكاهي الذي أضحك أجيالا من المغاربة. اكتشف الصبي اليتيم عشقه للمسرح وهو في سجن الدار البيضاء الذي دخله بعد أن اعتقلته سلطات الاحتلال عندما التحق بصفوف الحركةالوطنية.
في معتقله، قرر أن يجعل من هذا الفن مهنته، وبفضل شخصية هزلية بسيطة وساذجة خلقها لنفسه في بداية مشواره في سنوات الستينات، استطاع عبد الرؤوف أن يحقق نجاحا كبيرا.
عمل عبد الرحيم التونسي بشركة لصناعة السيارات، قبل أن يكرس حياته للمسرح، فأسس سنة 1975 فرقته المسرحية التي جال رفقتها كل أرجاء البلاد في لحظات من المجد ستظل خالدة في الذاكرة، فتنقل بعروضه إلى المدن والقرى، ومن قاعات الأحياء إلى المسارح الكبرى، بل رحل بعيدا متخطيا حدود المغرب من أجل إسعاد مواطنيه المقيمين في المهجر، والذين كانوا يتطلعون لحضوره بكل شوق، وفي سنة 2011، حظي عبد الرحيم التونسي بالتكريم من قبل
مؤسسة ليالي الفكاهة العربية بمدينة أنفيرس البلجيكية كأفضل فكاهي مغربي في القرن العشرين .
وإذا كان الرجل وشخصيته قد اختفيا عن الشاشات والمسارح في أواخر عقد التسعينات إلى غاية سنة 2005، وإذا كان كثير من الشباب يدعون اليوم أنهم لا يعرفونه، فإن اسم عبد الرؤوف سيبقى دائم الحضور، وسيظل عبد الرحيم التونسي يذكر في كل مناسبة بوصفه أحد أعظم الفكاهيين في المغرب.
و يقول عبد الرحيم التونسي: «إن التعاطف الذي يكنه لي اليوم غالبية المغاربة يغمرني سعادة، «سأواصل الفكاهة حتى الموت، بل وحتى في قبري، سأستمر في ذلك!
مبعوث بيان اليوم: سعيد الحبشي