الموقف المصري…

بحسب بلاغ صدر عن وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، على إثر مباحثات أجراها الوزير ناصر بوريطة مع نظيره المصري سامح شكري، فقد جدد هذا الأخير، بشأن قضية الصحراء المغربية، «دعم بلاده الثابت للوحدة الترابية المغربية ولجهود  المملكة الجادة وذات المصداقية لإيجاد حل للقضية».
تصريح رئيس ديبلوماسية مصر ليس عابرا، ولا يمكن مقارنته بمواقف باقي الدول الإفريقية والعربية التي أعلنت مساندتها للحق المغربي المشروع، ولكنه موقف سياسي لافت، ويؤسس لمرحلة جديدة في التعاون بين بلدين أساسيين وقطبين على صعيد القارة، وفي منظومة العمل العربي المشترك.
قد يجد المحللون مبررات وسياقات لقراءة الموقف المصري في هذه الظرفية بالذات، ولكن، مع ذلك، المواقف الديبلوماسية تصنع دائما على ضوء صلتها بمصالح الدول، ومصر، باعتبار موقعها التاريخي والإستراتيجي والإقليمي، يمتلك موقفها معنى متميزا، ويجسد، في نفس الوقت، نجاحا حقيقيا للديبلوماسية المغربية بشأن ملف وحدتنا الترابية.
المغرب ما فتئ يؤكد أن تمتين علاقاته مع البلدان الإفريقية وحضوره المتنامي داخل القارة، ليس على حساب مصالح أي بلد إفريقي، وإنما يجسد ذلك رؤية مستقبلية متكاملة تحرص على تنمية القارة برمتها وتقوية استقرارها ووحدتها، ومن ثم هو منفتح على التنسيق والتعاون بما يحقق هذه الأهداف، ويخدم المصالح المشروعة لكل الأطراف.
ومن شأن تكثيف التعاون المغربي المصري تعزيز هذا التوجه الإقليمي ومنحه ممكنات النجاح أكثر، كما أن مصر بإمكانها أيضا صيانة مصالحها وحقوقها المشروعة من خلال استثمار المكانة الميدانية والاعتبارية والتاريخية للمملكة لدى الدول الإفريقية وشعوبها.
وتبعا لكل هذا، يمكن للعلاقات القوية بين المغرب ومصر توفير ممكنات تحقيق المكاسب للبلدين معا على الصعيدين الإقليمي والدولي، وتطوير مساعي خدمة أهدافهما المشتركة وتطلعاتهما الإستراتيجية والتنموية والديبلوماسية.
من جهة أخرى، يسجل المراقبون أن السنوات الأخيرة شهدت بعض التوترات الديبلوماسية بين البلدين، وعاشت العلاقات بينهما بعض البرودة والفتور، ولكن إقدام القاهرة الآن على التصريح بوضوح بدعمها للوحدة الترابية المغربية، يمثل بداية رسم معالم مرحلة جديدة مختلفة، ومن شأن ذلك التأسيس لهدوء العلاقات الثنائية، والشروع في بناء وتعزيز منظومة التعاون المشترك في مجالات مختلفة.
ولقراءة هذا التطور من الزاوية المغربية، يتأكد صواب الحرص الديبلوماسي المغربي على ضرورة تعبير الدول عن موقف واضح وصريح من الوحدة الترابية ومغربية الصحراء، علاوة على أهمية المقاربة الهجومية في سلوك الديبلوماسية المغربية، وأيضا التفاعل مع منطق مصالح الدول وتموقعاتها في منظومات ومعادلات الأوضاع والتوترات والأزمات الإقليمية والدولية، وكل هذا أدى إلى بروز متصاعد للمملكة في الساحات القارية والعربية والدولية، باعتبارها فاعلا أساسيا لا بد من مراعاة مصالحه وثوابته وقضاياه الوطنية الكبرى.

<محتات‭ ‬الرقاص

[email protected]

الوسوم ,

Related posts

Top