بوعياش تحذر من افتعال الصراع بين الأديان وحقوق الإنسان

استحضرت أمنة بوعياش، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، خلال افتتاح أشغال المؤتمر العالمي حول حظر استخدام الأديان لأغراض سياسية، أمس الأربعاء بالرباط، تجربة دير تومليلين، المسيحي، الذي أحدث سنة 1952، قرب مدينة أزرو بالأطلس المغربي، والذي شكل نموذجا متفردا بالمغرب كفضاء حر غير مؤسساتي للحوار بين الثقافات والحضارا.
ووجهت بوعياش، من خلال استحضار تجربة تومليلين، دعوة للانتصار للحوار بين مختلف الشخصيات الفكرية بتعدد أطيافها الدينية والفكرية، خاصة وأنه ذكرت بما شهده دير تومليلين الذي يعني»الحجارة البيضاء» بالأمازيغية الذي بات ذاكرة جماعية، ومصدر إلهام، حيث كان ملتقى لعدة شخصيات من إفريقيا وآسيا وأوروبا وأمريكا ومن جميع الأديان.
وأوضحت في هذا الصدد، أن دير تومليلين استضاف تلك الشخصيات ضمن ما كان يطلق عليه «الملتقى الدولي لتومليلين” على مدى سنوات 1956 و1968، والذي انعقدت أولى، لقاءاته تحت رعاية المغفور له جلالة الملك محمد الخامس.
و من خلال مضامين كلمتها في جلسة الافتتاح هاته، التي أدارها الشاعر صلاح الوديع رئيس جمعية حركة ضمير وممثل منظمة بيبيون أنترناشونال بالمغرب، والتي تميزت بتدخلات لقامات وشخصيات فكرية ودينية من مختلف الديانات والأطياف، بعثت بوعياش بتطمينات للمشتغلين في الحقول الفكرية والفلسفية والذين يتم وصفهم بالعلمانيين، وكذا للفاعلين الديني على حد سواء بشأن أهداف المعاهدة ولحشد دعم جميع الأطراف لها.في المجال
وأشارت في هذا الصدد، إلى الدور الذي لعبه الفلاسفة والمفكرون من توجهات ومناطق وثقافات ومعارف متعددة، كل من موقعه وخلفياته، في إغناء مسلسل تأصيل حقوق الإنسان وتأسيسها الفكري، ووضع الإطار والمنهج الذي يكرس حماية الاختلاف والتنوع وحرية التفكير، والحق في ممارسة شعائر الدين وحرية العقيدة، على أساس المســاواة بــين الجميــع.
كما لفتت إلى بعض التجارب التي كان فيها للجهات الفاعلة الدينية دور في تعزيز حقوق الإنسان والنهوض بها، كتجربة برنامج «مصالحة» الخاص بإدماج وإعادة إدماج المدانين على خلفية قضايا التطرف العنيف والذي نفذ بشراكة بين المجلس الوطني لحقوق الإنسان والرابطة المحمدية للعلماء والمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج.

ونبهت إلى الحوارات التي جرت في أزمنة متعاقبة في مختلف بلدان العالم، بين حقوق الإنسان وبعض القيم الدينية، حيث يرى أغلب الحقوقيين أنها، ليست في جوهرها، صراعا بين «الأديان» و»حقوق الإنسان»، بل مفتعلة وضمن إيديولوجيات سياسية متطرفة، حكمتها وما زالت تحكمها، في الأغلب الأعم، تأويلات، تغفل جوهر حماية حقوق الإنسان للأديان وللحق في ممارسة شعائرها».
واعتبرت أن المقاربات والسياسات التي تهدف إلى مناهضة العنف الذي يرتكب باسم الدين، يجب أن تقوم على فهم شامل لجميع العوامل، كما يجب أن تنفذ وفق مقاربة تشاركية فاعلة ووفق منهج بيداغوجي يعتمد الحوار بالأساس.
ودعت رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان إلى جعل المؤتمر فرصة لتعزيز الفهم حول أوجه التفاعل بين الجوانب الحقوقية والمجتمعية والأبعاد التنموية في علاقتها بالأديان، والنهوض بثقافة حقوق الإنسان.
وأكدت بشأن إطلاق فكرة بلورة معاهدة عالمية من أجل حظر استغلال الأديان في السياسة، على أن السياق الحالي بات يتطلب إقرار هاته المعاهدة، على اعتبار «أن اتساع دوائر التعصب، العابر للحدود، والعنف القائم على رفض أفراد أو مجموعات، وحتى مجتمعات، يتعاظم بشكل متواتر، بفعل التحولات الكبرى التي يعرفها العالم، في قيمه ومن جراء الاتساع الكبير لوسائط التواصل الاجتماعي، التي ساهمت في نشر قيم عدائية لحقوق الانسان» تشير المسؤولة الحقوقية».
وأعربت بوعياش، عن تقدير المجلس لإثراء النقاش في القضايا الشائكة داخل المجتمع، خاصة وأن المجلس يسعى إلى جعل المرتكزات الحقوقية، بمبادئها ومعاييرها، بما تتضمنه من مساواة، وما توفره من إمكانيات للتصدي لكل أشكال التمييز والتطرف والنزوع نحو العنف والإقصاء، أساس ومرجعية لبلورة القوانين وتغيير المقاربات الداعية للكراهية، مع ما قد يترتب عنها من التحريض على العنف ورفض الآخر، المختلف باللون، أو العرق أو الجنس أو اللغة أو الدين».
وشددت على ضرورة قيام المجتمع بمحاربة ومحاصرة نزوعات الانطواء، واعتماد مقاربة متجددة ومبتكرة تواكب حركية التفكير وتنفتح على الإشكاليات الحقيقية للمجتمع، معتبرة أن المقاربات والسياسات التي تهدف إلى مناهضة العنف الذي يرتكب باسم الدين، يجب أن تقوم على فهم شامل لجميع العوامل، كما يجب أن تنفذ وفق مقاربة تشاركية فاعلة ووفق منهج بيداغوجي يعتمد الحوار بالأساس.

> فنن العفاني

Related posts

Top